سجالات ترسيم الحدود التونسية الليبية... سياسياً وتاريخياً
طفا مجدّداً على سطح الوقائع السياسية في تونس موضوع إعادة ترسيم الحدود التونسية الليبية، وكان القادح هذه المرّة تصريح وزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، في البرلمان، بمناسبة مناقشة موازنة وزارة الدفاع، يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ضمن ردّه على مداخلة النائب علي زغدود، عن معتمدية بنقردان المتاخمة للتراب الليبي، ورئيس كتلة "لينتصر الشعب"، الموالية والمحسوبة على الرئيس قيس سعيّد.
جاء في مداخلة عضو البرلمان: "جزءٌ كبير من الأراضي التونسية للأسف بقي خارج الساتر الترابي والمسافة والمساحة تتوسّع من ثلاثة كيلومترات إلى ستة كيلومترات وهي أراضٍ في طول أكثر من 150 كيلومترا ونخشى أن يتحوّل هذا الساتر الترابي بعد مدّة إلى حدّ طبيعي وتبقى الأراضي التونسية خارج الاستغلال".
يبدو أن مداخلة النائب كانت مثيرة للوزير، ودفعته إلى الإجابة بحماسٍ شديد، حماس برز من خلال أسلوبه في الردّ، وطريقة كلامه التي أعطت الانطباع بأنّ القضية المُثارة مسألة وطنية بامتياز، والحال أنّ سجالات الحدود التونسية الطرابلسية ومسألة التخوم والنزاعات الدائرة بسببها، ترجع إلى اجتماعي زوارة سنة 1893 وطرابلس عام 1910 وفق ما ذكره كلّ من المؤرخ الفرنسي، أندري مارتال، في أطروحته "تخوم تونس الصحراوية-الطرابلسية 1881-1911"، والمؤرّخ التركي عبد الرحمان التشايجي في كتابه "المسألة التونسية والسياسة العثمانية 1881-1913".
قال وزير الدفاع التونسي: "بالنسبة للساتر الترابي مؤكّد أنّ وزارة الدفاع الوطني لم ولن تسمح بالتفريط في أيّ شبر من التراب الوطني"، واعتبر أنّ "رسم الحدود ومتابعته يتمّان على مستوى لجنة مشتركة تونسية ليبية دورها تحديد وضبط الحدود وهي متكوّنة من وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية على غرار اللجنة المشتركة التونسية الجزائرية لرسم الحدود"، مضيفا: "لا بدّ من الدقّة وأنا أعدكم بأن أقوم بزيارة ميدانية حتى أطّلع على الواقع هناك وأتخذ الإجراءات الضرورية، المبدأ أنه لا تفريط في شبر واحد من تراب الجمهورية".
ردود فعل
تعدّدت ردود الفعل الليبية على كلام الوزير التونسي واختلفت في نبرتها، ففي حين اكتفى البيان الصادر يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في ليبيا الراجعة بالنظر إلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالقول: "تؤكد وزارة الخارجية الليبية أن ملف ترسيم الحدود الليبية-التونسية قد أُغلق بشكل كامل منذ أكثر من عقد، من خلال لجنة مشتركة بين البلدين، وأصبح منذ ذلك الحين ملفّاً مستقراً وثابتاً وغير مطروح للنقاش أو إعادة النظر"، جاءت تصريحات النائب الليبي ورئيس لجنة الأمن القومي، طلال مهيوب، لصحيفة المرصد الليبية مشحونةً ولا تخلو من حدّة، فقد عبّر المهيوب عن استغرابه تصريحات وزير الدفاع التونسي في هذا الوقت بشأن الحدود بين البلدين، وأبدى استنكاره هذه التصريحات، ووصفها بغير المسؤولة، واعدًا بأنّ مجلس النواب الليبي سيخاطب نظيره التونسي في شأنها، محذّراً من المساس بالحدود بين ليبيا وتونس، ومؤكّدًا ضرورة احترامها، وقد خلُص إلى أنّ "أي خطوة في هذا الاتجاه لن يتم الاعتراف بها ومجلس النواب سيعقد جلسته القادمة لمناقشة تصريحات السهيلي".
لم يحظ تصريح الوزير باهتمام يُذكر من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التونسية، بينما شكّل مادة دسمة إعلامية وسياسية في وسائل الإعلام الليبية والدولية. ونشرت صحيفة الوسط الليبية مقالًا في موقعها الإلكتروني بعنوان "وزير الدفاع التونسي: لجنة حدودية لترسيم الحدود مع ليبيا"، اتهمت فيه السلطات التونسية بضم أراضٍ ليبية بالقول: "منذ عامين كشفت السلطات الليبية عن تحويل جزئي للعلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس، في منطقة سانية الأحيمر والتي تتبع الأراضي الليبية. وحسب بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو/ تموز 2022، فإنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان شرق (السانية) بمسافة تقدر بحوالي 150 مترًا شرقاً ونحو 6 كيلو جنوبًا". وهو ما كشفته اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قبل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وفق نصّ المقال.
