معرض الكتاب النادر": بعيداً عن الشركات الكبرى وتحت أنظارها

معرض الكتاب النادر": بعيداً عن الشركات الكبرى وتحت أنظارها

17 سبتمبر 2020
من دورة سابقة (موقع المعرض)
+ الخط -

معروفة هي تلك الصراعات في قطاعات عدة، مثل صناعة السيّارات أو التكنولوجيات الحديثة، والتي تنتهي بابتلاع شركتين أو ثلاث لمعظم السوق. كثيراً ما يُعتبر الكتاب، كمنتوج ثقافي، غير معنيّ بهذه الوضعيات، غير أن الأمر ليس كذلك، إذ يعيش الكتاب في البلدان الرأسمالية نفس تلك الصراعات التي تفضي هي الأخرى لابتلاع عدد محدود من دور النشر للمشهد.

ذلك هو الحال في فرنسا، حيث ستّ مؤسّسات تكاد تحتكر أربعة أخماس السوق وتسيطر على أغلب قنوات التوزيع، فلا تترك لبقية دور النشر إلا أن تكون مؤسسات صغرى. قد يخدعنا في فرنسا وجود تعدّد كبير في أسماء الناشرين، لكن في الحقيقة تعود ملكية هذه الدور إلى الشركات الكبرى، والتي كثيراً ما تفضّل الإبقاء على الاسم التجاري لبعض دور النشر التاريخية.

حيال هذا الوضع، ظهرت في السنوات الأخيرة تظاهرات كثيرة تحاول أن تكون متنفّساً لدور النشر التي تريد الحفاظ على استقلاليّتها من المجموعات الكبرى، وأيضاً من الطرق المعبّدة التي تقترحها المؤسسات الرسمية. من بينها "معرض الكتاب النادر" الذي يفتتح غداً الجمعة بفضاء "غران باليه" في باريس، ويتواصل لثلاثة أيام.

يقدّم فرصة لدور النشر الصغيرة وللكتب النادرة أن تكون مرئية

لكن، ما هو الكتاب النادر؟ إنه في أبسط تعريفاته كتاب غير متوفّر في المكتبات أو في شبكات البيع الإلكتروني. يعود ذلك عادة إلى محدودية طبعته الأولى وذهاب النسخ إلى جمهور معلوم عادة من المتخصّصين في مجال ذلك الكتاب. كما يمكن أن يصبح كتابٌ ما نادراً في حالات تعنّت ورثة حقوق التأليف، ما يمنع صدور طبعات جديدة من أحد الكتب. وهناك حالة أخرى تتعلّق ببعض الكتب الفنية أو الموسوعات التي تفرض تكلفتها أن تُطبع بنسخ قليلة، وضمن هذا النوع من الكتب نجد الكثير من طبعات الكتب القديمة التي باتت تجد في السنوات الأخيرة جمهوراً يتابع كل ما هو عتيق، وأحياناً يتورّط في العتيق المزيّف.

لكن كل هذه التعريفات والتفسيرات، تعوّم ظاهرة تتيح اليوم أن نفهم بعض إشكاليات بيئة النشر، فأن يُنشر كتاب في طبعة محدودة قد لا يكون خياراً لدى دور النشر المستقلّة، إذ إن طبع الكتاب لا يعدو أن يكون خطوة رمزية لا غير، إنه تجسيد لجهد الكاتب كمكافأة معنوية، وهنا يعرف الناشر والمؤلف أن العمل قد لا يعني سوى عنوان ورقم مسجّل في المكتبة الوطنية، ويسلّم الجميع بذلك.

يتيح "معرض الكتاب النادر" لمثل هذه الكتب أن تكون مرئية، وقد يمثّل المعرض فرصة لعدد من دور النشر لتكون تحت أضواء الإعلام، ما يتيح لها إمكانات التطوّر ربّما، ولكنها قبل ذلك هي تحت أنظار مؤسسات النشر الكبرى التي لا تتورّع في انتزاع أفضل مؤلّفيها، ولن يصعب عليها أن "تسرق" بعض أفكارها الطريفة في التصميم وخيارات العنونة. 

يمكن اعتبار دورة هذه السنة استثنائية بعض الشيء، فقد خدمت المعرضَ قلّةُ تظاهرات الكتاب خلال هذه الفترة بسبب التوجّسات المستمرّة من عدوى كورونا. هكذا يبدو الفيروس في مصلحة الطرف الأضعف في منظومة النشر الفرنسية.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون