أفريقيا في مؤشّر الإرهاب العالمي 2022

أفريقيا في مؤشّر الإرهاب العالمي 2022 ..

13 مايو 2022

دورية قوات خاصة لمواجهة "الجهاديين" في منطقة تيلابيري غربي النيجر (6/11/2021/فرانس برس)

+ الخط -

حضرت أفريقيا بشكل منتظم في أدبياتٍ "غربية" متعدّدة عنيت بالتحليل الإحصائي والاستدلال وتقديم خلاصات بشأن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في الأقاليم المختلفة. وبينما قدّمت هذه الأدبيات مؤشّرات حاسمة أثرت في مختلف المقاربات للقضايا الأفريقية، فإن جانبًا منها، سيما في ملفي الإرهاب والقوة العسكرية، مال إلى تجريدٍ مفرطٍ لدلالات "الأرقام" عوضًا عن الانتقائية الواضحة عند التدقيق في ديناميات إعداد هذه الأدبيات وصياغتها النهائية، مثل تفادي الخسائر البشرية الناتجة عن أعمال عنفٍ لم تصنّف ضمن "الإرهاب"، مثل هجمات غير محدّدة ضد مدنيين في مناطق النزاع، أو على الأقل تقديم ربط تحليلي بين أعمال الإرهاب والعنف المسلح واستجابة القوى الدولية والإقليمية المسلحة التي تسفر عن خسائر مدنية هائلة، تصل، في بعض الحالات، إلى حجم خسائر الأرواح في العمليات الإرهابية، أو العكس. إلى جانب تبنّي "سياسة تحرير" انتقائية في أحيان كثيرة، كما في حال "مؤشّر الإرهاب العالمي" (Global Terrorism Index 2022: Measuring the Impact of Terrorism)، والذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام (IEP) ومقرّه في سيدني (أستراليا)، إذ تفادى التقرير، على سبيل المثال، حصر مجموعات إرهابية "غير إسلامية" مثل جيش الرب Lord's Resistance Army (LRA) في أوغندا (نفذ أكر من 40 هجومًا إرهابيًا في أوغندا في العام 2021، وتمدّد خارج البلاد وتوجد بعض قياداته في غربي السودان وفق تقدير LRA Crisis Tracker، وهو تابع لمشروع قاعدة بيانات Crisis Tracker الذي يعدّ من أهم مصادر مؤشر الإرهاب، وكذلك تفادي تتبع أنشطة Niger Delta Avengers جنوبي نيجيريا رغم تهديداتها منذ منتصف العام الماضي (2021) بضرب مرافق البترول في البلاد والاستئناف المكثف لأنشطتها الإرهابية التي تجرمها حكومة أبوجا، وأنشطة جماعات إرهابية أخرى في أفريقيا الوسطى والكاميرون؛ عوضًا عن التقليل من شأن خطورة احتمالات تحول مجموعات من المليشيات المحلية في دول أفريقية عدة إلى "تنظيمات إرهابية مستقبلًا" من دون توفر أساس أيديولوجي بالضرورة.

لمحة عامة

جاء مؤشّر الإرهاب العالمي في نسخته التاسعة في أربعة أقسام، استهلها باستعراض النتائج عبر خريطة للمؤشّر والحوادث الإرهابية وحالة الإرهاب في العام 2021 وإرهاب "كوفيد-19" والجماعات الإرهابية واستعراض أكثر عشر دول تأثرًا بالإرهاب التي ضمت خمس دول أفريقية، الصومال وبوركينا فاسو ونيجيريا ومالي والنيجر، في المراتب 3، 4، 6، 7، 8 على الترتيب. وتناول القسم الثاني اتجاهات في الإرهاب ركّز خلاله على الاتجاهات الأيديولوجية في الغرب والاتجاهات الإقليمية. وأفرد المؤشّر القسم الثالث لتناول الإرهاب في إقليم الساحل الأفريقي من جهة سياقاته، وما يتعلق به من التهديدات البيئية ودراسات حالة إقليمية. وجاء القسم الرابع والأخير بعنوان الإرهاب والصراع. كما ضم المؤشّر مساهمات خبراء في مجال الإرهاب، ركزت على تطور مواجهة المغرب الإرهاب وأهميتها بوصفها دروسا مستفادة لأفريقيا، ومساهمة بعنوان: "أفريقيا جنوب الصحراء عند مفترق طريق؟".

