اتفاق وقف الحرب على غزّة... ملامحه ودوافعه والتحدّيات التي تواجهه

13 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 16:22 (توقيت القدس)

حافلة للصليب الأحمر تقل أسرى فلسطينيين مفرج عنهم تصل إلى رام الله (13/10/2025 فرانس برس)

+ الخط -

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، موافقة إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على خطة السلام التي اقترحها لوقف الحرب في قطاع غزّة. وجاء رد الحركة حول النقاط التي توافق عليها في الخطة من دون التطرّق إلى ما لا يتفق مع موقفها، ومن ذلك استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب البدء في انسحاب تدريجي لقواتها من قطاع غزّة (وهو ما لم يرد في خطة ترامب على نحو واضح). وفي المقابل، أقرّ مجلس الوزراء الإسرائيلي الاتفاق بعد يوم من إعلان الوسطاء عنه رسميّاً. وبينما عدّ ترامب رد "حماس" الإيجابي في صيغته بمنزلة موافقة على الخطّة، تفاجأت إسرائيل بهذا التفسير؛ إذ اعتبرته موافقة على المرحلة الأولى فحسب، وظل رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، يكرّر ضرورة تنفيذ المراحل الأخرى، التي تشمل نزع سلاح "حماس". وعلى الرغم من التفاؤل المحيط بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، فإن غموضاً يكتنف المراحل اللاحقة، لا سيما ما يتعلق بآليات التنفيذ وضمانات وقف الحرب نهائيّاً.

دوافع التوصل إلى وقف إطلاق النار

أسهمت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة في تعميق عزلة إسرائيل الدولية، وأحدثت تحوّلات عميقة في توجهات الرأي العام العالمي نحوها، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، فقد بيّنت استطلاعات الرأي العام تفوق تعاطف الأميركيين مع الفلسطينيين على تعاطفهم مع إسرائيل، أول مرّة، وامتد هذا التحوّل إلى المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، في أوساط الشباب. وفي موازاة ذلك، تصاعدت الاحتجاجات في مدن العالم وعواصمه، وعلى المنصّات الرقمية، مطالبةً بوقف حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل، وإنهاء تجويع الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية، وكسر الحصار الخانق على القطاع. وانعكست هذه الضغوط الشعبية في تغيّر مواقف عدة دول غربية معروفة تاريخيّاً بدعمها إسرائيل، مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، والتي اتّجهت إلى الاعتراف بدولة فلسطين في مؤتمر حل الدولتين، الذي عُقد على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر/أيلول 2025، على الرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن وتل أبيب. 

أصبح استمرار الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل عبئاً سياسياً وأخلاقياً على واشنطن

