فقراء تونس يخشون عودة الغلق

فقراء تونس يخشون عودة الغلق

23 سبتمبر 2020
مخاوف من زيادة البطالة في حال عودة الحجر الصحي الشامل (Getty)
+ الخط -

يخشى فقراء تونس العودة إلى غلق الاقتصاد مجددا بعد انتشار واسع لعدوى كورونا وتصاعد مطالب نشطاء وأطباء بالعودة إلى الحجر الصحي الشامل.
وتمثّل العودة إلى الغلق للطبقات الضعيفة وعمال المياومة (اليومية) وصغار الحرفيين، الإحالة القسرية على البطالة مجددا بعد أن دفعت هذه الطبقات كلفة باهظة جراء قرار الغلق الشامل الذي طبقته الحكومة السابقة في إبريل/ نيسان الماضي لنحو 8 أسابيع.
وبعد نحو 4 أشهر من عودة الأنشطة الاقتصادية إلى نسقها العادي لا يزال هادي المبروكي (48 عاما) الذي كان يعمل في الأشغال اليومية لتنظيف الحدائق يسعى لتأمين الحد الأدنى من مصاريفه اليومية نتيجة تراجع كبير في الطلب على هذا الصنف من الخدمات.
ويقول المبروكي لـ"العربي الجديد" إنه كان يعمل قبل فترة الحجر الصحي الشامل مع شركة مقاولات صغيرة تهتم بالحدائق وتقليم الأشجار مقابل أجرة يومية تقدر بـ30 دينارا (11 دولارا) 
غير أن هذه الشركة أغلقت بعد الحجر الصحي وفقد عمله ما دفعه للبحث عن فرص عمل في اختصاصه حيث يقضي ساعات يجول بين الأحياء عارضا خدماته على أصحاب الفيلات والمنازل، لكن مساعيه لا تكلل دائما بالنجاح.

وأضاف أنه يشتغل بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع مقابل أجرة لا تتعدى 40 دينارا بالحد الأقصى، مؤكدا أن دخله الأسبوعي لا يسمح له بتغطية الحد الأدنى لنفقات أسرته.
وأبدى المبروكي مخاوف من العودة إلى الغلق مجددا وارتفاع عدوى الفيروس الذي يزيد من انحسار فرص عمله بسبب مخاوف "عملائه" من الاختلاط وانتقال العدوى إلى بيوتهم، مقابل استعداده لتقديم مختلف أنواع التضحيات بما في ذلك خطر التعرض للعدوى لتأمين رزقه اليومي.
وقال إن الحجر الشامل كان شديد الوقع عليه وعلى الطبقات الضعيفة مطالبا السلطات بمراعاة الوضع الاجتماعي للفقراء، خاصة في غياب خطة حماية واضحة لهم وفق قوله.
وكشفت بيانات رسمية لمعهد الإحصاء في أغسطس/ آب الماضي أن 17.2 ألف معين عائلي (معينات، حراس وعمال مياومة) فقدوا وظائفهم في الربع الثاني من العام بسبب كورونا.
ويوسّع فقدان العمل من قاعدة الفقر في تونس العجز الحكومي على إيجاد حلول سريعة لاحتواء العوز وتراجع القدرة الشرائية لنحو أكثر من مليوني أسرة تنتمي إلى الطبقة الضعيفة.
كشفت تونس وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، أن الحجر الصحي الشامل الذي أقر للحد من تفشي وباء كوفيد – 19 يهدّد برفع معدل نسبة البطالة في تونس الى 21.6 في المائة مقابل 15 في المائة، حاليا، إلى جانب زيادة نسبة الفقر.
وصدرت هذه التوقعات في إطار دراسة حول انعكسات كوفيد -19 على الاقتصاد التونسي أعدتها وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي بالتعاون مع البرنامج منتصف يونيو/ حزيران الماضي 
وأظهرت الدراسة ان عدد العاطلين سيرتفع بنحو 274 ألفا و500 شخص خلال سنة 2020 وأن نسبة الفقر سترتفع إلى 19.2 في المائة مقابل 15.2 في المائة في الربع الأول من العام 

ويضع الوضع الاقتصادي الصعب بحسب ذات الدراسة 470 ألف شخص جديد تحت خط الفقر النقدي (فقدان الدخل).
وقدرت الدراسة ارتفاع عدد الاشخاص القابعين تحت خط الفقر في تونس بنحو مليوني شخص مقابل مليون و600 ألف شخص قبل جائحة كورونا والحجر الصحي الشامل. 
كما يؤثر فقدان الدخل على ظروف الحياه العائلية وعلى مستوى الإنفاق الغذائي وصحة التونسيين مقابل ارتفاع الفقر متعدد الأبعاد مع زيادة الهشاشة المالية لعدد من النشاطات الاقتصادية بفعل كوفيد -19.
ويشترك فقراء تونس مع أغنيائها في الخوف من العودة إلى الغلق خوفا من كورونا، حيث يروج أن العديد من المتعاملين الاقتصاديين وأصحاب المصانع يتكتمون عن الإصابات داخل وحدات العمل، في حين يطالب العمال بمواصلة نشاطهم بشكل عادي رغم الكشف عن حالات حاملة للفيروس.
ويمثل ترميم الخسائر التي خلفتها الجائحة وإجراءات الغلق الشامل الهاجس الأكبر للقطاع الخاص الذي يبحث عن حلول لإعادة تنشيط الاقتصاد في ظل وضع سياسي صعب في البلاد وآخر إقليمي وعالمي لا يقل صعوبة.
والاثنين قبل الماضي، أكد رئيس الحكومة، هشام المشيشي، أنه لا مجال للعودة للحجر الصحي في الوضع الحالي، مضيفا أنه يجب في المقابل التركيز على إجراءات الوقاية التي تم اتخاذها واحترام البروتوكولات الصحية.
ويشدد الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مدنية)، رمضان بن عمر، على ضرورة التسريع بتركيز منظومة أشمل للحماية الاجتماعية خوفا من تفشي الفقر داخل الطبقات الوسطى التي كانت قبل جائحة كورونا متماسكة إلى حد ما.
وقال بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحكومة مطالبة في حال التفكير مجددا في الغلق بزيادة المخصصات المالية الموجهة لهذه الفئة.

المساهمون