تونسيون يجمعون الحلزون ويبيعونه

تونسيون يجمعون الحلزون ويبيعونه

23 مايو 2022
الرزق الناتج عن بيع الحلزون يعد جيداً (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ ساعات الفجر الأولى، تبدأ رحلة محمّد أمين (35 عاماً) إلى الحقول في منطقة سجنان بمحافظة بنزرت شمال البلاد، لجمع الحلزون أو ما يُعرف في تونس باسم "الببوش". يحمل معه أكياساً بيضاء وقفازات وقطعة من الحديد حادة بعض الشيء لينبش بها التراب. يقول إنّه "يجمع يومياً نحو عشرة كيلوغرامات من الحلزون لبيعها إلى التجار في الأسواق أو على الطريق للناس مباشرة"، مشيراً إلى أنّه يجمع العديد من الأنواع منها الموجودة على أوراق وأغصان الأشجار، كما ينبش التراب لإخراج بعض الأنواع الأخرى التي تعيش فترة أطول تحت الأرض. 
ويشير محمد إلى أنّه "بدأ هذا العمل الموسمي منذ أكثر من ثلاث سنوات. يجمع الحلزون بدءاً من فصل الشتاء وحتّى بداية الصيف، وذلك في مناطق الشمال لكثرة الحقول والغابات فيها. وقد خبر أنواع الحلزون وأكثرها مبيعاً في الأسواق"، مشيراً إلى أنه موجود في العديد من الأطباق التونسية. 
من جهتها، تقول عربية الشافعي: "في الأيام التي تكون فيها الرطوبة عالية أو بعد نزول الأمطار، يخرج الحلزون ليرعى في الحقول، فترى النساء والرجال وحتى بعض الأطفال من سكان المناطق الريفية يتنقلون إلى المناطق الخضراء لجمع الببوش وبيعه للتجار"، مشيرة إلى أنها "تجمع الحلزون منذ أكثر من خمس سنوات ليبيعه أطفالها أحيانا على الطرقات أو تبيعه إلى التجار الذين يروجونه بدورهم في الأسواق". ويومياً، تبيع نحو 15 كيلوغراماً منه بنحو ثلاثة دولارات للكيلوغرام الواحد. وتستمر فترة جمع الحلزون قرابة الخمسة أشهر قبل ارتفاع درجات الحرارة".  
تقول عربية إنّه "عمل موسمي يجد فيه العشرات من النساء والأطفال رزقاً جيداً وخصوصاً أن العديد من العائلات والمطاعم والفنادق تحرص على شراء كميات كبيرة منه لتخزينها خلال الصيف وإعداد أشهر الأطباق التونسية". 

ويُعتبر "الببوش" أكلة شعبية تُفضلها العديد من العائلات التونسية. وبعدما كانت تعد أكلة الفقراء، تحولت اليوم إلى وجبة مفضلة لدى كثيرين، وباتت من بين أشهر الأطباق التي توفرها المطاعم والفنادق التونسية". 
وتبدأ عملية طبخه بتنظيفه أولاً من التراب، ثم يُغسل بالملح ويوضع في إناء مليء بالسميد ليلة كاملة ليأكله الحلزون ويخرج ما في أمعائه من أعشاب وفضلات. وفي اليوم التالي، يغسل مجدداً بالماء والخلّ، ويوضع في قدر من المياه على نار هادئة بعد تتبيله بالملح والكمون وبعض التوابل الأخرى لمدّة ساعتين أو حتى أكثر. فكل نوع يحتاج إلى وقت معين لينضج، وهناك من يأكله مباشرة بعد سلقه في الماء. 

الصورة
الرزق الناتج عن بيع الحلزون يعد جيداً (العربي الجديد)
الرزق الناتج عن بيع الحلزون يعد جيداً (العربي الجديد)

ويفضّل البعض طهيه في أطباق تونسية على غرار الكسكسي والشكشوكة والمرق، الأمر الذي يدفع كثيرين إلى الاستفادة من هذا الموسم لكسب الرزق. يتوجه كثيرون إلى الحقول في ساعات الصباح الأولى بحثاً عن الببوش، ويبيعونه على الطرقات وغالبية الأسواق الكبيرة أو الشعبية والفضاءات التجارية الكبرى. ويشير مراد، أحد باعة الحلزون في السوق المركزية بالعاصمة، إلى "أنّ تجارته موسمية لكن العديد من التجار يجدون فيها دخلاً جيداً هاماً نظراً لإقبال التونسيين على شرائه خلال فصل الشتاء والربيع وبداية فصل الصيف، بالإضافة إلى تخزينه في الثلاجات لاستعماله طوال العام. كما تقتنيه بعض مراكز التجميل". يشار إلى أن للحلزون استخدامات أخرى على غرار التجميل والطب. لذلك، باتت تربيته مورد رزق لعشرات الشباب ممن نجحوا في إطلاق مشاريع لتربية الحلزون في جهات عدة خلال السنوات الأخيرة".  

الصورة
الرزق الناتج عن بيع الحلزون يعد جيداً (العربي الجديد)
بيع الحلزون مهنة موسمية تدر دخلاً جيداً (العربي الجديد)

قبل أربع سنوات، بدأت فاطمة بن إبراهيم (37 عاماً) مشروعاً لتربية الحلزون في بنزرت. تقول: "تعاملت مع عدد من النساء والشبان ممن يجمعون الحلزون واشتريت كميات كبيرة لتربيتها في مزرعتي الصغيرة داخل غرف مغلقة للتزاوج والتكاثر، ثم وضعته في المزرعة ليرعى ويعيش في مناخ طبيعي". وتوضح أنّها "تنتج أكثر من 10 أطنان من الحلزون الذي يباع في الأسواق للأكل أو تبيعه لبعض مراكز صنع مواد التجميل ومراكز التدليك". 

ويبلغ عدد مشاريع تربية الحلزون في تونس أكثر من خمسين مشروعاً أنشئت منذ عام 2003 وارتفع عددها بالأساس خلال العشر سنوات الأخيرة من قبل بعض الشباب وخصوصاً النساء منهم، لينشئوا تلك المشاريع في مزارع خاصة نظراً لكونها من المشاريع غير المكلفة جداً، والتي لا تحتاج إلى يد عاملة كبيرة، عدا عن توفر الإمكانيات الطبيعية من أرض ومياه، والقدرة على غرس جميع أنواع النباتات التي يتغذى منها الحلزون على مدار العام، ثم ترويج المنتج في السوق الداخلية وتصديره أيضاً إلى دول عدة، لا سيما الدول الأوروبية على غرار فرنسا وإيطاليا، حيث شركات صنع مواد التجميل، فيما تستهلك بعض تلك الدول أيضا الحلزون لإعداد أطباق مختلفة عن الأطباق التونسية. 

المساهمون