عدد قياسي من الخريجين في الصين... والبطالة تتفاقم

عدد قياسي من الخريجين في الصين... والبطالة تتفاقم

24 مايو 2022
خريجون صينيون في معرض للوظائف (ليو زانكون/ Getty)
+ الخط -

 

يخشى الخريجون الجدد في الصين عدم التمكن من الحصول على وظائف في ظلّ قلة فرص العمل في البلاد، خصوصاً بعد تفشي كورونا، الأمر الذي يفرض على الحكومة إيجاد حلول.

أعلنت وزارة التعليم الصينية أن نحو 10.76 ملايين طالب على وشك التخرج من الجامعات هذا الصيف، بزيادة قدرها 1.67 مليون على أساس سنوي وهو رقم قياسي غير مسبوق، مشيرة إلى أن الخريجين الجدد سيواجهون ضغوطاً وظيفية متعددة هذا العام، وسيكون البحث عن عمل أكثر صعوبة مما كان الحال عليه عام 2020.

وبحسب المكتب الوطني للإحصاء، فإن معدل البطالة في البلاد بلغ 5.5 في المائة بزيادة 0.1 نقطة مئوية عن الفترة نفسها عام 2021. وكان خبراء صينيون قد حثوا الطلاب على التخطيط لمسيرتهم المهنية لزيادة قدراتهم التنافسية، ودعوا إلى مزيد من السياسات التفضيلية لتوسيع سوق العمل شديد التنافس. وقال مراقبون إن الكيفية التي سوف يتطور بها سوق العمل خلال الأشهر المقبلة غير مؤكدة، وذلك يتوقف على مدى النجاح في السيطرة على الوباء المنتشر في البلاد.

ومع تضاؤل فرص العمل بسبب تراجع الطلب على الموظفين والقيود الوبائية والتناقضات الهيكلية البارزة في سوق العمل، بالإضافة إلى القلق المتزايد بين الخريجين، تنحصر الخيارات أمام الطلاب في ثلاثة مسارات: التوجه نحو استكمال الدراسات العليا لتعزيز القدرة التنافسية، أو اللجوء إلى قطاع الخدمة المدنية في ظل تفشي فيروس كورونا الجديد وحاجة المجتمع إلى هذا النوع من الخدمات، أو البحث عن الاستقرار من خلال العثور على وظيفة في المؤسسات المملوكة للدولة، باعتبار أن هذا القطاع لا يخضع للتقلبات التي يشهدها سوق العمل.

وأظهر مسح حديث أجرته منصة "جي ليان" التي تعد أكبر شبكة لتقديم خدمات التوظيف عبر الإنترنت في الصين، أن نحو 44 في المائة من الخريجين يفضلون العمل في القطاع الحكومي، ارتفاعاً من 42.5 في المائة عام 2021. وقال القائمون على المنصة إن التوجه نحو الشركات المملوكة للدولة هو الخيار الرئيسي للعديد من الخريجين الصينيين، الأمر الذي يشير إلى وجود اتجاه يسعى إلى الاستقرار. ويختار بعضهم الآخر أن يصبحوا موظفين في مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً أن العاملين في هذا القطاع لعبوا دوراً رئيسياً في تصدي الصين لكورونا على مدار العامين الماضيين. ويدعو خبراء إلى سياسات أفضل لهذه المهن، مثل رفع الرواتب وخفض الضرائب، لجذب المزيد من الخريجين.

كما أظهر المسح الذي أجرته المنصة الصينية، أن نحو 11 في المائة من الخريجين يهدفون إلى متابعة الدراسات العليا، وهي نسبة أعلى بكثير من 4.3 في المائة عام 2021، الأمر الذي يشير إلى رغبة في تحسين القدرة التنافسية على اعتبار أن الحصول على شهادات عليا مثل الماجستير والدكتوراه من شأنه أن يعزز فرص التوظيف في سوق العمل.

الصورة
طلاب يصلون إلى جامعة ووهان (زانغ شانغ/ Getty)
طلاب يصلون إلى جامعة ووهان (زانغ شانغ/ Getty)

أحلام مؤجلة

تقول لين جيانغ، وهي طالبة من المقرر أن تتخرج هذا العام من جامعة "صن يات سن" (جنوب الصين) لـ "العربي الجديد": "يبدو أننا أمام أسوأ فترة تخرج يمر على البلاد منذ عقود. ليس لدي الكثير من الخيارات، ولا أعتقد أني سأجد وظيفة في مجال تخصصي الأكاديمي (محاسبة مالية). لذلك تطوعت منذ مطلع العام الجاري ضمن مجموعة كشفية للعمل في اللجان الشعبية المسؤولة عن تنفيذ وتنسيق سياسات الدولة المتعلقة بمكافحة كورونا، على أمل أن أحظى بوظيفة في وقت لاحق في إحدى مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة والتي تشترط لاستيعاب الموظفين شهادات خبرة في العمل الميداني لا تقل عن عام واحد".

من جهته، قرر لونغ شي وهو طالب في جامعة الشعب، استكمال دراساته العليا لأنه متيقن من صعوبة الحصول على وظيفة خلال هذا الظرف الحرج الذي تمر به البلاد. ويقول لـ "العربي الجديد": "لا أريد هدر الوقت في البحث عن وظيفة، كما أن سوق العمل غير جاذب للخريجين الجدد في ظل التنافسية الشديدة. لذلك، أفضّل استغلال هذه الفترة للحصول على درجة الماجستير، وبعد عامين من المتوقع أن تكون الصين قد تجاوزت محنة كورونا، وقد يتعافى الاقتصاد مجدداً، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على سوق العمل وفرص التوظيف".

إجراءات غير كافية

ويقول الباحث في المركز الصيني للدراسات الاقتصادية بجامعة فودان، تشاو تشيانغ، إن الاقتصاد الصيني يواجه ضغوطًا كبيرة، ما أدى إلى انخفاض فرص العمل لخريجي الجامعات. يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الكثير من الخريجين يريدون الاستقرار في اختيار قطاع الخدمة المدنية أو الوظائف الحكومية، وهو أمر طبيعي، في ظل الاضطرابات التي يشهدها السوق، مشيراً إلى ضرورة تعزيز الخيارات الأخرى، إذ لا يمكن توسيع نطاق الخدمة المدنية أو العمل الحكومي إلى ما لا نهاية، فضلاً عن أن ذلك ليس حلاً ناجعاً لأزمة البطالة. ويوضح تشيانغ أنه منذ ظهور كورونا في البلاد، ضغطت الحكومة على الشركات المملوكة للدولة لتوظيف المزيد من الخريجين الجدد لتعزيز سوق العمل المتضرر من الوباء، ولكن بسبب المتطلبات الصارمة لتنفيذ استراتيجية صفر كوفيد، من غير المرجح حدوث زيادة كبيرة على المدى القصير. 

يشار إلى أن متوسط الراتب الشهري لخريجي الجامعات هذا العام انخفض، بحسب منصة "جي ليان" إلى حوالى 6300 يوان صيني أي ما يعادل 965 دولاراً أميركياً، بانخفاض سنوي قدره 6 في المائة، وهو ما يعكس حقيقة أن الباحثين الجدد عن عمل يرغبون في قبول أجر أقل.

المساهمون