وفي بُعد آخر، شكّلت هذه الحرب تحدّيّاً للدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل؛ إذ بات من الصعب الاستمرار في التماهي مع السردية الإسرائيلية بعد عامين على حرب الإبادة، وتصاعد الغضب الدولي إزاء جرائم إسرائيل وصلفها، وتزايد الدعوات في التعامل معها بوصفها دولة منبوذة ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومع قادتها باعتبارهم مطلوبين للعدالة الدولية؛ ما زاد من العبء على الولايات المتحدة في دعمها لها دوليّاً. وبرزت بوادر التحول أيضاً في موقف الرئيس ترامب، الذي يعدّ أكثر الرؤساء الأميركيين دعماً لإسرائيل؛ إذ بدا أنه فقد صبره إزاء رغبة نتنياهو في الاستمرار في الحرب من دون أفقٍ واضحٍ لإنهائها، ولا سيما مع استعداد إسرائيل لاحتلال مدينة غزّة، التي يقطنها نحو مليون فلسطيني وشروعها في تهجيرهم، واحتمال ارتكاب مجازر مروعة في حقّ المدنيين. وإضافة إلى ذلك، أدّت رغبة ترامب الشديدة في الحصول على جائزة نوبل للسلام دورًا مهمّاً أيضاً في تحول موقفه نحو وقف الحرب في غزّة، حيث يجهد في ترسيخ صورته "صانع سلام" في صراعاتٍ عديدة حول العالم.
وتزايد الحرج الأميركي من سياسات نتنياهو خصوصاً عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف دولة قطر في 9 أيلول 2025، وما أثاره من موجة غضبٍ في الأوساط العربية والإسلامية. ويبدو أن العدوان الإسرائيلي الفاشل على الوسيط القطري، والذي جاء متزامناً مع موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وتزايد عزلة إسرائيل والولايات المتحدة على الساحة الدولية، والتحولات العميقة في توجهات الرأي العام الأميركي والدولي، مثّلت كلها مجتمعةً نقطة تحوّل دفعت ترمب إلى إعلانه أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزّة؛ فاغتنم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد اجتماع مع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية، أبرزها قطر وتركيا والسعودية والأردن وباكستان ومصر، لبلورة خطته لوقف الحرب، واستُدعي في إثرها نتنياهو إلى واشنطن لإبلاغه بذلك.
أعلن ترامب عن خطّته المؤلّفة من 21 نقطة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو في البيت الأبيض، والتي كانت في الحقيقة صياغة إسرائيلية، شملت النقاط التي تكرّرها إسرائيل بوصفها أهداف الحرب، وجاءت إنقاذًا لنتنياهو من العزلة الدولية بتحويل شروطه لوقف الحرب إلى مبادرة دولية. وقد شكّل الإعلان عن الخطة، وتأييد دول عربية وإسلامية لها، على الرغم من عدم أخذ أيّ من اقتراحاتها في الاعتبار، حرجاً كبيراً لحركة حماس؛ ما دفعها إلى إصدار بيان يُظهر استعدادها للتعامل مع الخطة من باب إحداث ديناميكية تصعِّب العودة إلى الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين (جميعهم جنود وضباط) الذي تحولوا إلى عبءٍ عليها. والرهان أن ينجم عن إطلاق سراحهم واحتفاء ترمب بإنجازه أجواء دولية ضد العودة إلى الحرب معنوي أساساً. ويعتمد نجاحه على مدى ضغط الرأي العام في الغرب (نقطة القوة الرئيسة)، وعلى موقف واضح من الدول العربية، وهو نقطة الضعف الرئيسة منذ بدء الحرب. وقد كان ردّ "حماس" المخرج الوحيد الممكن بمنح ترامب الإنجاز الذي أراده من دون قبول البنود الإسرائيلية في خطّته.
جاء الاتفاق على المرحلة الأولى من الخطة نتيجة لمحادثات غير مباشرة استضافتها مصر في شرم الشيخ، بعد يوم من الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبدء الحرب الإسرائيلية على غزّة. وشارك في هذه المحادثات مسؤولون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة وقطر وتركيا ومصر، ما أضفى عليها أهمية سياسية كبيرة. وأوفد ترامب صهره جاريد كوشنر المعروف بقربه من نتنياهو، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمشاركة في المحادثات؛ ما عكس مدى اهتمام ترامب بالتوصل الى اتفاق.
وفي اليوم التالي، أعلن ترامب أن إسرائيل وحماس وقّعتا على المرحلة الأولى من الخطة الإطارية، التي تنصّ على وقف القتال، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يُعرف بـ "الخط الأصفر" في غزّة، الذي يُفترض أن يشكّل الحد الفاصل لمرحلة الانسحاب الإسرائيلي الأوّلي وفقاً للخطّة.

كان العدوان الإسرائيلي على قطر نقطة تحوّل في الموقفين العربي والدولي

الملامح العامة للاتفاق

أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزّة، خليل الحية، التوصل إلى اتفاقٍ لإنهاء الحرب في القطاع، يتضمّن انسحاباً إسرائيليّاً تدريجيّاً منه وتبادلاً للأسرى بين الطرفين. وأكد أن الحركة تلقّت ضمانات من الولايات المتحدة وعدد من الوسطاء الإقليميين تقضي بإنهاء العمليات العسكرية وبدء تنفيذ بنود الاتفاق. وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية فجر الجمعة (10 أكتوبر) أن الحكومة صدّقت رسميّاً على مقترح ترامب لإنهاء الحرب وإعادة المحتجزين. وقد شارك كوشنر وويتكوف في جزء من جلسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالتصديق على الاتفاق، في محاولةٍ لزيادة الضغط على أعضاء الحكومة من المتطرّفين للتصويت لصالح الخطّة، حيث وصف كوشنر الصفقة بأنها "ستُسهم في عزل حركة حماس، وستدفع عددًا من الأطراف في العالم العربي إلى السلام، وأن الاتفاق يحافظ على أمن إسرائيل". ويبدو واضحاً أن الهدف من ذلك تحويل عزلة إسرائيل إلى عزلة ل"حماس". ومع ذلك، صوّت أعضاء في الحكومة ضد خطة ترامب، وفي مقدّمتهم وزيرا المالية بتسئيل سموتريتس والأمن القومي إيتمار بن غفير. وعقب تصديق الحكومة، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار اعتباراً من ظهر يوم الجمعة، إيذاناً ببدء المرحلة الأولى من تنفيذ الخطّة. في حين أكّد نتنياهو أن القوات الإسرائيلية ستبقى في القطاع لضمان نزع سلاح "حماس"، مضيفاً: "إذا تحقق ذلك بسهولة فسيكون أمراً جيداً، وإن لم يتحقق، فسيتم بالطريقة الصعبة". وهذا يعني تهديداً صريحاً بمواصلة الحرب.