السجالات الحدودية التونسية الليبية تخفي مصالح أمنية وأخرى متعلّقة بالنفط
واعتبر الباحث السياسي الليبي، فرج زيدان، في مداخلة تلفزيونية أنّ بإمكان الحكومة الليبية في طرابلس استدعاء السفير التونسي، وأن تطلب منه التوضيحات بشأن مسألة خطيرة تتعلّق بتضاريس الدولة الليبية، وتتعلّق بأكبر مسألة سيادية وبالتراب وبالأمن القومي، وأنّ الأمر يتعلّق بقضم للتراب الليبي وعلى مجلسي النواب والدولة الليبيين التحرّك تجاه هذه المسألة السيادية، رغم ظرفية الانقسام الحالي.
ونشر موقع قناة الحرّة الأميركية مقالًا بعنوان "ملفات النفط والأمن... هل تلجأ تونس وليبيا للقضاء الدولي بشأن الحدود؟"، فيه تلميح إلى أنّ السجالات الحدودية التونسية الليبية تخفي مصالح أمنية وأخرى متعلّقة بالنفط، وأنّ الذهاب بالملف الحدودي التونسي الليبي إلى المؤسّسات القضائية الدولية غير مستبعد، مستندة في تأويلها إلى زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد مقرّ المؤسّسة التونسية للأنشطة البترولية يوم 16 مارس/ آذار 2023، وتصريحه بأن "تونس لم تحصل إلا على الفتات القليل من حقل البوري"، وأنّ "النية كانت تتّجه إلى قسمة هذا الحقل إلى نصفين بين تونس وليبيا، ما من شأنه أن يؤمن كل حاجيات تونس وأكثر".
وتناولت إذاعة مونت كارلو الدولية الفرنسية موضوع ترسيم الحدود الليبية التونسية، ذاكرة في ما نشر على موقعها يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بعنوان "إثر انطلاق ترسيم الحدود مع ليبيا وزير الدفاع التونسي يصرح": "لن نفرط في شبر من أرضنا" إلى أن للمسألة أبعادًا تاريخية، بسبب ما عاشته تونس وليبيا في أوقات سابقة من توترات الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما، معتبرةً أنّ أصل المشكلة يعود إلى حقبة الاستعمارين الفرنسي والإيطالي في شمال أفريقيا. وتواصل الأمر بعد استقلال تونس في 1956 وليبيا في 1951، وترجع إعادة النظر في الحدود، حسب الإذاعة الحكومية الفرنسية، إلى الاكتشافات النفطية في الصحراء الكبرى، ما زاد من الأهمية الاستراتيجية لهذه المناطق الحدودية. هذا من دون نسيان فترة سبعينيات القرن الماضي، التي سعت ليبيا، في أثنائها، إبّان حكم العقيد معمّر القذافي، إلى توسيع نفوذها في المنطقة المغاربية، ما أدّى إلى بعض التوترات مع تونس، على حدّ تعبير الراديو الحكومي الفرنسي.
العلاقات التونسية الليبية المتينة شعبياً كثيراً ما كانت تخفي هشاشة سياسية ومؤسّسية تبرز عند الأزمات
ويبدو من تلك المواقف وغيرها ممّا هو منشور في مواقع افتراضية إقليمية ودولية كثيرة، أنّ تصريحات الوزير التونسي لم تُؤخذ في تلقائيتها، فعالم السياسة والجيو- سياسة والعلاقات الدولية لا يعرف التلقائية في المواقف ولا يُعترف بها، وإنما أُخذت أنها تصريحات جدّية ذات حساسية عالية في العلاقات بين الدول التي تشترك في الحدود.
ويُفهم من المكالمة الهاتفية يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني بين وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، والمكلّف بتسيير وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بدولة ليبيا الطاهر سالم محمد الباعور، التي تؤكّد "عُمق ومتانة علاقات الأُخُوّة والتّعاون القائمة بين تونس وليبيا"، بأن تلك المكالمة تندرج ضمن محاولات السلطات التونسية التخفيف من الآثار الناتجة عما أدلى به الوزير التونسي من مواقف حول المسألة الحدودية.
اتفاقيات سابقة
من الناحية التاريخية، الحدود التونسية الليبية، الممتدّة على 459 كيلومترا، نتاج اتفاقية تعود إلى سنة 1910، بعدما اشتغلت لجنة مشتركة فرنسية عثمانية لفترة زمنية تواصلت من 11 إبريل/ نيسان إلى 19 مايو/أيار من السنة نفسها، تاريخ التوقيع النهائي بين السلطات الاستعمارية الفرنسية التي تحتلّ تونس آنذاك والسلطة العثمانية التي تتولى أمر ولاية طرابلس. فلم يكن للحكومات التونسية التي تشكلت منذ استقلال تونس سنة 1956، والحكومات الليبية بعد إعلان الأمم المتحدة استقلال ليبيا سنة 1951 وما تلاه من تولي القذافي الحكم 1969-2011، الدور الحاسم في رسم تلك الحدود.
وحسب المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة، التي أوردها ليون برفنكيار في دراسته التي عرّبها وعلّق عليها ونشرها سنة 2012 الضاوي موسى "أسرار ترسيم الحدود التونسية الليبية"، "تبدأ الحدود بين إيالة تونس وولاية طرابلس من نقطة رأس جدير على البحر المتوسط في اتجاه عام شمالي جنوبي، ثم تصعد مع مجاري المياه المتتابعة لأودية المقطة وخوي صميدة تاركة لتونس كل نقاط المياه الواقعة في غرب الحدود، ولكن مع إعطاء الطرابلسيين حق استعمال آبار عين الفرث وعين النخلة وشقّة المزطورة وعقلة الحمار، ثم تتبع الحدود خطّ تقسيم المياه بين وادي بني قدال حتى تبلغ هضبة طويل الذهيبات التي تبقى لتونس، ثم تصل إلى قرعة الروحي تاركة وادي شعبة التائبة لطرابلس ثم تنطلق لتصل بعد ذلك ظهرة النصف ومسجد سيدي عبد الله الذي بقي لطرابلس، وانطلاقاً من خنقة العفينة التي تتبع تونس، تترك الحدود لتونس واديي مرتبة الاثنين وتتبع بصورة عامة القمم الصخرية المشرفة مباشرة على شرق وادي مرتبة الظاهري حتى وادي الأرزط، غير أنها تترك لطرابلس الأودية العليا للروافد الشرقية لوادي مرتبة والمنزلة وتترك لتونس الطريق العسكري من الذهيبة إلى الجنين". وأتمت المادة الثانية من الاتفاقية مسار الحدود، وجاء فيها "بعدما تترك الحدود وادي مرتبة تحاذي الضفة اليسرى لوادي الأزرط تاركة إلى شمالها الطريق العسكري من ذهيبة إلى الجنين، وعندما تصل إلى حوالي عشرين كم من مركز مخزن الجنين تتحول جنوبا لتصل طويل علي بن عمار ثم زار، وبعد أن تمر الحدود بين بئري زار المفتوحتين والموجودتين في سيح المثل تتجه نحو مشيقيق التي تبقى بئرها لطرابلس ولكن مع تقسيم الأراضي المحتوية على المياه بطريقة عادلة بين البلدين، وتتجه الحدود أخيرا نحو غدامس متبعة خط أبعاده متساوية من كل طريق جنين غدامس وطريق نالوت غدامس، وعند التقاء هذين الطريقين تتجه الحدود نحو غدامس مبتعدة 2 كم عن جزء طريق سيناون-مجزم-غدامس، وبعد ذلك تتبع مصب الماء الذي يربط سبخة الملح بسبخة مجزم ثم تحاذي ضفته الشمالية لتتجه بعد ذلك غربا ثم جنوبا متبعة على بعد كيلومتر واحد ضفة الملاحة، تاركة لمدينة غدامس سبخة الملح، ويتجه جنوبا إلى نقطة تبعد خمسة عشر كيلومترا جنوب دائرة عرض غدامس".
لم تستطع السلطات الحاكمة في تونس وليبيا، رغم عمق العلاقات التاريخية، إرساء مقاربة جديدة قوامها مفهوم التخوم بدلاً من الحدود
ووفق ما جاء في كتاب محمد رضوان "منازعات الحدود في العالم العربي: مقاربة سوسيو-تاريخية وقانونية لمسألة الحدود العربية" وفي الدراسة المنشورة سنة 2019 بمجلة البحوث الأكاديمية للباحثة حواء أحمد المطرودي بعنوان "الحدود الليبية التونسية: دراسة في الجغرافيا السياسية"، فإنّ الحدود التونسية الليبية قد بقيت على حالها منذ أنهت اللجنة الفرعية المشتركة الفرنسية العثمانية أعمالها، وهي التي وضعت الأعمدة وحدّدت المعالم الطبيعية كعلامات وشواهد على الأرض في الأوّل من مارس/ آذار 1911 وتضمينها في محضر مشترك، مع وقوع تغيير طفيف، حيث تخلّت تونس، في نقطة الالتقاء بينها وبين الجزائر وليبيا على الجزء الممتد من النقطة المعروفة بفورت سانت وحتى قرعة الهامل، فأصبحت النقطة الثلاثية بين العلامتين الحدوديتين 220 و221 بدلًا من النقطة 233 وفقًا للتفاهمات بين تونس والجزائر سنة 1968 والمعاهدة الحدودية بينهما وعنوانها "الاتفاق حول خط الحدود بين بئر الرومان والحدود الليبية" الموقعة بين البلدين في 5 جانفي (يناير/ كانون الثاني) 1970. وبموجب هذه المعاهدة، فإنّ رغبة الجزائر في الحفاظ على الحدود الجزائرية التونسية الموروثة عن الاستعمار الفرنسي التي تمّ ضبطها سنة 1919 قد تحقّقت، كما نصّت ديباجة المعاهدة على تنازل الدولة التونسية عن مطالبتها بالقطعة الترابية الممتدّة من فورت سانت إلى نقطة الحدود 233، وأُعيد إقرار تلك المعطيات الحدودية ومختلف التفاهمات والاتفاقيات في معاهدة الأخوة والوفاق التونسية الجزائرية الموقعة في 19 مارس/ آذار 1983.
كانت المسألة الحدودية التونسية الليبية موضوع اختلاف وسجالات سياسية ومناكفات تونسية ليبية عندما قرّرت السلطات التونسية مراقبة حدودها مع ليبيا، عبر الإسراع في إنشاء الساتر الترابي سنة 2015، وقد تمّ إقراره من حكومة الترويكا الثانية في أغسطس/ آب 2013، وذلك على خلفية العمليات الإرهابية التي تعرّضت لها البلاد في متحف باردو ونزل أمبريال مرحبا بسوسة وحافلة الأمن الرئاسي، على يد مقاتلين تونسيين ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابي مدرّبين على حمل السلاح بقواعد التنظيم بليبيا، وهي عمليات ذهب ضحيتها العشرات من التونسيين والأجانب وضربت الاقتصاد والأمن الوطنيين التونسيين في مقتل.
ساتر ترابي
والساتر الترابي هو خندق وجدار رملي يمتد من معبر رأس جدير ويتجه جنوباً ليقترب من معبر ذهيبة وازن الحدودي على طول 220 كيلومترا ويصل عمق الخندق إلى مترين أو يزيد بكلفة قدّرت آنذاك بـ75 مليون دولار. ورغم أنّ الساتر أقيم بداخل الأراضي التونسية ويبعد ثلاثة كيلومترات على الحدود التونسية الليبية فقد أسال حبرًا كثيرا ورفضته حكومة الإنقاذ الليبية وقوات فجر ليبيا.
وقد يكون لذلك الساتر دور مهمّ في التصدّي للتهريب ومراقبة الحدود، إلا أنّه وبعد مرور تسع سنوات على إنشائه لا يزال يثير النقاشات والاختلافات داخل تونس وخارجها، وربما يؤدّي إلى توتّر العلاقات الدبلوماسية أو انقطاع الحركة التجارية والاقتصادية والخدمية والإضرار بمصالح المواطنين في البلدين، فالعلاقات التونسية الليبية المتينة شعبياً كثيراً ما كانت تخفي هشاشة سياسية ومؤسّسية تبرز عند الأزمات.
ولم تستطع السلطات الحاكمة في تونس وليبيا، رغم عمق العلاقات التاريخية، إرساء مقاربة جديدة قوامها مفهوم التخوم بدلاً من الحدود، كما هو الحال في علاقات الدول الأوروبية رغم اختلافاتها وتبايناتها الهووية والدماء التي سالت بين شعوبها والمعارك التي دارت بين دولها في الحربين الكونيتين الأولى والثانية. ذلك أنّ التخوم تحيل على وجود فضاءات تنموية تدفع إلى الاستقرار على الجانبين من دون حواجز، ناهيك بأنّ ساكني المناطق المتاخمة للحدود الليبية والتونسية تربطهم روابط الدم والعشيرة والأصل المشترك في أحيان كثيرة. وينطبق هذا الأمر على العلاقات البشرية التونسية الجزائرية، أمّا الحدود فأبعادها أمنية ورقابية صرفة، وكلّما تقدّمت المجتمعات كانت مدنها وتجمعاتها الحدودية فضاءات مشتركة، وكلّما تخلفت قسّمتها الأسلاك الشائكة والجدران الفاصلة.