ضرورة الحراك الفلسطيني

ضرورة الحراك الفلسطيني

03 ابريل 2022

فلسطيني متظاهر في احتجاج في قلقيلية ضد الاستيطان الإسرائيلي (25/2/2022/الأناضول)

+ الخط -

لا يمكن النظر إلى الحراك الفلسطيني الحالي، في الضفة الغربية خصوصاً، من منطلق أنه مواجهات موسمية تترافق مع بداية شهر رمضان تحديداً، فالتحركات اليوم تأتي في ظل متغيراتٍ سياسيةٍ وميدانيةٍ كبيرة مرتبطة بالقضية الفلسطينية، والأمر ليس مرتبطاً بالإجراءات الإسرائيلية فحسب، بل كذلك بما شهدته الأيام الأخيرة من عمليات طعن ودهس، ودخول "داعش" على خط الوضع الفلسطيني، وهو ما يُنظَر إليه بكثير من الريبة.

بداية التطورات الخاصة بالقضية كانت عبر اللقاءات العربية الإسرائيلية المتتالية، والمستمرّة، بداية من لقاء القاهرة الذي جمع الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي وولي عهد أبوظبي، ونهاية في الاجتماعات التي عقدها ملك البحرين مع مسؤولين إسرائيليين. وما بين هذين الحدثين، كان الاجتماع الأخطر الذي عُقد في النقب، وأُطلق عليه اسم "منتدى النقب" باعتباره بداية لتحالفٍ، قد يتوسّع، ويضم إلى اليوم إسرائيل والمغرب والبحرين ومصر والولايات المتحدة. وإذا كان العنوان الأساس لهذا "المنتدى" هو إيران، إلا أن خلفيته أخطر بكثير، ويتخطّى فكرة التطبيع نحو طي صفحة اعتبار إسرائيل عدواً في المنطقة أو جسماً غريباً عنها، الأمر الذي ينعكس مباشرة على القضية الفلسطينية التي باتت بالنسبة لهؤلاء العرب غير موجودة، فخلال اللقاء الخماسي، لم يتطرّق أيٌّ من الوزراء العرب، باستثناء وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى القضية الفلسطينية وضرورة حلها، بل كان التركيز على "التحالف والروابط" التي تجمع هؤلاء العرب بإسرائيل.

الحراك الفلسطيني الضروري الآن هو ردّ على هذا الإلغاء الكلي للقضية، خصوصاً بعد الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، والتي جاءت ردّاً على العمليات الثلاث التي نُفّذت في الداخل المحتل خلال الأيام الماضية. الإجراءات، وبغضّ النظر عما تحمله من تضييقٍ على حياة الفلسطينيين، إلا أنها أيضاً تفتح الباب أمام المستوطنين الإسرائيليين لاستهداف أي فلسطيني "يشكّون" في أنه قد يكون منفّذاً محتملاً لهجومٍ على مصالح إسرائيلية، وهو ما ترافق مع السماح لهؤلاء المستوطنين بالتسلح على الطريقة الأميركية.

وبصرف النظر عن الموقف من العمليات الثلاث، والتي من الواضح أنها جاءت فرديّةً، إلا أن الحراك الفلسطيني ضروري أيضاً لمواجهة تبنّي تنظيم "داعش" الإرهابي إحدى هذه العمليات، وهو أمر جديد على الوضع الفلسطيني ومقاومته بأشكالها كافة، إذ إن التنظيم لم يسبق له أن تبنّى عملية في الأراضي الفلسطينية سوى في مرة واحدة عام 2017. "داعش" اليوم لم يكتفِ بتبنّي عملية الخضيرة، بل نشر تفاصيلها مع اسمي منفذيها وصورة لهما وهما يعلنان "البيعة" للتنظيم.

دخول "داعش" على الخط الفلسطيني يثير الكثير من الريبة والقلق، خصوصاً بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، فوجود التنظيم في الداخل الفلسطيني، ومع أنه لم يتحوّل إلى ظاهرة، يحمل الكثير من الخطورة، ولا سيما أن القضية الفلسطينية ليست ضمن أولويات "داعش" التي تطمح إلى تأسيس ما تسمّيها "الدولة الإسلامية"، وهو ما فعلته سابقاً في سورية، وما حمل معه من كوارث على السوريين وثورتهم على النظام. فوجود "داعش" على الساحة الفلسطينية لن يلبث أن يتحوّل إلى العمل ضد الفلسطينيين أنفسهم، وهو ما تدركه الفصائل الفلسطينية كافة، وتحديداً حركة حماس، والتي سبق أن واجهت نواة إنشاء هذا التنظيم في قطاع غزة في عام 2009، بعدما أعلن تنظيم أنصار الله في ذلك الحين إقامة "الدولة الإسلامية"، وهو ما عُرف حينها بمعركة مسجد ابن تيمية.

إذاً، الحراك الفلسطيني الميداني وتطويره ضرورة لمواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي تحيق بالقضية الفلسطينية وتهدد وجودها.

حسام كنفاني
حسام كنفاني
صحافي لبناني، يشغل حاليًا منصب مدير قطاع الإعلام في فضاءات ميديا، له منشورات في عدّة صحف لبنانية وعربية. يعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من 25 عامًا، وهو من مؤسّسي موقع وصحيفة "العربي الجديد".