مدير أونروا في غزة: لن أستقيل تحت الضغط... والوكالة لن تغلق أبوابها

مدير أونروا في غزة: لن أستقيل تحت الضغط... والوكالة لن تغلق أبوابها

27 سبتمبر 2020
ماتياس شمالي مدير عمليات "أونروا" في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

قال مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، ماتياس شمالي، إن الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة تهدد رواتب 30 ألف موظف بينهم 13 ألفاً في غزة، فيما يتزايد الضغط بعد كورونا...

وهنا نص المقابلة:
*ما هو الوضع المالي الذي تمر به منظمة "أونروا" في ظل الواقع الراهن؟

نعاني من ضائقة مالية حقيقية، إذ سنكون قادرين على دفع رواتب شهر سبتمبر/ أيلول بعدما استلفنا 10 ملايين دولار أميركي من الأمم المتحدة في نيويورك، أما بخصوص الأشهر المقبلة خصوصاً أكتوبر/ تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني فلا تتوافر الأموال اللازمة لدفع الرواتب.

*هل هذا يعني أن عدم صرف الرواتب سيوقف عمليات "أونروا" في غزة؟

سنكون في كارثة حقيقة إذا لم تتوافر أموال كافية خلال الفترة المقبلة بما يكفي لتغطية احتياجاتنا، إذ لن يحصل 13 ألف موظف على رواتبهم عن شهري أكتوبر ونوفمبر، وبالطبع إذا لم يتلق موظفونا رواتبهم فإنهم لن يقدموا الخدمات المطلوبة منهم سواء المعلمين في المدارس أو الأطباء في العيادات.

*كم تحتاجون من تمويل لتغطية احتياجات اللاجئين في غزة خلال جائحة كورونا؟

لا يمكن فصل الأموال المخصصة لمواجهة الجائحة عن الأموال الأساسية التي نحتاجها، نحتاج شهرياً لغزة وحدها 18 مليون دولار أميركي لدفع الرواتب الخاصة بالموظفين، وكذلك نحتاج لاستمرار الخدمات الغذائية للاجئين حتى يبقوا بصحة جيدة ولا يصابوا بالأمراض ويجدوا ما يكفي من الطعام ليتناولوه.

حتى الآن لدينا ما يقارب من 10 ملايين دولار أميركي، وهو تمويل خاص بدعم البرنامج الغذائي وما هو متوافر حالياً يكفي لنهاية العام الحالي.

*هل طلبتم أي أموال جديدة ضمن الخدمات المقدمة للاجئين في غزة؟

لقد قمنا بطلب مبلغ 22 مليون دولار لغزة لتوفير المعدات اللازمة في ظل جائحة كورونا وأيضاً لتوفير الدعم للأشخاص الذين فقدوا عملهم نتيجة انتشار الفيروس في القطاع.

*تتهمكم اللجان الشعبية والفصائل بوجود اختلاف في نوعية الخدمات المقدمة للاجئين في غزة مقارنة ببقية المناطق التي تعملون فيها، كيف ترد على ذلك؟

ما قالته الفصائل واللجان الشعبية هي ادعاءات غير مبنية على حقائق، لأن "أونروا" تعاني من مشكلة عامة، فنحن غير قادرين على دفع رواتب في جميع مناطق العمليات في غزة والضفة الغربية والأردن وسورية ولبنان، وبالتالي الحديث عن إمكانية دفع الرواتب في لبنان وعدم دفعها في غزة هو أمر غير صحيح على الإطلاق.

*هل تتحضرون إذاً لسيناريوهات سيئة للتعامل مع العجز المالي الحاصل لكم؟

أسوأ سيناريو بالنسبة لنا هو أننا لن نحصل على أية أموال، وبالتالي فإننا لن نستطيع دفع أي رواتب في مختلف مناطق العمليات لـ 30 ألف موظف. السيناريو الآخر هو إمكانية تأمين القليل من الأموال ووقتها علينا التفكير في إمكانية دفع نصف الراتب بما هو متوفر وتأجيل دفع النصف الآخر إلى حين تأمين الأموال اللازمة، ونحن بانتظار نهاية أكتوبر لاتخاذ القرار المناسب.

أسوأ سيناريو بالنسبة لنا هو أننا لن نحصل على أية أموال، وبالتالي فإننا لن نستطيع دفع أي رواتب في مختلف مناطق العمليات لـ 30 ألف موظف.

