طهران تتهم واشنطن بـ"التلاعب بالوقت والنصوص" في مفاوضات فيينا

طهران تتهم واشنطن بـ"التلاعب بالوقت والنصوص" في مفاوضات فيينا

14 فبراير 2022
خلال المؤتمر الصحافي المشترك لوزير الخارجية الإيراني مع نظيره الأيرلندي (فرانس برس)
+ الخط -

أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الإثنين، أن بلاده "على عجلة للتوصل لاتفاق جيد، لكن في إطار مصالحها الوطنية وفي مفاوضات منطقية".

ودعا أمير عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأيرلندي سيمون كوفيني، "الأطراف الغربية إلى إظهار نيتها الحقيقية من خلال العودة إلى الاتفاق النووي بدلا من التلاعب بالوقت والنصوص" في المفاوضات، مؤكدًا أن طهران تجري المفاوضات بـ"جدية ومنطق"، موضحا أن هدفها هو "الإلغاء الكامل للعقوبات المنصوص عليه بالاتفاق النووي".

وفيما تؤكد الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، أن وقت المفاوضات ينفد، قال أمير عبد اللهيان إن "التهديدات والتحذيرات للأطراف الأخرى لا تحدد نهاية المفاوضات؛ بل ما يحددها هو واقع المفاوضات واهتمامهم بالعودة إلى التزاماتهم للتوصل إلى اتفاق".

من جهته، أشار وزير الخارجية الأيرلندي إلى دور بلاده في تسهيل تنفيذ القرار 2231 المكمل للاتفاق النووي، قائلا إن "هذا هو الدور الذي كنا نريد القيام به، لأن أيرلندا لها سجل طويل في نزع السلاح النووي. نتابع قضايا هذه المنطقة ونأمل بأن نكون حياديين".

وأضاف كوفيني أن طرفي الاتفاق النووي والأطراف الغربية "لديهم الإرادة" لإحياء الاتفاق، معبرًا عن ثقته في وجود هذه الإرادة.

وتابع "أعرف أن تحقيق الثقة عمل صعب، لكن هذه هي فرصة جيدة لإيران لرفع العقوبات، وأنا أعتقد أن الدول الغربية ملتزمة وجادة في إحياء الاتفاق النووي، وآمل أن نرى نتيجة هذه الجهود قريبا".

كما التقى وزير الخارجية الأيرلندي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي أكد خلال اللقاء على ضرورة رفع الإدارة الأميركية العقوبات عن إيران بـ"شكل حقيقي" واحترام حقوق الشعب الإيراني.

ودعا رئيسي إلى تعزيز العلاقات بين بلاده وأيرلندا في مختلف المجالات وخاصة المجال الاقتصادي، وفقا لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: لا انسداد في مفاوضات فيينا وحان وقت الحسم

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة قد نفى، اليوم الإثنين، وصول مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية إلى "طريق مسدود"، مؤكداً أنها "مستمرة ودخلت مرحلة صعبة ومعقدة، وأحياناً تواجه بطئاً".

وأضاف خطيب زادة في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن القضايا المتبقية بالمفاوضات "حساسة ومهمة"، مؤكدا أن التوصل إلى اتفاق يتوقف على إرادة الأطراف الغربية وقراراتها السياسية، فيما قال إن بلاده "اتخذت قرارها".

وأشار إلى أن إيران ناقشت "مقترحاً مقدماً" لها بعد عودة وفدها يوم 29 يناير/ كانون الثاني، قائلا إن "تبادل المقترحات أمر عادي وليس حدثا غريبا".

وأوضح زادة أن التوصل إلى اتفاق حتى نهاية الشهر الجاري "ممكن"، رابطاً ذلك بتجاوب الأطراف الغربية مع المقترحات الإيرانية بشأن رفع العقوبات والمسائل النووية "في إطار الاتفاق النووي"، وقال إنهم إذا فعلوا ذلك "فيمكن أن نعلن غداً أننا توصلنا إلى اتفاق".

وأكد أن إيران تريد الحصول على "ضمانات حقيقية"، مشيرا إلى أن مجموعة 1+4 الشريكة بالاتفاق النووي والمشاركة في المفاوضات تسعى إلى الحصول على هذه الضمانات. وشدد خطيب زادة على "ضرورة رفع جميع العقوبات مرة واحدة"، قائلا إن "أميركا ليست جديرة بالثقة ويجب أن تقدم ضمانات حقيقية".

وأضاف خطيب زادة: "ما لم يحصل اتفاق حول الملفات الأربعة (رفع العقوبات والتعهدات النووية وآلية التحقق والضمانات)، لا يمكن القول إنه جرى الاتفاق"، مشيرا إلى استمرار الخلافات بشأن "قضايا نووية، مثل الحفاظ على إنجازات علمائنا النوويين وهي خطوطنا الحمراء".

من جهته، قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، اليوم الإثنين، في تغريدة، إن "المفاوضات وصلت إلى مرحلة يمكن الحديث عن نتيجتها بحزم وليس بتكهنات".

وأضاف شمخاني أن "القرار السياسي الأميركي لقبول أو رفض مستلزمات إبرام اتفاق مستدام جدير بالاعتماد عليه، وفقا للثوابت المتفق عليها بالاتفاق النووي يمكن أن يستبدل التكهنات".

وفي السياق، كانت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات في فيينا قد كشفت، في اليوم الثالث من الشهر الجاري، لـ"العربي الجديد"، أن إيران تريد الاحتفاظ بـ"إنجازاتها النووية المتمثلة في أجهزة الطرد المركزي واحتياطيات اليورانيوم عالي التخصيب كإحدى الضمانات الضاغطة على الطرف الآخر لمنعه من الانسحاب من الاتفاق لاحقاً".

وأشارت المصادر إلى أن "واشنطن مصرة على تدمير أجهزة الطرد المركزي، وعلى نقل احتياطيات اليورانيوم المخصب بدرجة عالية إلى الخارج".

ولفت المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى وجود خلافات أيضا في مسألة رفع العقوبات، داعيا إلى ضرورة أن تنتفع إيران بشكل كامل من مواردها الاقتصادية بالاتفاق النووي وبشأن مسألة التحقق، وأضاف أن الخلافات أيضا بشأن الضمانات مستمرة، فيما يستمر التفاوض حول ذلك.

ملف السجناء

وحول ملف السجناء بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا، كشف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في مؤتمره الصحافي، عن وجود مباحثات جارية بموازاة مفاوضات فيينا، قائلا إن هذا الملف مستقل عن مفاوضات فيينا.

وأوضح أن المباحثات غير المباشرة بشأن تبادل السجناء تجري بواسطة أطراف، لافتا إلى أن "موضوع السجناء ملف إنساني يمكن أن يحل بطريقة مستقلة ويشكل أرضية جيدة لتظهر تغيير السلوك الأميركي".

وفي اليوم الثاني من الشهر الجاري، كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن وجود "وساطات" بين إيران والولايات المتحدة "بشأن ملفي صفقة تبادل للسجناء ومفاوضات فيينا"، موضحة أن "زخم هذه الوساطات زاد أخيرا، وأنها تسعى إلى جمع الطرفين على طاولة تفاوض مباشرة لدفع عملية التفاوض إلى الأمام".

وأضافت المصادر حينها أن "إيران تشترط الحصول على تنازل كبير من الطرف الأميركي، سواء من خلال إبرام صفقة التبادل أو الإفراج عن أرصدة مجمدة لها، للموافقة على التفاوض المباشر"، لكن المصادر أكدت في الوقت ذاته أن "الإدارة الأميركية ترغب في ربط صفقة التبادل بالاتفاق في فيينا لتسويق الأمر في الداخل في مواجهة معارضي العودة للاتفاق النووي".

احتمال وقف الجولة الثامنة مرة أخرى

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات في فيينا لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أن الأيام الأخيرة شهدت "أكثر الاجتماعات واللقاءات كثافة منذ انطلاق المفاوضات، حيث تستمر أحيانا حتى وقت متأخر من الليل"، مشيرة إلى "انضمام النائب الاقتصادي لوزير الخارجية الإيراني وآخرين من البنك المركزي الإيراني ووزارة النفط إلى مباحثات كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني مع نظرائه".

وأضافت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن "الوفد الأميركي سلّم الوفد الإيراني رزمة مقترحات في أواخر الشهر الماضي عبر الأطراف الوسيطة" في فيينا، مشيرة إلى أن الوفد الإيراني قدّم قبل أيام "رد طهران على المقترحات الأميركية مع إجراء تعديلات عليها وفق المطالب" الإيرانية.

وتابعت: "وصلت المفاوضات إلى نقطة قررت فيها أطراف المفاوضات على الأغلب وقف الجولة الثامنة بضعة أيام لعودة الوفود مرة أخرى إلى العواصم للتشاور"، مشيرة إلى أن "هذه الأطراف قد تقرر اليوم أو خلال الأيام القليلة المقبلة عقد جلسة اللجنة المشتركة (للاتفاق النووي) لوقف الجولة".

وعن الخلافات المتبقية (الحساسة)، قالت المصادر إنها "بشكل أساسي تدور حول نطاق وعدد العقوبات وطريقة رفعها والضمانات المتعددة التي تطالب بها طهران، إضافة  إلى مصير أجهزة الطرد المركزي"، مؤكدة أن الولايات المتحدة "ما زالت ترفض استخدام مصطلح (إلغاء) بدلا من (التعليق) بشأن عقوبات اقتصادية مهمة، كما تتمسك بموقفها بشأن تدمير الأجيال الجديدة لأجهزة الطرد المركزي المتطورة" التي شغلتها إيران خلال السنوات الأخيرة.

وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الطرفين الإيراني والأميركي متمسكان بمواقفهما تجاه القضايا الحساسة المتبقية، وأن الاجتماعات المكثفة خلال الأيام الأخيرة لم تُحدث اختراقا".