هل تصمد مسيرة السلام الليبية الجديدة أمام خروقات حفتر؟

هل تصمد مسيرة السلام الليبية الجديدة أمام خروقات حفتر؟

طرابلس

العربي الجديد

العربي الجديد
08 سبتمبر 2020
+ الخط -

تستمرّ جولات اللقاءات بين ممثلي مجلسي النواب والدولة الليبيين في المغرب، لليوم الثالث على التوالي، في الوقت الذي عكست فيه مواقف وتصريحات قادة من شرق ليبيا بدء زرع عراقيل أمام التقدم الحاصل في اللقاءات الحالية بين ممثلي الطرفين، فهل ستصمد مسيرة السلام الجديدة؟

كشف دبلوماسي ليبي بالسفارة الليبية في المغرب النقاب عن توصل ممثلي مجلسي النواب والدولة خلال الجلسات الحالية في بوزنيقة لتفاهمات حول آليات اختيار شاغلي المناصب السيادية، مشيراً إلى أن جلسة اليوم ستتطرق إلى طرح الأسماء المرشحة لشغل هذه المناصب، وفق الآليات المتفق عليها قبل الاتفاق على أسماء محدّدة يتم رجوع الممثلين بها إلى قواعدهم في طرابلس وطبرق.

ورجح الدبلوماسي الليبي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن تنتهي اللقاءات الحالية في وقت متأخر من اليوم، مشيراً إلى أن لقاءات جنيف تم تأجيلها إلى 17 من سبتمبر/أيلول الحالي.

وكان من المفترض أن تستضيف العاصمة السويسرية، أمس الاثنين، جلسة بين ممثلي مختلف الأطياف الليبية، بمن فيهم ممثلو أنصار النظام السابق، وصفها رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بـ"جلسة العصف الذهني"، لكن بسبب تأخر توصل الممثلين الليبيين في بوزنيقة واللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 إلى تفاهمات أخيرة، تم تأجيل اللقاء إلى يوم 17 سبتمبر الجاري.

ستشهد جنيف لقاءات رسمية بين ممثلي مجلسي النواب والدولة لبدء الحوار حول تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة موحدة، تزامناً مع إطلاق لقاء موسع يجمع ممثلي كافة الأطياف الليبية

وأكد المشري، في تصريحات عقب لقائه وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا مساء أمس الاثنين، أن لقاءات المغرب الحالية "هي غير رسمية، وتهدف للبحث عن سبل لبدء الحوار قريباً جداً مع مساعي جنيف أيضاً"، مشيرا إلى أنها مباحثات تمهيدية لانطلاق الحوار. وأضاف أن لقاءات جنيف "هي جلسة يمكن وصفها بالعصف الذهني بين مختلف الأطراف الليبية لكيفية الخروج من الأزمة الليبية الحالية"، مشيراً إلى أن هذين المسارين، في المغرب وجنيف، هما عبارة عن مسارات تمهيدية لعودة الحوار قريبا جداً.

لكن مواقف وتصريحات من جانب قادة شرق ليبيا يبدو أنها تعكس رغبة في وضع عراقيل جديدة أمام المساعي الحالية لإطلاق عملية سياسية جديدة، فقد أعلنت قوات الجيش الليبي عن "حالة الاستنفار والاستعداد التام"، بعد إطلاق مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وابلاً من صواريخ "غراد" تجاه تمركزات قوات الجيش، في خرق رابع منذ إعلان وقف إطلاق النار في 21 أغسطس/آب الماضي.

وقال الناطق باسم الجيش العقيد طيار محمد قنونو، في تصريح نشرته الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" ليل البارحة الاثنين، إن قوات الجيش "تنتظر تعليمات القائد الأعلى للجيش للردّ على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين"، مشيراً الى أن مليشيات حفتر مستمرة في خرق وقف إطلاق النار والتعدي على مواقع قوات "الوفاق" للمرة الرابعة منذ إعلانه.

