رفع أسعار الوقود يحرق جيوب السوريين... ويعرقل الصناعة والزراعة

رفع أسعار الوقود يحرق جيوب السوريين... ويعرقل الصناعة والزراعة

24 مايو 2022
ارتفاع كبير في أجرة المواصلات (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

تكرر حكومة بشار الأسد الحل نفسه، للمرة الخامسة خلال عام لتتفاقم الأزمات، فبدلا من التطلع إلى التسهيلات والإعفاءات لجذب بعض الأموال والاستثمارات وتخفيض تكاليف الإنتاج على الصناعيين والفلاحين وتخفيف حدة التضخم، ترمي بالحل الأسهل وهو "رفع أسعار الطاقة" ليحل النظام أزماته المالية عبر جيوب السوريين المهترئة.
وما إن رفعت حكومة الأسد، الأسبوع الماضي، أسعار البنزين من 2500 إلى 3500 ليرة والمازوت الصناعي من 1700 إلى 2500 ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة)، حتى انعكس القرار فوراً على الأسواق، حسب مصادر من دمشق، إذ ارتفعت الأسعار وتفاقمت أزمة النقل، فضلاً عن تراجع عرض بعض السلع والمنتجات وتضرر مختلف القطاعات الاقتصادية.
ويؤكد الصناعي السوري محمد طيب العلو لـ"العربي الجديد" عدم تنسيق الحكومة مع الصناعيين والتجار قبل رفع أسعار الطاقة، رغم أن الآثار برأيه "ستكون كارثية" إذ سيرفع الصناعيون الأسعار ما يفاقم معيشة السوريين.
ويضيف العلو أن وزير التجارة بحكومة الأسد، عمرو سالم، اجتمع بعد فرض الأمر الواقع، بممثلين عن الصناعيين، طالباً عدم زيادة الأسعار ورفد الأسواق بالسلع والمنتجات، من دون أن يقول لوفدي اتحاد غرف الصناعة والتجارة كيف سيفعلون ذلك؟
ويشير الصناعي السوري إلى افتقار حكومة الأسد للحلول الاقتصادية، إذ تستمر بتدوير عجلة الإنتاج، عبر الإتاوات والوعيد.

وفي المقابل، لا ينكر الصناعي مصطفى صباغ الخسائر التي يتكبدها النظام السوري، جراء ارتفاع أسعار النفط عالميا وزيادة تكاليف نقل الخام بسبب الحصار وتراجع الإنتاج بسورية إلى أقل من 30 ألف برميل يومياً، في حين يقترب الاستهلاك من 200 ألف برميل.
ولكن، يشير الصباغ خلال اتصال مع "العربي الجديد" إلى أن الدول التي رفعت أسعار المشتقات النفطية رافقت قراراتها بتسهيلات للقروض وإعفاءات ضريبية ودعم الإنتاج والصادرات، إذ ليس من الحكمة الاقتصادية "رمي الصناعيين والتجار بمستنقع الخسائر وإلزامهم بالإنتاج".
وانعكس قرار رفع أسعار المحروقات على الأسواق مباشرة "وكأن التجار والباعة ينتظرون المبرر"، حسب ما قالت المواطنة سهام جقمور من دمشق لـ"العربي الجديد"، مبدية تخوفها من رفع الحكومة أسعار الخبز، بعد سحب الدعم عن معظم الأسر السورية منذ فبراير/ شباط الماضي ورفع الأسعار 100%.
وحول أسعار السلع تضيف جقمور أن "مشتقات الألبان ارتفعت بأكثر من 20% خلال الشهر الجاري، كما ارتفعت أسعار اللحوم والخضر والفواكه بشكل مبالغ فيه".
من جهته، حذر الاقتصادي السوري محمود حسين خلال حديثه لـ"العربي الجديد" من ركود حاد بواقع "انعدام القدرة الشرائية" وعدم وجود سياح أو غرباء تحرك الأسواق.
ويضيف الاقتصادي السوري أن رفع أسعار المشتقات النفطية "على اعتبارها سلعاً محرضة وتدخل بجميع القطاعات" ستؤثر على الصناعة والزراعة بالدرجة الأولى.
وجاءت أزمة النقل كأبرز نتائج رفع أسعار المحروقات، إذ تؤكد مصادر متطابقة من دمشق عودة الازدحام وقلة وسائط النقل بواقع الأسعار الجديدة وتراجع حصة السيارات من المحروقات المدعومة.

لا ينكر الصناعي مصطفى صباغ الخسائر التي يتكبدها النظام السوري، جراء ارتفاع أسعار النفط عالميا وزيادة تكاليف نقل الخام بسبب الحصار


وتشير المصادر إلى رفع أجور سيارات الأجرة قبل صدور تعريفة المحافظة بأكثر من 60% رغم الرفع بواقع 100% قبل ثلاثة أشهر وقت سحبت الحكومة الدعم عن المحروقات.
وحول دور الرقابة بضبط أجور النقل، تقول المصادر لـ"العربي الجديد" إن سائقي السيارات يقولون إنهم يشترون المازوت من السوق السوداء بخمسة آلاف ليرة والبنزين بستة آلاف.
وتلفت المصادر إلى انتشار وسائط نقل جديدة بشوارع العاصمة دمشق "عجلات، دراجات، عربات يجرها حصان، دراجات بثلاث عجلات"، كما أن إقبال الموظفين ازداد على سيارات نقل الخضر "المكشوفة".
ويقول التاجر ممدوح شباط من العاصمة السورية دمشق، إن واقع الاستغلال والاستقواء هو الغالب على الأسواق السورية.
ويكشف التاجر السوري لـ"العربي الجديد" أن معظم محطات الوقود التي كانت تبيع المحروقات المدعومة، تحولت إلى بيع البنزين والمازوت الحر، رغم رفض لجنة المحروقات الطلبات والتحوّل، مؤكداً عودة الازدحام والطوابير وانتشار أسعار عدة للمحروقات.
وكان معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة النظام، سامر سوسي، قد أكد صرامة الإجراءات بشأن محطات الوقود التي تغش وتتلاعب بمخصصات المواطنين وتعطي فرصة للتداول في السوق السوداء، مشيراً خلال تصريحات صحافية إلى أنه تم إغلاق محطات وقود في أغلب المحافظات السورية لمدة 90 يوما وتطبيق غرامات كبيرة عليهم".

المساهمون