سجلت بوركينا فاسو ومالي والنيجر زيادات كبيرة في الوفيات جرّاء أحداث إرهابية في العام 2021

يتضح من الوهلة الأولى تركيز "المؤشّر" على الإرهاب في أفريقيا بتغطية منفردة عبر أقسامه المختلفة. وأوضح ملخصه التنفيذي أن ثمّة تحولا في ديناميات الإرهاب وتركزه بشكل أكبر في الأقاليم والدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والصراع، وأبرزها إقليم الساحل؛ إضافة إلى وقوع نحو 48% من وفيات الأعمال الإرهابية في العالم (أو 3461 فردا) في إقليم أفريقيا جنوب الصحراء مع وجود أربع من بين الدول العشر في العالم التي شهدت أكبر زيادات في وفيات الإرهاب في أفريقيا جنوب الصحراء، وهي بوركينا فاسو والكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر، رغم التحسّن الإجمالي بنسبة 10% في وفيات الإرهاب في الإقليم، بسبب رئيس، وهو فعالية مواجهة جماعة بوكو حرام في الشهور الأخيرة، وتراجع عدد ضحاياها بنسبة 72% في الفترة 2020-2021 من 629 إلى 178 حالة وفاة.

ورغم تحسّن مواجهة الإرهاب بشكل ملموس في نيجيريا وأفريقيا جنوب الصحراء بشكل عام، فإن إقليم الساحل سجّل تدهورًا كبيرًا، إذ سجلت بوركينا فاسو ومالي والنيجر زيادات كبيرة في الوفيات جرّاء أحداث إرهابية في العام 2021. وتضم قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب في أفريقيا جنوب الصحراء ستًا من دول الساحل. كما مثلت الوفيات في أربع دول أفريقية مجتمعة (بوركينا فاسو والصومال ومالي والنيجر) نسبة 34% من إجمالي الوفيات في العالم في العام 2021، فيما شهدت نيجيريا وموزمبيق أكبر نسبة انخفاض في ضحايا الأعمال الإرهابية في العالم في العام 2020-2021. كما تنشط اثنتان من أخطر الجماعات الإرهابية الأربع في العالم في أفريقيا، وهما "الشباب" وتتمركز في الصومال، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في الساحل.  

ويعيد القسم الثاني تناول "اتجاهات في الإرهاب" منذ العام 2007، مع ملاحظة أن أكثر من 96% من حوادث وفيات الإرهاب وقعت في "دول تمرّ راهنًا بصراع". ويفسّر المؤشّر استخدامه تصنيف الإرهاب في "الغرب"، الذي يتسم بمضامين سياسية وشعورية قوية، بأنه اختصار لغرب أوروبا وأميركا الشمالية والأوقيانوس Oceania. ويقسم المؤشّر التنظيمات الإرهابية وأيديولوجياتها إلى ثلاث فئات واسعة: سياسية، ووطنية/ انفصالية، ودينية، ويصنف إرهاب اليمين المتطرّف (ينتشر في الغرب بالأساس) بأنه سياسي، رغم أسسه الدينية وأيديولوجيته العنصرية الواضحة. وفيما يخصّ "الاتجاهات الإقليمية" مثلت أفريقيا جنوب الصحراء الإقليم الوحيد الذي شهد تدهورًا شاملًا رغم تحقيق 17 دولة من دوله تحسنًا في المؤشّر في العام 2021، فيما لم تسجّل 22 دولة به حوادث إرهابية في الأعوام الخمسة الأخيرة. لكن ارتفاع الأعمال الإرهابية في النيجر ومالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوركينا فاسو قاد إلى تصاعد مؤشّر الاتجاه الإقليمي المذكور. بينما حدث التدهور الأكبر في العام 2021 في أوغندا التي شهدت حوادث إرهابية للمرة الأولى منذ العام 2015.