*يتم اتهامك بشكل شخصي من قبل عدد من اللاجئين الفلسطينيين واللجان الشعبية بأن خدمات "أونروا"، شهدت تراجعاً كبيراً خلال عهدك، ما هو تعليقك على ذلك؟

هذه اتهامات لا أساس لها من الصحة، لقد خسرنا في أونروا 360 مليون دولار أميركي كانت الحكومة الأميركية تدفعها، إذ كانت تعتبر الداعم الأكبر للمؤسسة الأممية، ورغم ذلك واصلنا تقديم خدماتنا الأساسية ولم نغلق أي مدرسة أو مركز صحي وواصلنا تقديم خدماتنا الغذائية، لذلك الحديث عن تقليص خدماتنا غير صحيح.

أما ما هو صحيح فإننا نواجه أزمة مالية وضغطاً إضافياً في حجم الخدمات، فعندما بدأت مهمتي مديراً لعمليات "أونروا" في غزة عام 2017 كان متوسط عدد الطلاب في الصفوف لا يتجاوز 40 طالباً في أسوأ الأحوال، اليوم ارتفع متوسط الأعداد إلى 41 طالباً في الصف الدراسي الواحد.

كذا، في السابق كان فريق الرعاية الطبية يقدم الخدمات لـ 80 مريضاً أما اليوم فهو يقدمها لـ 100 مريض أو أكثر يومياً، لذلك فإن الأمور تزداد سوءاً وضيقاً علينا كوكالة. لو كان هناك مدير آخر للوكالة في غزة كانت ستشهد تمامًا الوضع والضائقة المالية الحالية التي تمر بها، إلى جانب ذلك أجبرنا في عام 2008 على اتخاذ بعض الإجراءات، مثل تسريح بعض العناصر من طواقمنا. الأزمة أصبحت تتجاوز حدود سيطرتنا وفقاً للتغطية المالية المتاحة، والأمر لا يرتبط بي شخصياً.

*هل يمكن أن تدفعك الضغوط الحالية إلى ترك منصبك في إدارة عمليات "أونروا" في غزة؟ الضغط لن يكون المؤثر الأساسي لترك منصبي، فنحن في "أونروا" كمؤسسة عالمية كلنا لدينا مدة محددة للبقاء في المجال وأنا هنا منذ 3 سنوات وبالتأكيد لن أبقى 15 عاماً، الأمر يعتمد على قرار تتخذه الإدارة. ولكن لن أترك المنصب تحت الضغط السياسي من الناس غير الراضين عن العمل، فأنا أقدم أفضل ما بوسعي لأننا نملك طاقم عمل رائع، ولا يوجد سبب لكي أتركهم نتيجة الضغوط الخارجية.

أسواق
التحديثات الحية

*كيف أثرت جائحة كورونا على آلية عمل فريق "أونروا" في قطاع غزة؟

تسجيل أولى الإصابات بفيروس كورونا مساء 24 آب/ أغسطس دفعنا إلى إغلاق المؤسسات كافة، ثم بعد ذلك البدء بتعقيم المؤسسات والمقار وتقديم الخدمات الصحية عبر الهاتف من خلال الاستشارات المقدمة للمرضى. بعد أسبوعين من انتشار الجائحة انطلقت عملية توزيع المساعدات الإغاثية المقدمة للاجئين الفلسطينيين إلى جانب إعادة افتتاح بعض العيادات لتطعيم الأطفال ولتقديم الخدمات الصحية للسيدات الحوامل.

الجائحة أثرت علينا بشكل مباشر، إذ توفي شخصان من طاقم "أونروا" من ضمن حالات الوفيات المسجلة في قطاع غزة، فيما أصيب 30 أو أكثر من طاقم الوكالة الذين ظهرت نتائجهم موجبة وحاملين للفيروس.

*ما هي أبرز الخدمات التي تقدمونها في القطاع حالياً في ظل جائحة كورونا؟

الداعمون ينظرون لما نقدمه باحترام شديد في غزة، حيث قامت دول بإغلاق مدن بأكملها لأشهر، لكن هنا في غزة في أقل من شهر قمنا بمواصلة تقديم الخدمات الأساسية الصحية والتي من أهمها إيصال العلاج لذوي الأمراض المزمنة. على سبيل المثال أوصلنا العلاج إلى منازل حوالي 30 ألف شخص من مرضى السكري.

