احذر الزوجة السامّة

احذر الزوجة السامّة

04 مايو 2022

الممثلة الأميركية أمبر هيرد في قاعة المحكمة في فرجينيا (2/5/2022/فرانس برس)

+ الخط -

طالما اقتنعتُ بأن الأزواج قد يكونون أحياناً ضحايا للزوجات، لأننا اعتدنا، منذ زمن بعيد، أن نسلّم بقاعدة ظلم الزوج للحلقة الأضعف في المجتمع عموماً، وهي المرأة، وكنا وما زلنا نبتهج، حين ينتصر القانون لامرأة مظلومة، فهي دائماً من تقصد أبواب المحاكم، وتولّي وجهتها شطر مكاتب المحامين الذين "يأكلون عيش" من وراء قضايا المرأة، بمختلف أشكالها وألوانها، مثل قضايا تعرّضها للعنف الأسري، وتعرّضها لسلب حقوقها، والنزاع على حضانة الأطفال مع شريكها.

ولكن، كما قلت، هناك دائماً القصة المعكوسة، فمن الممكن أن يقع الزوج البسيط ضحية للزوجة. فقبل أيام قليلة، وبمناسبة التحضيرات لاستقبال عيد الفطر، سمعنا عن حادثة ضرب سيدة ستينية زوجها، بسبب نزاعها معه على مشتريات العيد التي تمثل عبئاً مضافاً في كل بيت، يحوّل كل مناسبة إلى أزمة. ففي كل بيت عربي تبدأ تلك المشكلات التي قد تفضي أحياناً إلى الطلاق، ولكن في القليل منها يكون الزوج هو المظلوم والمجنيّ عليه.

وفي حياة المشاهير، غالباً ما نسمع، وحسبما ترصد الأخبار المتتبعة حياتهم، قضايا عنف أسري وزوجي تتعرّض له النجمات الشهيرات، إلى درجة أن يشهق أحد المعجبين بنجمة باهرة الجمال، ويتساءل في غضبٍ كيف يسمح زوجها لنفسه بأن يرفع يده ليصفع هذا الوجه الجميل. ورغم أن أم كلثوم لم تكن فائقة الجمال، إلا أن هناك حادثة تعرّضها للضرب على يد زوجها الدكتور حسن الحفناوي، وأن جمال عبد الناصر هرع لنجدتها. ومؤكد أن لعنات قد طاردت الحفناوي بسب فعلته، بتلك القمة عند كل عربي، حسبما قال عبد الناصر وقتها.

ولكن اليوم نحن أمام قضية معكوسة أصبحت تشغل الرأي العام، وهي تعرّض الممثل الأميركي الشهير، جوني ديب، للعنف الزوجي من زوجته، أمبر هيرد. وهذه القضية صادمة، حيث تاريخ العنف والتجاوز عند الرجل يؤهله لأن يكون الجاني دائماً كما أشرت، ولكن الزوجة، هذه المرّة، قد بلغ بها التعنيف مبلغه إلى درجة أن قالت له، خلال تسجيل صوتي أظهره محاموه: "أخبر العالم جوني، أخبر العالم، أنا، جوني ديب، رجل أبيض، أنا ضحية للعنف المنزلي، وانظر من سيصدّقك، انظر كم من الناس سيقفون إلى جانبك". ومن خلال هذه التهديدات، نكتشف أن الزوجة قد استغلت ما تحصل عليه النساء عادة من تأييد، حين يدّعين أنهن تعرّضن للضرب، فلدى أمبر هيرد تصوّرٌ مسبقٌ عن مناصرة عمياء للمرأة.

ما تعرّض له النجم جوني، ورغم سمعته المعروفة بتعاطيه المخدّرات والخمر، حدَتْه إلى رفع قضية تعويض بمبلغ مالي ضخم بتهمة التشهير به، بسبب ما ألحق به من أذى من ناحية العروض الفنية التي فقدها، بعد أن كان جوني نجم سلسلة أفلام قراصنة الكاريبي التي تنتجها شركة ديزني، وقد أوقفت التعامل معه بعد ستة أيام من نشر مقالٍ لهيرد في "واشنطن بوست" عن تعرّضها للعنف الزوجي، من دون الإشارة إلى اسمه، لكن الجميع أدرك مقصدها.

المثير للتساؤل في هذه القضية التي انتهت بانتصار الرجل، هو: ماذا لو لم يكن جوني ديب يمتلك تلك التسجيلات، وهل من المفروض على كل زوج وزوجة أن يوثقا أكثر العلاقات الخصوصية من خلال الكاميرات والتسجيلات، لأن يوماً ما سيأتي، وتصبح هناك حاجة لها، ما يعني أن العلاقات الزوجية لن تكون مبنية على الثقة والأمان بعد اليوم.

والمثير للتساؤل أنه هل يجب ربط العلاقات الزوجية بعلاقات العمل، حيث تصرّفت شركة ديزني بغباء، حين سحبت منه دوره الشهير بسبب طغيان تأثير منظّمات حقوق المرأة التي تناصرها، ما أفسد العلاقات الإنسانية إلى درجة ترويج الحذر من الزواج بزوجة "توكسيك" (زوجة سامّة)، رغم أن على القانون أن ينصر الحقّ، بغضّ النظر عن جنس المطالِب به أو المجني عليه؟

avata
سما حسن
كاتبة وصحفية فلسطينية مقيمة في غزة، أصدرت ثلاث مجموعات قصصية، ترجمت قصص لها إلى عدة لغات.