الحرب في أوكرانيا .. المرحلة الثانية

الحرب في أوكرانيا .. المرحلة الثانية

08 ابريل 2022
+ الخط -

تهدف الولايات المتحدة من تزويد أوكرانيا بأسلحة جديدة إلى إطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب استنزاف، نتيجتها في صالح أوكرانيا، وخسارة روسيا عسكريا وسياسيا. وهذا يشكّل، في هذه المرحلة، بديلا للتدخل المباشر، في وقتٍ يجعل تقدّم الحرب من الدفاع أكثر مرونة، ويفرض إدخال تعديلاتٍ على نمط القتال، حسب وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الذي كشف، أمام مؤتمر المانحين العسكريين لأوكرانيا في لندن، الأسبوع الماضي، أنه بعد تغيير تكتيك الروس على الأرض، جرى بحث تغيير التكتيك وإضافة أسلحة جديدة لدعم الجيش الأوكراني. وقال إنه جرى الاتفاق على رفع مستوى الدعم العسكري، من خلال تقديم أسلحة فتاكة إضافية، وتزامن ذلك مع قرار واشنطن تزويد الجيش الأوكراني بأسلحةٍ جديدة أكثر تطوّرا من تلك التي تلقاها خلال المرحلة الماضية من عدة أطراف دولية، وكانت دفاعيةً ضد الدروع والطيران. ومن المقرّر أن يحصل الجيش الأوكراني من أميركا على صواريخ موجّهة بالليزر وطائرات مسيّرة ودبابات روسية الصنع. ووفقًا لموقع التحليل العسكري أوريكس، استولت أوكرانيا على 161 منها على الأقل من روسيا في ساحة المعركة. وتخطّط واشنطن أيضًا لشحن مائة نظام جوي تكتيكي بدون طيار، طائرات صغيرة بدون طيار، غالبًا ما يتم إطلاقها يدويًا، وتكون صغيرة بما يكفي لتناسب حقائب الظهر، ويمكن للجنود استخدامها لتوسيع نطاق ساحة المعركة، أو في بعض الحالات، للهجوم، بشكل أساسي لصنع قنابل طائرة يمكن توجيهها إلى الأهداف من مسافة بعيدة.

ومن الواضح أن هذه الأسلحة لغير نمط من القتال الذي دار حتى الآن، ولم تنجح فيه القوات الروسية باقتحام المدن التي حاصرتها. ولذلك قرّرت أن تمتصّ الصدمة الأولى، قبل أن تقوم بخطوة إلى الوراء، وتنتقل إلى المرحلة الثانية من الحرب، والتركيز على الشرق، وهذا ما يفسّر الانسحابات التي قامت بها في نهاية الأسبوع الماضي من محيط مدينة كييف تلاحقها اتهامات بارتكاب جرائم حرب، بعدما واجهت مقاومةً شرسةً فرضت عليها تغيير خططها التي أعلنت عنها موسكو في الرابع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي. وبدلا من الاستيلاء على المدن الكبرى وإسقاط الحكومة وتنصيب حكومة موالية، قرّرت روسيا وضع ثقلها العسكري في حرب الاستيلاء على لوغانسك ودونيتسك، وهذا لا يعني أنها تلقت هزيمة نهائية في أوكرانيا، بل خسرت معركة، وهذا ما استدعى تغيير الخطة الأولى، ما فرض على الطرف الآخر اتباع الأسلوب نفسه، والانتقال إلى معارك جديدة تختلف عن تلك التي خاضتها القوات الأوكرانية، وسيكون عنوان المرحلة الجديدة تحرير الأراضي التي احتلتها روسيا في الشرق والجنوب، ومنعها من التمركز من أجل ضم الجمهوريتين الانفصاليتين.

ويبدو أن القتال سوف يشتد في المرحلة المقبلة، وتكون الخسائر أكبر من الطرفين. وبذلك يصبح هدف وقف إطلاق النار بعيدا في المدى المنظور، رغم أن أوساط بوتين تضرب موعدا لذلك بعد شهر، في التاسع من مايو/ أيار المقبل، الذي يصادف يوم استسلام ألمانيا ونهاية الحرب العالمية الثانية. إلا أن ما تطرحه واشنطن لوقف إطلاق النار ووضع نهاية للحرب هو أن تخرج روسيا ضعيفة من الحرب، وتتحمل كلفة إعادة إعمار أوكرانيا، وهذه نقطةٌ سبق أن أثارها الرئيس الأميركي جو بايدن، ولكنه لم يتوقف أمامها مطوّلا، ما يعني أنها على جدول الأعمال، وتنتظر اللحظة المناسبة، وهي تحضر في تصريحات المسؤولين الأميركيين. وقالت مساعدة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند: "النهاية الوحيدة لهذه الحرب عندما يتعرّض بوتين إلى هزيمة استراتيجية". وهذا يفرض على واشنطن وحلفائها الالتزام بمساعدة أوكرانيا في المرحلة الثانية من الحرب، وتقوية موقف الأوكرانيين في ساحة المعركة، وعلى طاولة المفاوضات، واستمرار تدفق المساعدات العسكرية والإنسانية والاقتصادية.

1260BCD6-2D38-492A-AE27-67D63C5FC081
بشير البكر
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد