تفسيرات مصرية لغضب فصائل غزة من أطقم إعمار القطاع

تفسيرات مصرية لغضب فصائل غزة من أطقم إعمار القطاع

19 مايو 2022
نفت مصادر مصرية الانسحاب من مواقع العمل (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -

تحدثت مصادر مصرية مطلعة على ملف الوساطة التي تقودها القاهرة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن حقيقة الأنباء التي أثيرت بشأن انسحاب الأطقم الهندسية المصرية المكلفة إعادة الإعمار في قطاع غزة.

ونفت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، صحة الأنباء التي تداولتها مواقع فلسطينية، أول من أمس الثلاثاء، بشأن انسحاب كامل للأطقم المصرية من مواقع العمل المكلفة بها. وأكدت أن عمليات إعادة الإعمار تسير بشكل جيد، مقارنة بالأوضاع السياسية والاقتصادية في القطاع.


أكدت مصادر مصرية أن العمليات لا تزال جارية لتطوير التقاطعات الهامة في مدينة غزة

وأوضحت المصادر أن "الأطقم العاملة تحت إشراف الإدارة المصرية، والمقاولين التابعين لشركة أبناء سيناء، المملوكة لجهاز المخابرات العامة، انتهت أخيراً من تطوير الواجهة البحرية لكورنيش شمال غزة، بالإضافة إلى قطع شوط كبير في عمليات البناء الخاصة بمدينة دار مصر 1 في منطقة الزهراء، ودار مصر 2، في منطقة جباليا، ودار مصر 3، في بيت لاهيا".

العمليات المصرية جارية لتطوير التقاطعات بغزة

وتابعت المصادر أن "العمليات لا تزال جارية بشأن تطوير التقاطعات الهامة في مدينة غزة، من خلال إنشاء كوبري الشجاعية، وكذلك كوبري السرايا".

وكان مراسل "العربي الجديد" في غزة زار، أمس الأول، مدينة "دار مصر 3" السكنية، التي يجري العمل فيها غربي بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ووجد مجموعة صغيرة من العمال المحليين، وبعض المعدات تعمل في الموقع، لكن عدد العمال المحليين والمعدات أقل من المعتاد.

كما شاهد معدات محلية فقط تتبع للمقاول الفلسطيني تعمل في شارع الرشيد البحري في بيت لاهيا، في ظل غياب المعدات المصرية (شاحنات وجرافات وآليات أخرى) التي كانت تتولى الجزء الأكبر من عمليات التسوية والترتيب. وشاهد في موقع معدات الطواقم المصرية في دوار السودانية، غربي جباليا شمال القطاع، أن غالبيتها في المكان لا تعمل.

وبحسب مصدر مصري بارز، فإن القاهرة "حققت هدفاً كبيراً بالتواجد داخل قطاع غزة، من أجل أسباب متعددة، وبالتالي ليس من العقل أو المنطق أن تنسحب كما يروج البعض". وأرجع المصدر ما وصفه بالتسريبات "لمحاولات من شأنها إخراج الوجود المصري، المتمثل في الطواقم الفنية والهندسية من القطاع، لأسباب فصائلية" بحسب تعبيره.

وأوضح المصدر أن "هناك من يرى في هذا الوجود تضييقاً على أعمال المقاومة في قطاع غزة، وسط مخاوف من تواجد عناصر لها أهداف أخرى بخلاف العمل بالمشروعات".

وأشار إلى أن "الأخوة في غزة، في بعض الأحيان، يرون أن هناك تباطؤا مصرياً في عمليات تنفيذ المشروعات، من أجل توظيف ذلك في عمليات تفاوضية تتوسط فيها القاهرة مع الإسرائيليين". وهذه الرؤية، "الخاطئة"، بحسب المصدر.

الدور المصري في غزة معقد للغاية

وأوضح أن "الدور المصري وطبيعة عمله في إعادة الإعمار معقد للغاية، فالجانب الفلسطيني في قطاع غزة له متطلبات. وهذه المتطلبات غير خاضعة للتحرك المصري فقط، ولكنها تأتي في إطار التزامات دولية مفروضة على القاهرة تتحرك في إطارها، من بينها شروط ومحاذير إسرائيلية لا يمكن للقاهرة التغافل عنها".

التحرك المصري في غزة خاضع لمتطلبات الجانب الفلسطيني والتزامات وشروط ومحاذير إسرائيلية

ولفت المصدر إلى أنه "في وقت سابق، طمأن مسؤولون مصريون قادة الفصائل في قطاع غزة، بشأن طبيعة الأطقم المصرية العاملة هناك، وتحديد حركتها في نطاق مواقع العمل فقط، والتشديد على عدم القيام بأية أدوار رقابية من داخل قطاع غزة على أعمال المقاومة الفلسطينية، مؤكدين أن هذا شأن داخلي خالص، وأن الدور المصري منحصر في أعمال إعادة الإعمار فقط".

في مقابل ذلك، كشفت مصادر من قطاع غزة، فضلت عدم الكشف عن هويتها، لمراسل "العربي الجديد" في القاهرة، أن هناك "حالة من الغضب داخل أوساط المقاومة، وبالتحديد حركة حماس، بعد تلميحات بشأن دور معلوماتي لعناصر مصرية، مكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أخيراً من استهداف مسار لتهريب المعدات العسكرية والأسلحة إلى قطاع غزة". وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" أعلنا، الأسبوع الماضي، "إحباط عملية تهريب أسلحة عن طريق البحر إلى قطاع غزة".

وتثير إدارة مصر لعملية إعادة الإعمار في غزة حالة من عدم الرضى لدى "حماس"، غير أنّ حساسية العلاقة مع القاهرة تدفع الحركة للصمت وعدم الانتقاد، وخاصة أنّ القاهرة ذهبت للبدء في الإعمار بشكل يبتعد كثيراً عن المنازل والأبراج التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب.

الطواقم المصرية لإعمار غزة تواصل عملها

وكان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة ناجي سرحان، أكد في تصريحات إعلامية أول من أمس، أن "الطواقم المصرية لا تزال موجودة بغزة وتواصل عملها بشكل طبيعي". 

وفيما قال "نحاول أن نجد تمويلاً للأبراج السكنية المدمرة ونأمل أن نوفق"، فإنه سبق أن كشف في مقابلة مع "العربي الجديد"، قبل أيام، عن وجود "فيتو" إسرائيلي بشأن إعادة إعمار الأبراج التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهة الأخيرة مع غزة في مايو/ أيار 2021.

وشدد على وجود ضغوط وتعليمات للوسطاء والمانحين بعدم الإسراع في عملية إعادة الإعمار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يجعل هذا الملف خاضعاً للتحكم الإسرائيلي ويحوله من ملف إنساني إلى سياسي. ولفت إلى وجود غياب حقيقي للمانحين العرب، مثل السعودية والكويت وسلطنة عمان والإمارات، مع اقتصار الحضور على قطر ومصر.

وأشار سرحان إلى أنّ مصر بدأت بالمشاريع الإسكانية، مثل إنشاء ثلاث مدن سكنية وملف الجسور والكورنيش، ووجهت الاهتمام بعيداً عن إعادة الإعمار، ووجهته نحو التنمية أكثر.


أكد ناجي سرحان أن الطواقم المصرية بغزة تواصل عملها بشكل طبيعي
 

والمعروف أن شركة "أبناء سيناء"، التي يديرها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، كواجهة للمخابرات العامة، هي التي تتولى تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في غزة. والعرجاني هو رئيس مجلس إدارة شركات مجموعة العرجاني القابضة للصناعة والاستثمار والتطوير، وتم تعيينه بقرار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عضواً في مجلس إدارة الجهاز الوطني لإعمار شبه جزيرة سيناء.

ومؤخراً ترددت أنباء عن قيام العرجاني بدور في استقدام مقاتلين من رفح الفلسطينية، لمعاونة القوات المصرية في مطاردة المسلحين داخل الحدود المصرية، وهو الأمر الذي يثير حفيظة "حماس" بالقطاع.

المساهمون