بوادر "المرض الهولندي" تخيّم على اقتصاد روسيا

بوادر "المرض الهولندي" تخيّم على اقتصاد روسيا

26 يونيو 2022
مخاوف على الاقتصاد الروسي (Getty)
+ الخط -

أنهى الروبل الروسي الأسبوع المنصرم بموجة جديدة من التعافي، مسجلاً أعلى مستويات له أمام الدولار منذ عام 2015، وسط تساؤلات عن العوامل التي أدت إلى مثل هذه الطفرة للعملة الروسية، رغم خضوع موسكو لعقوبات غربية غير مسبوقة فرضت عليها على خلفية الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

وفي الوقت الذي حدد المصرف المركزي الروسي فيه سعر صرف الدولار لعطلة نهاية الأسبوع ويوم بعد غد الاثنين، بنحو 53.3 روبلاً مقابل 120 روبلاً تقريباً في بداية مارس/آذار الماضي، ثمة تحذيرات من الخبراء الماليين من أن تؤدي هذه الطفرة في سعر صرف الروبل إلى إصابة الاقتصاد الروسي بـ"المرض الهولندي" (نسبة إلى ما خاضه الاقتصاد الهولندي في سبعينيات القرن الماضي) ومن بين أعراضه ارتفاع تكلفة الصادرات بما تعادله بالعملة الأجنبية نتيجة لقوة العملة الوطنية، ما يقلل من القدرة التنافسية للمصدّرين في الأسواق العالمية.

وفي هذا الإطار، يرجع كبير المحللين في مجموعة تيلي تريد للتداول، مارك غويخمان، تعافي الروبل بهذه الصورة إلى ارتفاع أسعار موارد الطاقة التي تصدرها روسيا مقابل تهاوي الواردات، محذراً من أن يؤدي إلى تراجع العوائد الضريبية لخزينة الدولة على إثر انخفاض قيمة الصادرات بما تعادله بالروبل.

ويقول غويخمان في حديث لـ"العربي الجديد": "من الوهلة الأولى، قد يبدو ذلك خيالاً وتناقضاً أن يرتفع الدولار أمام العملات الرئيسية للدول المتقدمة لأعلى مستويات منذ عقدين، بينما يعزز الروبل مواقعه أمامه رغم خضوع روسيا للعقوبات ومواجهتها أزمة اقتصادية وتراجعاً للناتج المحلي الإجمالي". وحول رؤيته لأسباب تعافي الروبل بهذه الصورة المفاجئة.

يضيف: "خلقت العقوبات والقيود على الأنشطة الاقتصادية الخارجية الروسية ظروفاً غير عادية للروبل، إذ أدى تقييد تصدير موارد الطاقة الروسية إلى ارتفاع أسعارها.

ورغم انخفاض كميات الصادرات، فإنّ ارتفاع الأسعار يوفر تدفقاً كبيراً من العوائد. من جانب آخر، أدى تراجع الاستيراد بنسبة 40 في المائة إلى انخفاض حاد للطلب على العملة. على إثر ذلك، اصطدم فائض عرض العملة في البورصة بضعف الطلب عليها".

مع ذلك، يحذر غويخمان من التداعيات السلبية لقوة الروبل، قائلاً: "كلما انخفض سعر صرف الدولار واليورو أمام الروبل، انخفضت عوائد التصدير بما تعادله بالروبل أيضاً، وكذلك تتراجع تحويلاتها الضرائبية إلى خزينة الدولة ومشترياتها داخل البلاد، التي توفر عوائد للقطاعات المتلاحمة.

لذلك، تبدي الحكومة الروسية استياءً من الوضع الراهن، بينما يقوم المصرف المركزي ووزارة المالية بمحاولات واضحة للحد من صعود الروبل". وكان المركزي الروسي قد أعلن في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، خفض سعر الفائدة الأساسية للمرة الرابعة على التوالي من 11 إلى 9.5 في المائة، لتعود إلى مستوى ما قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

مع ذلك، يتوقع غويخمان صعود الدولار إلى 70 روبلاً فأكثر خلال الأشهر الستة المقبلة تحت وطأة العوامل مثل زيادة الاستيراد الموازي عبر دول ثالثة والذي سمحت به السلطات، ودخول الحظر الأوروبي على النفط الروسي حيز التنفيذ.

المساهمون