زراعة السودان تحت نيران إثيوبيا: احتلال 260 ألف فدان

زراعة السودان تحت نيران إثيوبيا: احتلال 260 ألف فدان

30 يونيو 2022
تهديدات للموسم الزراعي في السودان بسبب الاعتداءات الإثيوبية (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تسلم الزراعة السودانية من المعارك المسلحة الدائرة على الحدود مع إثيوبيا التي طاولت نيرانها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. وفي هذا السياق، شكا مزارعو الفشقة الصغرى من اعتداءات الجيش الإثيوبي عليهم والقيام بمناوشات تتزامن مع بداية كل موسم زراعي جديد لمنعهم من الزراعة.

وتبدأ حدود منطقة الفشقة الصغرى من شمال جبل أبوطيور بولاية القضارف وحتى القلابات جنوبا. وقال مزارعون لـ"العربي الجديد" إنهم يواجهون صعوبات بالغة في تأمين المواسم الزراعية في ظل الاعتداءات المتواصلة من القوات الإثيوبية.

وقال عمدة منطقة الفشقة الصغرى، أحمد النور عامر، لـ"العربي الجديد" إن الاعتداء الإثيوبي على المزارعين بالمنطقة لن يحسم إلا بحدوث مواجهة عسكرية، لافتا إلى مخاطبته رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بشأن تخصيص حراسة أمنية ومعسكرات للجيش بالفشقة الصغرى أسوة بالكبرى والتي استتب الأمن فيها بسبب الوجود العسكري لحمايتها.

وأشار عامر إلى شروع المزارعين الإثيوبيين في تنظيف الأراضي السودانية وتحضيرها للزراعة في مساحة تتجاوز 260 ألف فدان تؤول ملكيتها لكبار وصغار المزارعين السودانيين دون التمكن من صدهم والاقتراب منهم. ولوح بهجر المزارعين لمهنة الزراعة ما لم يتم الوصول إلى حل جذري للمشاكل الأمنية بالمنطقة.

ومن جانبه، شرح المزارع بالفشقة الكبرى معاوية عثمان لـ"العربي الجديد" أهداف الاعتداءات الإثيوبية المتكررة على المزارعين لمنعهم من الزراعة في الأراضي السودانية والتي كان يحتلها الإثيوبيون لأكثر من 25 عاما ويقومون بالزراعة فيها طيلة هذه الفترة دون وجه حق.

وقال إن من ينشط في هذه الاعتداءات على وطننا وأراضينا جيش منظم تمكن من قتل 7 أفراد نظاميين ومزارع.

وأوضح عثمان أن الموسم الزراعي الجديد في خطر بسبب هذه الاعتداءات الإثيوبية وعدم وجود التمويل الكافي وانعدام السيولة لدى غالب المزارعين والذين عانوا في الموسم السابق من مشاكل تدني أسعار المحاصيل والزيادة المضطردة في مدخلات الإنتاج ومنع المنظمات خاصة الفاو من شراء المحاصيل من الأسواق وتوقف صادر الذرة.

كما شكا المزارع بالفشقة الصغرى عبد اللطيف يوسف لـ"العربي الجديد" من عدم قدرة المزارعين السودانيين على زراعة أراضيهم والتي تصل لقرابة الـ 50 ألف فدان بمناطق باسندة والفزرة وجزيرة الدود وكريمة على الحدود مع إثيوبيا وتركها بورا تخوفا من هجمات الإثيوبيين وقتلهم.

وقال إن المزارعين يعانون من العجز عن الزراعة بأمان إلا بحماية الجيش السوداني والذي يتولى مهام تأمين المواسم الزراعية السابقة على أكمل وجه، لافتا لاستهداف زراعة 3 ملايين فدان بالمنطقة جنوبي القضارف بما فيها الفشقة بمحاصيل القطن، زهرة الشمس، السمسم، الذرة الثقيلة، والذرة، من إجمالي المساحات المستهدف زراعتها بولاية القضارف والبالغة 7.5 ملايين فدان.

وتتميز أراضي "الفشقة" السودانية، البالغة مساحتها 251 كيلومترا مربعا بخصوبتها الزراعية والتي تتجاوز 6 ملايين فدان صالحة للزراعة وهي مقسمة إلى ثلاث مناطق: "الفشقة الكبرى" "الفشقة الصغرى" والمنطقة الجنوبية.

ويتهم السودان، الجيش الإثيوبي بدعم ما يصفه بـ"المليشيات الإثيوبية"، وهو ما تنفيه أديس أبابا، وتقول إنها "جماعات خارجة عن القانون".

وقال المحلل الزراعي علي ميرغني لـ"العربي الجديد" إن جغرافية أرض الفشقة تجعل الوصول إليها من السودان صعبا للغاية في فصل الخريف ويتطلب عبور نهر باسلام أحد فروع نهر عطبرة الذي ينبع من مرتفعات إقليم التقراي.

والجيش السوداني نجح في وضع قدمه على جزء من الفشقة الكبرى شرقي النهر، وحوالي 10 كيلومترات شرق النهر في الفشقة الصغرى.

وقال ميرغني إن الانفلات يحدث عادة من مليشيا إثيوبية تسمى الشفتة وهي عصابات مسلحة تعمل لحساب بعض رجال الأعمال الإثيوبيين الذين يشتغلون بالزراعة في منطقة الفشقة. وقال إن القيادات السودانية المحلية تتهم الجيش الإثيوبي بمساندة هذه القوات بالمدفعية من داخل الأراضي الإثيوبية وأيضا باللوجستيات من ذخائر وغيرها من لوازم القتال.

ومن جانبها، قالت المختصة في الشؤون الزراعية بالخرطوم، رحاب فريني، إن الأحداث تؤثر تأثيرا بالغا على الموسم الزراعي الصيفي للعام 2022 ــ 2023 لأن هذه المنطقة حدودية مع الجارة الإثيوبية تنقطع بشكل كامل عن ولاية القضارف خلال الموسم بسبب تكاثر هطول الأمطار بالمنطقة الجنوبية ما يتطلب تواجد العمال في المعسكرات (الكنابي).

وأضافت أن ذلك يشكل خطرا عليهم من الأحباش وقد شهدت الأعوام الثلاثة الماضية هجمات من عصابات الشفتة والجيش الإثيوبي راح ضحيتها عمال كثر وحالات اختطاف لمزارعين بالمنطقة والمطالبة بفدية مالية لتسليمهم، فضلا عن استيلائهم على أصول ومقتنيات المزارعين من جرارات والمعدات الزراعية ومدخلات الإنتاج المتواجدة بالمعسكرات.

المساهمون