ابن السندريلا الروسيّة على التخوم الأوكرانية

ابن السندريلا الروسيّة على التخوم الأوكرانية

17 فبراير 2022
+ الخط -

تُروى قصة مؤثرة عن ولادة فلاديمير بوتين تشبه الملاحم الكبرى والولادات الخارقة، تقول إن والد بوتين العائد من الحرب العالمية الثانية في إجازة، وجد حذاء السندريلا في قدم إحدى الجثث في شاحنة، فشكّ في أن تكون زوجته، انتبشها فوجدها كذلك، فحملها ليدفنها دفنًا كريمًا في قريته، فوجدها ما تزال حية. بعد سنتين أنجبت له الولد المعجزة أبو فلة اللينينغرادي. وُصف فلاديمير أبو ماريا (ابنته الكبرى) بأنه أقوى رجل في العالم في مواقع عالمية، مثل فوربس وغيرها، وقد استطاع تحسين الظروف الاقتصادية في إمبراطورية عجوز، ولمَّ شعثها، وحقق بعض النمو. ونُقل عنه قوله إنه لو كان يحكم روسيا ما خرج من أفغانستان هذا الخروج المهين، وهو يحاول إعادة الكباش الشاردة من دول الاتحاد السوفياتي القديم إلى حظيرة الدبّ الأعمى.

هناك مسكرٌ أشدُّ من الخشخاش والقنّب والفودكا التي يشربها الروس كما يشرب الترك الشاي هو القوة، وكانت القوة قد أسكرت ستالين، فحدّثَ نفسه بغزو فنلندا والتهامها، فهاجمها بالنيران مائة يوم وخمسة أيام، من غير أن يقدر على قهرها، فاكتفى بقضم إقليم صغير على حدودها، بعد أن خسر مليون جندي دفنوا في فنلندا مع خيولهم من غير أي تكريم، أو حتى اعتراف بموتهم، ومنها بدأت الحرب العالمية الثانية.

سكرَ أبو ماريا بوتين بالمجد، واستعاد بعض فخائر روسيا السوفييتية، فرؤساء كثر من دول البلطيق وتتارستان يزورونه كما لو أنهم رؤساء محافظات وولايات متحدة روسية، ويجلسون إلى طاولته الطويلة. وقد مدَّ مخالبه إلى مالي، وطرد الفرنسيين منها، وازدرد سورية مع الفودكا في المياه الدافئة. بوتين في ولايته الرابعة، ومن الغريب أنه قبلَ بأن يبقى في الظل دورة رئاسية كاملة، تحت رئاسة ميدفيديف الصورية، بعد دورتين رئاسيتين، وهذا يعني أنّ للدستور الروسي مكانة في نفوس الروس لا يستطيع أن يتلفها كلها.

أبو فلة يحبُّ الاستعراض والفخر والمقالب والأبّهة، والخدع التصويرية، وسبب حبّه الفخر أنه ابن عائلة فقيرة. ويجد كاتب السطور الروس النازحين من غير حرب جائعين للحياة والأثاث وكأنهم خرجوا من مجاعة، ولم أجد روسيًا نازحًا شبعانًا قط. أبو فلة كوميدي أيضًا، فهو يركب الخيول عاري الجذع مثل الممثل محمد رمضان، ويتقن رياضة الجودو، ويستقبل الرؤساء مع كلبه، فقد طلّق زوجته، ويتلطف في اللعبة مع النساء في الجودو، فيغلبن الكرام ويغلبهن اللئام. وتُنسب له طرفة جنسية رواها لميركل، وهو متديّن، أو يحاول الظهور بمظهر المتديّن، فهو يدرك أهمية الدين في جمع الأمة، والقساوسة الروس الأرثوذكس يرشمون طائرات الروس التي تقصف السوريين. وهو رجلُ حازم، وقد رأينا ما فعل بالأسد في ميناء حميميم، وما فعله بالرئيس الفرنسي ماكرون في موسكو، وفرنسا دولة ناتو نووية، أنكى وأشدّ. ويتساءل الناس هل يحمق ويتورط في أوكرانيا التي غذيت بالأسلحة الغربية، فلو كان يريد غزوها لغزاها في الليلة الأولى، ولما جعل الغرب يكدّس الأسلحة فيها. أظنُّ أنّ الرجل مسرور بأن حوّل رؤساء العالم الحرّ إلى مراقبين صحفيين يتنبأون بخطوته القادمة، ويلعبون دفاعا من أجل التعادل.

ستقع الحرب العالمية الثالثة لأن الانسان لا يتعظ أبدًا، "إن الإنسان ليطغى"، ونتذكّر كيف أغرت أفغانستان الفقيرة، المهملة والممزّقة أميركا، فغزتها، ثم خرجت منها مدحورة. ثمّة من يزعم أنّ الغرب اكتوى من حربين عالميتين، ولن تقع حربٌ في العالم المسيحي، وكان الإنسان نسيّا.

ينفي بوتين نيته غزو أوكرانيا، والرؤساء يكذبون كثيرًا في السلام، فكيف في الحروب. الكذب هو سكّر السياسة وملحها، والحرب خدعة. أغلب الظنَّ أنّ بوتين يستعرض قوته ويريد قطعة جبن كبيرة، رشوة أن تنسى أوكرانيا دونباس والقرم.

إن لم تقع الحرب في أوكرانيا ستقع في تايوان. أكثر الناس خوفًا ليس الرئيس الأوكراني المدعوم من "الناتو"، وإنما رئيس ولاية سورية الروسية، فمن المتوقع أنَّ الغرب سيدغدغ بوتين من خاصرة ميناء حميميم، وقد يقاتل الغرب بكتائب سوريّة، ضد القيصر الذي عاش بفضل حذاء السندريلا في مستنقعات "أوكرانيستان". .. وقتها سيبدأ "الشو تايم".

683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."