على صعيد توزيع الطرود الغذائية، فإننا حتى اللحظة تمكنا من الوصول إلى 10 آلاف عائلة على الأقل

أقدر شكوى بعض الناس من وجود حالة بطء، إلا أن سبب التأخير هو الإبقاء على الطواقم واللاجئين بأعلى قدر من الأمان واتخاذ الإجراءات كافة لمنع انتشار العدوى، أما على صعيد توزيع الطرود الغذائية، فإننا حتى اللحظة تمكنا من الوصول إلى 10 آلاف عائلة على الأقل، وبحلول الأيام المقبلة سنوسع هذه العملية في المناطق غير الموبوءة والتي أعيد فتحها، وهذا هو الإنجاز الواضح الثاني لنا في غزة.

*كيف تنظرون إلى الوضع الإنساني في غزة في ظل الجائحة واستمرار الحصار المفروض من قبل الاحتلال؟

قبل انتشار كورونا في آذار/ مارس الماضي كان الوضع الإنساني في غزة سيئاً جداً، ومؤشرات ذلك ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير حيث تتجاوز 50 في المائة، أما بين الشباب والأعمار التي هي أقل من 30 عاماً فإنها تتجاوز 70 في المائة، إلى جانب أن "أونروا" توفر المساعدات الإغاثية الغذائية لما يقارب 1.1 مليون شخص في غزة وسط ضغط لزيادة هذه الخدمات الغذائية.

أما حالياً، فإننا نعرف أن الآلاف من الاشخاص قد خسروا عملهم في غزة بسبب الجائحة، وبالتالي هم بحاجة لمساعدتنا بالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة للمصابين أو المخالطين للمصابين بفيروس كورونا، ولذلك هم بحاجة للبقاء في المنزل وهم بحاجة للدعم في منازلهم، ليس فقط بالطعام بل بالعلاج الأساسي والمعقمات والكمامات وغيرها.

*هناك خوف وخشية لدى اللاجئين من توقف عمل "أونروا" في ظل الأزمات المتتالية التي تمر بها المؤسسة الأممية، ما هي رسالتك للاجئين في هذا الإطار؟

أتفهم تماماً المخاوف والقلق حول مستقبل "أونروا"، خاصة بعد خسارة كبار المانحين، ونحن في "أونروا" نمر بضائقة مالية كبيرة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ولكن "أونروا" ليست على وشك الإغلاق، وسنجاهد لتوفير كافة الاحتياجات وربما سيشعر الناس بأننا لا نقلص خدماتنا، ويمكن المراهنة على أن "أونروا" تقف إلى جانب اللاجئين ما دام هناك ناس يحتاجون إلى خدماتها، وما دام أننا نملك الإمكانات لتوفير الاحتياجات، حتى لو كانت قليلة.

*لماذا لا تعمل "أونروا" على خلق فرص عمل في قطاع غزة بما يتوفر من إمكانيات مالية؟

لا شك في أن هناك حاجة لمزيد من فرص العمل، ولا شك في أن "أونروا" بحاجة للمزيد من الأشخاص للعمل لديها وهذا واضح جداً وكما ذكرت سابقاً لدينا زيادة في أعداد الأطفال في الفصول الدراسية، وهذا يعني زيادة الحاجة لمعلمين لزيادة الصفوف وتقليل الأعداد في الفصول الدراسية.

نعلم أن هناك العديد من المعلمين المدربين يتطلعون للعمل، لذلك فرص العمل متوفرة والحاجة كذلك، لكن السبب الوحيد في عدم توفير فرص عمل جديدة هو الضائقة المالية التي تمر بها الوكالة.

*هناك تقارب حالياً بين "فتح" و"حماس" وحديث عن إمكانية إجراء انتخابات جديدة، هل ينعكس ذلك على عملكم في الأراضي الفلسطينية؟

المصالحة والوحدة تقدمان للفلسطينيين بيئة سياسية أكثر صحة، وحدتهم لا تعني تخلصهم من الاحتلال، لكن المصالحة أمر جيد، وهي لن توثر على عمليات "أونروا" بشكل مباشر لأننا لا نعتمد على عمل السلطات أو على علاقة الحكومات مع بعضها بعضاً. إذا كان هناك وحدة عميقة وكبيرة بين القيادات ستتحسن حياة الفلسطينيين يوماً بعد يوم، ووقتها سيقل الضغط على خدمات "أونروا".

المساهمون