غوتيريس يلخّص التبعات الاقتصادية لكورونا... وللفقراء حصة الأسد

غوتيريس يلخّص التبعات الاقتصادية لكورونا... وللفقراء حصة الأسد

29 سبتمبر 2020
الدول الفقيرة متروكة للفقر والبطالة (Getty)
+ الخط -

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن جائحة كورونا خلال تسعة أشهر من بدء انتشارها حصدت أرواح أكثر من مليون شخص وأصابت أكثر من 32 مليونا آخرين. أما تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة الإغلاق والقيود المفروضة على السفر وغيرها، فكانت أحيانا أسوأ من التوقعات. إذ فقد مئات الملايين من الناس عملهم في عالم يشهد أكبر أزمة اقتصادية ويعاني من أكبر انكماش اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية.

وجاءت أقوال غوتيريس خلال اجتماع رفيع المستوى عقد بدعوة من الأمم المتحدة ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، ورئيس وزراء جامايكا أندرو هولنس، بحضور عدد من قادة الدول لمناقشة الإجراءات التي اتخذت خلال الأشهر الخمسة الماضية من قبل وزارات المالية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى وبعض الاقتصاديين البارزين في العالم من أجل التوصل إلى حلول وسياسات يمكن من خلالها تقديم استجابة شاملة متعددة الأطراف للآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة لكورونا.
ولفت غوتيريس الانتباه إلى أن الدخل العالمي من العمل انخفض بأكثر من عشرة بالمئة خلال الأشهر التسعة الماضية، ووصل إلى 15 بالمئة في البلدان متوسطة الدخل. وتتحمل النساء، كما العاملون في القطاعات غير الرسمية، العبء الأكبر. وقبل تفشي الفيروس كانت الأمم المتحدة قد أعلنت عن أن الدول ليست على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي أخذت الحكومات حول العالم على عاتقها تحقيقها بحلول عام 2030، ومن بينها مثلا القضاء التام على الجوع والقضاء على الفقر. 
وأشار البيان الصادر عن الاجتماع إلى أن 88 بالمئة من الـ11 تريليون دولار التي تم إنفاقها عالميًا للاستجابة للتبعات الاقتصادية الناجمة عن انتشار الوباء، أنفقت من قبل البلدان ذات الدخل المرتفع، في حين أنفقت الاقتصادات الناشئة والنامية 2.5 بالمئة فقط منها.

وتوقع الخبراء أن تزج تبعات الوباء بـ100 مليون شخص إضافي هذا العام للعيش في فقر مدقع. وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذه هي أول زيادة من نوعها منذ عام 1998. ولفت البيان الانتباه إلى أن 265 مليون شخص إضافي قد يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء بحلول نهاية عام 2020.

وأشار  إلى احتمال وفاة 12 ألف شخص من الجوع الناجم عن تبعات كورونا بحلول نهاية العالم الحالي. ولفت الانتباه إلى إحصائيات منظمة العمل الدولية، التي قدرت حجم الوظائف التي تمت خسارتها حتى الآن حول العالم بحوالي 500 مليون وظيفة.

وأدى كل ذلك إلى اتساع الهوة الاقتصادية، ما أثر بشكل غير متناسب على البلدان النامية والفئات الضعيفة.
وقال غوتيريس في هذا السياق، إن الكثير من الدول المتقدمة رصدت حزمات إغاثة هائلة لمجتمعاتها. وأضاف "إن تلك الدول قادرة على ذلك، إلا أننا نحتاج للتأكد من أن العالم النامي لن يفلس اقتصاديا، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الفقر وأزمات الديون". وأكد غوتيرس على ضرورة أن يكون هناك التزام جماعي ودولي تجاه الدول النامية ومجتمعاتها. 
وهذا هو الاجتماع الثالث رفيع المستوى الذي يعقد حول الموضوع. وبعد الاجتماع الأول، الذي عقد في نهاية شهر أيار/ مايو، أنشئت ست لجان تقدم كل منها توصيات وحلولاً لخطط قصيرة المدى لمساعدة تلك الدول للنهوض والنجاة من الأزمة كما التعافي بشكل أفضل على المدى البعيد، بحيث تخلق اقتصادات سريعة التكيف شاملة ومستدامة.

وركزت المجموعات الست على وضع سياسات قابلة للتنفيذ تتعلق بعدد من المجالات، بما فيها التمويل الخارجي وفرص العمل والنمو وأعباء المديونية والاقتراض من القطاع الخاص والتهرب المالي غير المشروع.

ومن بين التوصيات التي خرجت بها اللجان ضمان الوصول العادل للقاح كورونا وحشد الموارد المالية لتمويل مبادرة الأمم المتحدة (كوفاكس)، لتسريع وتطوير لقاحات كورونا وضمان الوصول العادل والمنصف لجميع البلدان والتي التزمت أغلبية الحكومات حول العالم بها. ومن ضمن التوصيات كذلك توصي اللجان بضمان حصول البلدان النامية والضعيفة، بما فيها البلدان ذات الدخل المتوسط، على السيولة الكافية عن طريق تخصيص 650 مليار دولار أميركي جديدة لحقوق السحب الخاصة، وتخصيص 100 مليار دولار أميركي إضافية طوعية  لإعادة توزيع حقوق السحب الخاصة.
كما توصي بتوفير مزيد من الوقت للبلدان المنكوبة لتسديد مدفوعات ديونها الثنائية - من خلال تمديد وتوسيع مبادرة تعليق خدمة الدين (DSSI). بالإضافة إلى ذلك، تقوم بمعالجة تراكم الديون، لا سيما في البلدان المتوسطة الدخل والجزر الصغيرة النامية، مباشرة من خلال توافق جميع الدائنين الثنائيين، وكذلك الدائنين من القطاع الخاص، على إطار مشترك لحل قضايا القدرة على سداد الديون في أسرع وقت ممكن. يرى الاقتراح أنه ومن خلال مثل هذا الإطار المتفق عليه بشكل عام، ستتم مساعدة البلدان التي تواجه مشاكل القدرة على سداد الديون خلال هذه الأزمة، والتي من خلالها سيُطلب من كل دائن أن يلعب دوره في حل أزمة الديون التي تلوح في الأفق.

وبعد مناقشة التوصيات وغيرها، اليوم وخلال الأشهر القادمة، مع المؤسسات المختصة بما فيها البنك الدولي، سوف يعقد أجتماع آخر رفيع المستوى في ديسمبر/ كانون الأول القادم لإعادة التقييم والعمل معا لتنفيذ أفضل وأنسب تلك الاقتراحات. 

المساهمون