يبقى مصير الاتفاق رهناً بقدرة نتنياهو على المناورة واستغلال غموض الاتفاق لصالحه

تنص المرحلة الأولى من الخطّة على أن تسحب إسرائيل قواتها إلى "الخط الأصفر" خلال 24 ساعة، مع تدفق المساعدات الإنسانية، وتنفيذ عملية تبادل الأسرى والجثامين في غضون ثلاثة أيام. وتُبقي إسرائيل خلالها على سيطرتها على نحو 53% من مساحة القطاع. وقد شمل التبادل 20 أسيراً إسرائيليّاً أحياء، في حين يُعتقد أن 26 آخرين لقوا حتفهم، إضافة إلى اثنين ما زال مصيرهما مجهولاً. وأوضحت "حماس" أن عملية استعادة جثامين القتلى قد تستغرق وقتاً أطول من عملية إطلاق سراح الأحياء. وفي المقابل، تفرج إسرائيل عن 250 أسيراً فلسطينيّاً من ذوي الأحكام الطويلة، إضافةً إلى 1700 آخرين اعتُقلوا خلال الحرب. وبعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، تبدأ شاحنات المساعدات الغذائية والطبية في التدفق إلى القطاع، دعماً للغزّيين الذين اضطر مئات آلاف منهم إلى اللجوء إلى المخيمات بعد تدمير منازلهم ومدنهم بالكامل بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأكد ترامب أن "لا أحد سيُجبَر على مغادرة غزّة".
وعلى الرغم من إعلان ترامب عن ثقته بصمود وقف إطلاق النار، وإشارته إلى وجود "إجماع" على الخطوات التالية، أقرّ بوجود تفاصيل لم تُحسم بعد في المراحل اللاحقة، وهو ما دفعه إلى السعي إلى منح الاتفاق زخماً إضافيّاً، عبر إعلان نيته زيارة المنطقة، وإلقاء كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى زيارة مصر، حيث مراسم التصديق على الاتفاق بحضور عدد من قادة المنطقة والعالم. 
وأعلنت القاهرة لاحقاً عن قمة دولية الإثنين 13 أكتوبر، بمشاركة أكثر من 20 زعيماً، من بينهم الرئيس ترامب، في إطار الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال القتالية وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن تكون هذه القمة مرتبطة بالمرحلة التالية من خطة ترامب، والتي تتضمّن تشكيل هيئة دولية تُعرف باسم "مجلس السلم العالمي"، يتولى الإشراف على إدارة قطاع غزّة بعد الحرب، ويرأسه ترامب نفسه. في حين رفضت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، في بيان مشترك، ما وصفتها بـ "الوصاية الأجنبية"، مؤكدةً أن إدارة غزّة شأن فلسطيني داخلي بحت.
وفي إطار تنفيذ الاتفاق، قرّرت الولايات المتحدة نشر نحو 200 جندي ضمن قوة عمل مشتركة لمراقبة التنفيذ. وفي هذا السياق، زار قائد القيادة المركزية الأميركية، براد كوبر، قطاع غزّة، لبحث "آليات تأسيس مركز تنسيق لدعم الاستقرار ما بعد الحرب"، مشدّداً، في الوقت نفسه، على أن الجيش الأميركي لن ينشر قوات داخل القطاع. أما الدول العربية والإسلامية التي ترغب واشنطن في إشراكها في قوة حفظ الاستقرار، مثل إندونيسيا وأذربيجان، فقد اشترطت أن يجري ذلك تحت غطاء قانوني واضح، سواء من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو عبر قرار من جامعة الدول العربية.