عجز حكومات الإقليم عن توفير الأمن دفع السكان المحليين للتحرك دفاعًا عن أنفسهم "مما يضيف لدورة العنف" ويعزّز أدوار الفاعلين من غير الدول

وفصل "القسم الثالث" مسألة الإرهاب في الساحل بفقرة افتتاحية ملفتة بالتأكيد على أن "إقليم الساحل يواجه العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية المتضافرة والمعقدة، والتي يرجح أن تستمر في الحيلولة دون تطوير الظروف الملائمة "للسلام الإيجابي" من استمرار الساحل في دائرة العنف والهشاشة"، وأن عجز حكومات الإقليم عن توفير الأمن دفع السكان المحليين للتحرك دفاعًا عن أنفسهم "مما يضيف لدورة العنف" ويعزز أدوار الفاعلين من غير الدول. وبينما فصّل القسم سياقات الإرهاب وأسبابه وتداعياته في إقليم الساحل (الصفحات 46 - 60) فإنه تجاهل بشكل ملحوظ دور الفاعلين الخارجيين (باستثناء فقرة قصيرة ناقدة لدوري روسيا والصين رغم توجيه الأخيرة دعمًا ماليًا بقيمة 46 مليون دولار لقوة الساحل التي تقودها فرنسا في العام 2021) في استدامة "دورة العنف والإرهاب" في الإقليم عبر حسابات متراكمة منذ تأييد فرنسا العلني للحركة الوطنية تحرير أزواد Mouvement National de Libération de l’Azawad الانفصالية منذ العام 2013 على خلفية اعتبار الأخيرة "حركة مناهضة للجهاديين"، كما فصل ألكسندر ثارستون A. Thurston في جزء خاص بجماعة أنصار الدين بعد "عملية سرفال"([1]) في مؤلفه عن "مجاهدي شمال أفريقيا والساحل" (2020).

إعادة إنتاج المقاربة الأمنية

تنوع تناول القسم الثالث من "المؤشّر" الخاص بالإرهاب في الساحل، وغطّى عشر دول من ناحية سياقات وعوامل استدامة الظاهرة مع ملاحظة أن عجز حكومات الإقليم عن توفير أمن حقيقي قد شجّع المجموعات الإرهابية على مواصلة أنشطتها مع تضاعف وفيات الأعمال الإرهابية عشرة أضعاف من العام 2007 حتى 2021 حيث وصلت في بوركينا فاسو ومالي والنيجر إلى 732، 574، و588 في هذه الدول على الترتيب. وصك المؤشّر مصطلح التحول الجهادي للصوصية" Jihadisation of banditry ليصف ما يعتبره نزوعًا، ضمن ديناميات تكيف الجماعات الإجرامية والإرهابية مع عمليات مواجهة الإرهاب المحلية والإقليمية والدولية، لاستخدام الأولى الدين للدفاع عن أعمالها الإجرامية، كما جنحت العديد من الجماعات الإجرامية للانضمام للقاعدة أو "الدولة الإسلامية" مما يبرر ارتفاع حوادث العنف في العام 2021. وربما تتجاوز تلك الملاحظة الصلة العضوية القائمة بالأساس بين جماعات الإرهاب وعصابات التهريب وجماعات الجريمة المنظمة في نطاقات عمل هذه الجماعات منذ أكثر من عقد، كما يلاحظ المتخصص في شؤون الإرهاب في أفريقيا ستيج هانسن Stig Jarle Hansen (Horn, Sahel and Rift: Fault-Lines of the African Jihad, 2019) ويقدّم شواهد استقصائية في القرن الأفريقي والساحل على هذه الخلاصة.

النشاط الإجرامي أدّى إلى تغلغل الفساد في المستويات الرسمية، وتكوين صلاتٍ بين التجار والمسؤولين الحكوميين "لتيسير التجارة"

وفي سياق تجاهل مسؤولية النظم السياسية في الدول المعنية، وعلاقاتها بقوى دولية وإقليمية فاعلة وبمشروطيات سياسية مكلفة، عن تفاقم ظاهرة الإرهاب يقدّم المؤشّر مقاربة أمنية تقليدية (وسطحية إن جاز التعبير) بتأكيده أن "الإرهاب يقع كتكتيك داخل وضع صراع، وأنه تكتيك تتبعه مجموعة تسعى لتغيير سياسي" عملت على تغذيته عوامل عدة مثل: وجود تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب" الساعي "لفرصة لصياغة الصراع كجزء من حركة أيديولوجية ودينية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية أكبر"؛ وسعي "الدولة الإسلامية" إلى تكوين صلات مع لاعبين محليين مثل بوكو حرام؛ والتدهور البيئي الذي أثر على بيئة الأمن. ويتناقض "المؤشّر" مع أطروحاته بتأكيده أن الساحل يواجه تحدّياتٍ أمنيةٍ مع جماعاتٍ مسلحةٍ إثنو- وطنية وإرهابية وإجرامية، وأنها تحكمها علاقات مرتبكة من التعاون أو القتال أو التعاون في تنفيذ بعض العمليات، ما يدحض بدوره فكرة "الاحتماء الأيديولوجي"، ويتجاهل تمامًا أدوار بعض الفاعلين الدوليين الخارجيين في دعم بعض هذه "الجماعات" وأنشطتها الإجرامية كما تكشف في العام الجاري باتهاماتٍ رسميةٍ من حكومة المجلس العسكري الانتقالي في مالي للقوات الفرنسية بتسهيل عمل بعض العناصر الإرهابية ودعمها طوال الأعوام السابقة. مع ملاحظة مهمة أبداها أكالي أوميني Akali Omeni (Insurgency and War in Nigeria, 2020) أن ثمّة خللا رئيسا في فهم جماعة بوكو حرام التي توفرت لها بيئة خصبة للنشاط والتمدّد في شمال غرب نيجيريا، على أنها "لاعب اجتماعي" وليس لاعبًا عسكريًا "يمكن أن تمضي شهور دون ملاحظة أي نشاط لها"([2])؛ وما يعنيه التسطيح من إهمال الحاجة الملحة لفهم كيف أن الأيديولوجيا (المتطرّفة) تتغذّى بالأساس على التهميش الاجتماعي - الاقتصادي (وليس العكس في سياق أسباب القبول الأيديولوجي لأفكار الجماعات الإرهابية ضمن نظرية "الحرمان النسبي" ودور مؤسسات الدولة في ترسيخ مخرجاتها)؛ وإن هذا الفهم وحده، وما يعنيه من النظر إلى المشكلة على نحو شامل وداخل سياق تاريخي ومجتمعي محدّد للغاية، يقود إلى الاستجابات المؤثّرة التي تسفر عن حلول دائمة.

كما يستهل "المؤشّر" تناول مسألة الجريمة والإرهاب "معًا" بملاحظة تمركز النشاط الإجرامي في إقليم الساحل في شمالي مالي "الذي يعد بمثابة مفترق طرق رئيس في شبكات التهريب الدولية" التي تمر عبرها السلع والوقود والأسلحة والبشر، وأن النشاط الإجرامي أدّى إلى تغلغل الفساد في المستويات الرسمية، وتكوين صلاتٍ بين التجار والمسؤولين الحكوميين "لتيسير التجارة"، ما يستبعد معه فكرة اللجوء "لغطاء جهادي" التي سبق أن أكّد عليها المؤشّر. وفي شكل بياني معبر للغاية، يوضح "المؤشّر" العلاقة الوطيدة بين تصاعد الأنشطة الإرهابية ونشاط الجريمة المنظمة في العام 2021، فيما يعدّ إشارة غير مباشرة، وربما غير مقصودة، لوثاقة الصلة بين الإرهاب والفساد الرسمي والجريمة المنظّمة على نحو يبرّر جزئيًا "استدامة ظاهرة الإرهاب" في إقليم الساحل.

رغم التعريفات الاستباقية التي يتحوّط بها مؤشّر الإرهاب العالمي فإن ثمّة استبعادا مقصودا لإحصاء ضحايا العمليات العسكرية "الغربية" في أفريقيا

خلاصات

في سرد مغاير لمؤشّر الإرهاب، من جهة تجاهل تناول ظاهرة الإرهاب من كل جوانبها، قدم أليكس لوبين A. Lubin عملًا مهمًا حول ظاهرة الإرهاب في العالم حمل عنوانًا صادمًا، وتفكيكيًا في حد ذاته: Never-Ending War on Terror (2021)، تطرق فيه -مثالًا- لمواقف الإدارات الأميركية من "الحرب على الإرهاب في أفريقيا" وفنّد "إحصائيًا" رواية سائدة عن تباين مواقف إدارتي الرئيس الأسبق باراك أوباما والسابق دونالد ترامب من هذه الحرب، خصوصا بعد خطوات ترامب سحب قواته من بعض المناطق الملتهبة مثل الصومال، وأوضح أنه على الرغم من خطوة إدارة ترامب هذه فإنها واصلت العمل ببرنامج دشّنته إدارة أوباما بتنفيذ الاغتيالات باستخدام الطائرات المسيرة وتوسيع إدارة ترامب لنطاق عملياتها في شمال وغرب أفريقيا وتوقع جماعات مراقبة وقتها تضاعف أعداد الضحايا من السكان المدنيين جراء هذه الضربات مقارنة بمعدل الضحايا في عهد أوباما([3]).

كما جاء "مؤشّر الإرهاب العالمي" في مجمله متسقا مع التصوّر "الغربي"، حسب تصنيف المؤشّر نفسه للغرب، لحركات التطرّف والإرهاب وربطها بأقاليم خارج "مركزها"؛ كما يتضح في دراساتٍ عديدة، منها دراسة أخيرة لخوان روميرو Terrorism: The Power and Weakness of Fear (2022) صنف فيها "الإرهاب الروسي" إلى جانب إرهاب الدولة الاشتراكية، و"الجهاد الإسلامي" على امتداد قرون، قبل تقديم فصل ختامي يجمع هذه التصنيفات في تقييمه لتطور الإرهاب ومحاولة مناقشة أسباب الظاهرة "لفهم ومواجهة التطرف العنيف"([4])

في أي حال، قدّم "مؤشّر الإرهاب العالمي" عرضًا يتناسب مع فكرته الرئيسة بتقديم تحليل إحصائي للإرهاب وقضاياه على مستوى العالم، وإن حظيت أفريقيا، وإقليم الساحل تحديدًا، بأغلب تركيزه الإقليمي. ورغم التعريفات الاستباقية التي يتحوّط بها مؤشّر الإرهاب العالمي فإن ثمّة استبعادا مقصودا لإحصاء ضحايا العمليات العسكرية "الغربية" في أفريقيا (وبشكل خاص في الصومال وليبيا)، رغم أنها تمثل مكونًا لا ينفصل عن أنشطة الجماعات الإرهابية وقدرتها على حشد مزيد من العناصر، وأهمية هذا الإحصاء في كشف صورة الإرهاب كاملة في القارّة، ومن ثم المساعدة في تحجيم تمدد الظاهرة بتوزيع المسؤوليات على الأطراف المعنية وعدم الاقتصار على إعادة إنتاج "الرواية المعتمدة" والمبالغة في رقمنتها (هنا بمعنى تفريغها من التحليل السوسيولوجي الشامل)، ومن ثم إخلاء مسؤولية أطراف أخرى فاعلة في استدامة الإرهاب، بل وتكريس تخلف الدول الأفريقية المتضرّرة من هذه الظاهرة مجتمعيًا على المدى البعيد.


[1]Thurston, Alexander Jihadists of North Africa
and the Sahel: Local Politics and Rebel Group, Cambridge University Press, Cambridge, 2020,
 pp. 139- 146.

[2] Omeni, Akali, Insurgency and War in Nigeria: Regional Fracture and the Fight Against Boko Haram, I.B. Tauris, London, 2020, pp. 72-3. 

[3] Lubin, Alex, Never-Ending War on Terror, University of California Press, Oskland, 2021, pp. 107-110

[4] Romero, Juan, Terrorism: The Power and Weakness of Fear, Routledge, New York, 2022, pp. 241-55.