#عملية_بركان_الغضب: المتحدث باسم الجيش الليبي - العقيد طيار محمد قنونو رصدت قواتنا -قبل قليل- خرقاً متوقعاً و متكرراً...

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Monday, September 7, 2020

وتأتي محاولات حفتر توتير الأوضاع الميدانية على تخوم سرت وسط البلاد، في الوقت الذي تحاول فيه اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 التوصل إلى خطة لإخلاء المدينة من السلاح، برعاية أممية، ما يراه المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، محاولات متكررة من جانب حفتر لجرّ المنطقة لمواجهات عسكرية تقوض مساعي الذهاب إلى طاولة حوار سياسي جديدة.

وجدّد المتحدث باسم قيادة حفتر أحمد المسماري، رفض حلّ منزوع السلاح في سرت والجفرة، واصفاً المقترح بـ"الخطير جداً"، معتبراً أن الصراع يجري في طرابلس بين قياداتها، وأن سرت لا يوجد بها صراع مسلح لإخلائها من السلاح.

وتعليقاً على لقاءات المغرب الحالية بين الممثلين الليبيين، قال المسماري في تصريح لصحيفة "الاتحاد" الاماراتية اليوم الثلاثاء، إن "الاجتماعات إن كانت في إطار مبادرة إعلان القاهرة لحلّ الأزمة الليبية أو مخرجات مؤتمر برلين، فالقيادة العامة (قيادة مليشيات حفتر) ترحب بذلك لأنها رحبت في السابق بهذه المبادرات"، لكنه استدرك بالقول "لم نسمع شيئاً من رئاسة البرلمان الليبي ولا أي تفاصيل ولا علم لي حول وجود اتصالات بين رئاسة البرلمان والقيادة العامة أم لا... لا أعلم هل هو تحفظ من القيادة العامة على اجتماعات المغرب أم صمت لإعطاء فرصة للحوارات السياسية لبحث حل الأزمة".

وإزاء هذا الموقف الغامض الموازي لمحاولات خرق وقف إطلاق النار، طفت إلى السطح تصريحات من جانب حلفاء حفتر المحليين، تصف لقاءات بوزنيقة المغربية بـ"جلسات تقاسم المناصب السيادية"، من بينهم السنوسي الحليق، قائد المليشيات القبلية الموالية لحفتر والمسؤولة عن قفل الحقول النفطية، الذي هدّد برفض أي نتائج إذا لم تنل برقة حصتها من المناصب السيادية، ومن بينها النفط، وفق تصريح له لتلفزيون موالٍ لحفتر ليل البارحة.

وأقرّ المتحدث الرسمي باسم مجلس نواب طبرق عبد الله بليحق، من جانبه بأن هدف ممثلي مجلس نواب طبرق من اللقاءات في المغرب "توزيع المناصب السيادية".

طفت إلى السطح تصريحات من جانب حلفاء حفتر المحليين، تصف لقاءات بوزنيقة المغربية بـ"جلسات تقاسم المناصب السيادية"

وقال بليحق في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هذه اللقاءات "تمهيدية لطاولة الحوار السياسي"، لكنه استدرك بالقول: "إذا توصل ممثلونا في المغرب لخطة لتوزيع المناصب السيادية، يمكن بعدها الحديث عن طاولة حوار سياسي".

واشترط بليحق للجلوس على الطاولة تعديل اتفاق الصخيرات وفق مبادرة القاهرة التي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومبادئ قمة برلين، مؤكداً أنه شرط مجلس نواب طبرق للذهاب إلى طاولة مفاوضات جنيف.

وبالتوازي، ستشهد جنيف لقاءات رسمية بين ممثلي مجلسي النواب والدولة لبدء الحوار حول تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة موحدة، تزامناً مع إطلاق لقاء موسع يجمع ممثلي كافة الأطياف الليبية، سواء القبلية أو ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات المستقلة، لضمان قبولها بنتائج حوار ممثلي المجلسين، وفق الدبلوماسي الليبي.

ويعبّر المحلل السياسي مروان ذويب عن مخاوفه من المؤشرات التي تحملها مواقف حفتر وتصريحات أنصاره في شرق البلاد إزاء لقاءات المغرب، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هذه اللقاءات مهمة وضمان حقيقي لإطلاق عملية سياسية جديدة، فمن دون توحيد المناصب السيادية، وخصوصاً البنك المركزي والجهات الرقابية، لا يمكن الحديث عما بعدها"، معتبراً أن مواقف حفتر وتصريحات أنصاره رسالة تتضمن تهديداً يقول إنهم مستعدون لتقويض نتائج هذه اللقاءات.

ولا يبدو حفتر مؤثراً بشكل كبير، بحسب الباحث السياسي الليبي زايد مؤمن، الذي يؤكد أن مواقفه وتصريحات من يمكن وصفهم بأنصاره في شرق ليبيا، لم تعد متوافقة.

وحول خروقات وقف إطلاق النار، يرى مؤمن في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر طيلة الفترات الماضية لم يكن موجوداً وحلفاؤه الكبار نفضوا أيديهم منه، وأن الحديث عن إخلاء سرت من السلاح هي فرصة له للعودة للمشهد، وليقول للجميع إنه يجب التعامل معه"، مشيراً إلى أن القيادات المتنفذة في المشهد في شرق ليبيا لم تعد على وفاق مع حفتر وأنها تسعى لمصالح شخصية فقط.

وتابع: "معروف عن تلك القيادات سواء في مجلس طبرق أو القبائل استغلالها مناصبها للوصول إلى مناصب أعلى ومصالح ضيقة، وأنها لن تتورط في دعم طرف خاسر رأت أن حلفاءه تخلوا عنه ولا سيما القاهرة، وهي الأقرب إلى تلك القيادات في برقة".

وحول مخرجات لقاءات المغرب، يرجح مؤمن أن تنتهي فعلياً اليوم بترشيح شاغلي المناصب العليا، قبل أن يذهب الفرقاء لطاولة حوار حُدّدت مهامها بتقليص أعضاء المجلس الرئاسي وتعيين حكومة وحدة وطنية.

وعلى الرغم من تأكيد مؤمن وقوف دول كبرى وراء الضغوط التي مورست على الأطراف الليبية بشأن الذهاب إلى حلّ سياسي، إلا أنه يعبّر عن مخاوف من ألا تنتج طاولة الحوار المنتظرة وجوهاً سياسية جديدة، وألا تتجاوز إعادة إنتاج المشهد الحالي، ما يعني أن طاولة الحوار ستلبي مطالب الأطراف الخارجية، مع استمرار الأزمات الداخلية التي تسببت فيها ذات الشخصيات المتنفذة في مفاصل الدولة.

ذات صلة

الصورة
يشارك أطفال المغرب في كل فعاليات دعم غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يلقي ما يعيشه قطاع غزة من مآسٍ إنسانية من جراء قتل الاحتلال الإسرائيلي آلاف الأطفال الفلسطينيين، بظلاله على كافة مناحي الحياة في المغرب.
الصورة
آلاف المغاربة يطالبون بإسقاط التطبيع وإغلاق مكتب الإتصال الإسرائيلي بالرباط (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر آلاف المغاربة، اليوم الأحد، في قلب العاصمة الرباط، تنديداً بـ"محرقة غزة"، وللمطالبة بإسقاط التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

أطلقت شخصيات مغربية رفيعة عريضة، تطالب الدولة بإلغاء كل اتفاقيات تطبيع العلاقات مع إسرائيل التي تواصل استهداف القدس والمسجد الأقصى، وتمعن في ارتكاب جرائم حرب بالجملة ضد الإنسانية.
الصورة
رفض للمجازر الإسرائيلية بحق غزة (أبو آدم محمد/ الأناضول)

مجتمع

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هتف المغرب نصرة للفلسطينيين وأهل غزة، وخصوصاً المشجعين الرياضيين "الألتراس"