هل يصمد تنفيذ الاتفاق؟

 على الرغم من نجاح الوسطاء في حل نقاط تباين عديدة بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي بشأن المرحلة الأولى فقط من الخطة، لم يتضح بعد إذا ما كانت المفاوضات قد أحرزت تقدّماً حقيقيّاً في القضايا الأكثر تعقيدًا، فالاتفاق الذي جرى التوصل إليه يُعد مجرّد خطوة أولى ضمن خطة أوسع نطاقاً، ولا يمكن التعويل عليه لتحقيق استقرار دائم ما لم يجرِ التوافق على المراحل اللاحقة. ففي حين تمثل المرحلة الأولى الجزء الأقل تعقيداً في الاتفاق، لا تزال الأسئلة المتعلقة بمصير المقاومة الفلسطينية وسلاحها، وإعادة إعمار القطاع وإدارته، والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، من دون إجاباتٍ أو تصوّرات واضحة. بناء عليه، لا تتجاوز خطّة ترامب، باستثناء مرحلتها الأولى التي تتضمّن إجراءات واضحة ملزمة للطرفين، كونها خطوطاً عامة ومبادئ أولية تفتقر إلى استراتيجية شاملة وواضحة لتنفيذها بما يؤدّي الى إنهاء الصراع وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية. ويظلّ ذلك رهناً بقدرة نتنياهو على المناورة واستغلال الثغرات الكثيرة والغموض القائم حول عديد من نقاط الخطة لصالحه، في غياب ضماناتٍ ملزمةٍ تفرض عليه الالتزام ببنود الاتفاق، وهو ما ظهر عمليّاً في موضوع قائمة الأسرى الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن التنفيذ المتزامن لبنود المرحلة الأولى قد يقلّل من فرص إفشال الاتفاق، تبقى المخاوف قائمة من احتمال تملّص نتنياهو من التزاماته اللاحقة بعد استعادة المحتجزين الإسرائيليين. وبهذا المعنى، تهدّد تحدّيات حقيقية المراحل اللاحقة من الاتفاق، وسيعتمد إلزام إسرائيل على وقف الحرب نهائيّاً على الإرادة السياسية للمجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية، الراغبة في إنهاء الحرب والتصدي لرغبة نتنياهو في استئنافها. 

الزخم الدولي في قمة شرم الشيخ سيُحدّد إن كان الضغط سيوجَّه لوقف الحرب أم لتبرير استمرار إسرائيل فيها

خاتمة 

يمثل الإعلان عن اتفاق وقف الحرب في غزّة خطوةً هي الأهم حتى الآن نحو إنهاء حرب إبادة استمرّت عامين، وأسفرت عن استشهاد أو إصابة ما يقارب ربع مليون فلسطيني؛ أي ما يعادل نحو 13% من سكان القطاع، وهي أكبر نسبة ضحايا بين المدنيين شهدتها حروب التاريخ المعاصر. يستند الاتفاق، في مرحلته الأولى، إلى زخم دولي وضغوط أميركية مكثفة يقودها الرئيس ترامب؛ ما يجعل من الصعب على نتنياهو التنصّل منه، على الرغم مما تتضمنه الخطة الإطارية من تبنٍّ واضح للمطالب الإسرائيلية.
يقوم الاتفاق على مرحلتين؛ تتضمن الأولى وقفاً لإطلاق النار وانسحاباً جزئيّاً للقوات الإسرائيلية، يتبعهما تبادل للأسرى والرهائن. وتشكل هذه المرحلة ركيزة أساسية لتثبيت وقف إطلاق النار، غير أن الاتفاق، في مجمله، لا يخلو من التعقيد، إذ يستند إلى ثلاث مرجعيات مختلفة، فلدى حركة حماس والفصائل الفلسطينية رؤيتها بشأن بنود الاتفاق الأولي ومآلاته النهائية، في حين تحتفظ إسرائيل بتصوّر مغاير تماماً لشكله النهائي وشروط تنفيذه، أما الولايات المتحدة، التي رضخت في خطتها للشروط الاسرائيلية، فتحاول الحفاظ على قدرٍ من المرونة يفضي إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهذا مرهونٌ بقدرتها على الضغط على إسرائيل، لكي تقبل أن تحلّ الخلافات المتبقية بشأن سلاح المقاومة ووجود قواتها في القطاع بالتفاوض، وليس بمواصلة الحرب. ولكن من غير الواضح إذا ما كان سيُترجم الزخم الدولي في قمّة شرم الشيخ إلى ضغط لوقف الحرب نهائيّاً ومواصلة التفاوض، أم أنه سيتحوّل إلى ضغط على "حماس" وتبرير لمواصلة إسرائيل الحرب بحجة رفض المقاومة تنفيذ البنود الإسرائيلية في الخطة الأميركية.