كيف سيرتد رفع سعر الفائدة الأميركية على لبنان؟

كيف سيرتد رفع سعر الفائدة الأميركية على لبنان؟

11 فبراير 2022
تزايد الضغوط على الليرة اللبنانية (حسين بيضون)
+ الخط -

يخشى اللبنانيون من خطوة مرتقبة للبنك المركزي الأميركي تتمثل برفع سعر الفائدة على الدولار وتحمل تداعيات سلبية لبلد يرزح أصلاً تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية واجهته ويعاني من حصار غلاء غير مسبوق ساهم في تدهور قدرات مواطنيه الشرائية.

ويقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك "بيبلوس" نسيب غبريل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رفع سعر الفائدة على الدولار عادة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة أعباء الديون الخارجية، ويحمل معه تداعيات كثيرة على الاقتصاد، لكنّ هذه الانعكاسات لن يكون لها تأثير مباشر على الاقتصاد المحلي، لأنّ لبنان أصبح منذ تعليق حكومة حسان دياب دفع سندات اليوروبوندز على هامش النظام المالي والمصرفي والتجاري العالمي، وتوقف تدفق رؤوس الأموال إليه".ويلفت غبريل إلى أنّ "الأزمة في لبنان بدأت كأزمة ثقة أدت

إلى تباطؤ تدفق رؤوس الأموال، أي عملياً الودائع المصرفية، ولاحقاً شهد التدفق تراجعاً حاداً منذ أيلول/ سبتمبر 2019 واستكمل هذا المسار في مارس/ آذار 2020 مع إعلان الحكومة اللبنانية عن التعثر والتخلف عن دفع سندات الدين بالعملات الأجنبية".

قبل هذه الأزمة كان من شأن تغيير الفوائد العالمية أن يؤثر بشكل مباشر على لبنان، يقول غبريل، لأن الليرة اللبنانية مثبتة على الدولار، ونحن بحاجة إلى استقطاب رؤوس أموال من الخارج نتيجة العجز في المالية العامة والميزان التجاري لتمويل هذه العجوزات، وفي ذاك الوقت كانت الفائدة أداة للسياسة النقدية وهي متبعة في كل المصارف المركزية ويعتمد عليها لاستقطاب الودائع.

ويضيف غبريل: "اليوم الوضع اختلف كلياً نتيجة أزمة الثقة، مع العلم أنه رغم مرور سنتين على التعثر لم تبدأ المفاوضات بعد مع حملة السندات، وبالتالي لبنان ما زال على هامش النظام المالي والمصرفي والتجاري العالمي وغير قادر على استقطاب رؤوس الأموال أو حتى الاستدانة من الأسواق المالية العالمية واستقطاب ودائع إلى قطاعه المصرفي، وهذه كلها عوامل تجعل من رفع الفائدة على الدولار من جانب البنك المركزي الأميركي غير مؤثر لبنانياً، بعكس الدول الأخرى التي ستتأثر، مثل دول الخليج العربي، التي ستضطر إلى رفع فوائدها تلقائياً بمجرد أن تدخل خطوة البنك الفيدرالي حيز التنفيذ".

من ناحية ثانية، يلفت كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس إلى أنّ "الأسواق اللبنانية تشهد فوضى عارمة في ظل غياب المحاسبة والرقابة، إذ نرى اليوم كيف أن الأسعار ما زالت تحلق عالياً على الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وبالتالي فإنّ الأسعار لا تحتاج إلى رفع الفائدة أميركياً حتى ترتفع في السوق اللبناني، فالفوضى قائمة بكلّ الأحوال".

وحول أسعار المحروقات، يلفت كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك "بيبلوس" إلى أن لبنان لا يستدين الدولار لاستيراد المحروقات بل يستخدم احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، في حين يبتكر بعض الحلول من هنا وهناك، مثل الاتفاق مع العراق للحصول على شحنات وقود، كما الغاز المصري والكهرباء الأردنية.

ويضيف: "على صعيد البنزين مثلاً، فإنّ معظم الشركات اللبنانية تستعمل الكاش لشراء المادة أو تتفق مع المصدر الذي تتعامل معه منذ فترة طويلة لإعطائها فترة سماح، أما الشركات اللبنانية التي لديها فروع في الخارج أو شركات شقيقة، فتستدين من المصارف المحلية، وقد يؤثر ذلك على الأسعار، والتي هي أصلاً منفلتة سواء تغيرت الفائدة أميركياً أو لم تتغير".

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي منير راشد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك هامشاً دائماً بين الأسعار العالمية والفوائد في لبنان، وبالتالي عندما تزيد الأسعار في أميركا على الدولار يزيد الهامش في لبنان والفوائد ترتفع، مع العلم أنّ السوق اللبناني اليوم يعيش أصلاً فوضى عارمة".

ويلفت إلى أنّه "بارتفاع الفوائد ترتفع كلفة القروض حتماً بكلّ أنواعها، سواء كانت للدولة أو للمواطن وللعقارات والاستهلاك وما إلى هنالك، وبالتالي من شأنها أن تكمش الاقتصاد، مع الإشارة إلى أنها تشجع نوعاً ما الادخار على حساب الاستهلاك والاستثمار، إذ بمجرد أن ترتفع الفوائد يصبح هناك ركود اقتصادي، وهو قائم في لبنان لأسباب أخرى بغض النظر عن خطوة البنك الفيدرالي".

ولا يستبعد ضاهر أن "يلجأ التجار في لبنان إلى مناورات احتيالية كالعادة لزيادة أرباحهم، إذ إنّ جشعهم لا حدود له وقد يستغلون ما يحصل ويعمدون إلى رفع أسعار السلع المستوردة بذريعة رفع سعر الفائدة على الدولار أميركياً".