أزمة سجن الصناعة في الحسكة مستمرة

أزمة سجن الصناعة في الحسكة مستمرة

28 يناير 2022
عناصر من "قسد" خارج سجن الصناعة في الحسكة (فرانس برس)
+ الخط -

انتقل ما يجري في مدينة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، مع جذب الهجوم على أكبر السجون التي تضم مقاتلين وقياديين من تنظيم "داعش" انتباه المجتمع الدولي إلى المخاطر الناجمة عن التساهل مع هذا الملف.

ويبدو أن القلق الإقليمي والدولي جراء ما حدث في الحسكة، دفع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) للمسارعة إلى الإعلان عن سيطرتها على السجن وإنهاء الاستعصاء فيه مساء أول من أمس الأربعاء، على الرغم من وجود خلايا مستعصية للتنظيم داخل السجن.

ودحضت الاشتباكات التي لا تزال دائرة في سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، رواية "قسد" عن انتهاء الأزمة داخل السجن.

وكان قائد هذه القوات مظلوم عبدي، قد أعلن على حسابه على "تويتر"، مساء الأربعاء، إلحاق "هزيمة جديدة" بتنظيم "داعش" في مدينة الحسكة، و"إحباط خططه والمستفيدين منه".

"قسد" تؤكد سيطرتها على سجن الصناعة

وفي السياق، ذكر المتحدث باسم "قسد"، فرهاد الشامي، في تغريدة على "تويتر"، أن "قوات سورية الديمقراطية" استعادت السيطرة بالكامل على سجن الصناعة، مؤكداً أن جميع مقاتلي تنظيم "داعش" الباقين الذين كانوا يتحصنون في مهاجع السور الشمالي للسجن استسلموا.

في المقابل، شككت شبكات إخبارية محلية منها "الخابور" بهذه المعلومات، مشيرة إلى أن صباح أمس الخميس، شهد إطلاق نار كثيف في حي غويران، مؤكدة أن الاشتباكات تزامنت مع تحليق طيران التحالف الدولي في سماء مدينة الحسكة.

كما أكدت الشبكة أن الوحدات الكردية شنّت أمس، حملة مداهمات في حي الزهور في مدينة الحسكة وفي بلدتي مركدة والشدادي في ريفها الجنوبي.


شككت شبكات إخبارية محلية بأنباء السيطرة على سجن الصناعة

وأفادت مصادر محلية "العربي الجديد" بأنه سُمع أمس، إطلاق نار عند دوار الغزل في حي الصالحية بالحسكة، ناجم على الأرجح عن اشتباكات بين "قسد" وعناصر من "داعش"، فيما استهدف السجن نفسه بالقصف المباشر عبر ثلاث غارات جوية أحدثت دماراً واسعاً بأقسام كبيرة من السجن، مع تحليق للطيران الاستطلاعي والحربي والمروحي في سماء المنطقة.

وكشفت أن نحو 15 في المائة من السجن، ما زال تحت سيطرة "داعش"، ويتحصن في هذه البقعة أكثر من مائة عنصر من التنظيم.

وأوضحت أن المهاجع التي كان يستعصي فيها مسلحو "داعش" في القسم الشمالي من السجن، لم يتم تفتيشها بعد.

ولا تزال الأحياء المحيطة بالسجن غير مؤمنة بشكل كامل، وهي مناطق قد يكون لجأ إليها عناصر التنظيم بسبب خلوّها من السكان.

بدوره، أكد المركز الإعلامي لـ"قوات سورية الديمقراطية"، أمس، استسلام "حوالي 3500 من المرتزقة المعتقلين الذين شاركوا في الاستعصاء الأخير، وانضمام المئات منهم إلى المرتزقة الذين هاجموا السجن من الخارج".

وأوضح أنه "بدأت قواتنا حملة تمشيط دقيقة ومسح أمني وعسكري في مهاجع السجن التي تحصن فيها المرتزقة، الذين نفّذوا عمليات إرهابية ضد قواتنا"، مشيراً إلى أنه "خلال عملية التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتنا عن جيوب إرهابية مموهة ضمن المهاجع الشمالية للسجن، يتحصّن فيه ما بين 60 و90 مرتزقاً ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك".

وأكد المركز أن "قوات سورية الديمقراطية" تلاحق "خلايا إرهابية نائمة لداعش في الريف الغربي الجنوبي على أطراف مدينة الحسكة".

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال قيادي في "قوات سورية الديمقراطية" محمود حبيب، إن التنظيم "نقض اتفاقاً يتضمن مبادلة الأسرى لديه في السجن بعلاج جرحاه"، مشيراً إلى أن "عدد الذين انقلبوا على الاتفاق مع قوات قسد يتراوح بين 60 و90 عنصراً".

وأضاف: "يتم التعامل معهم بكل حزم"، مشدّداً على أنه "لن يكون لهذه الحركة من قبل هؤلاء أي تأثير على نتائج العملية".

وأوضح أن "قواتنا تطبق معايير عالية الدقة تجمع بين التقليل من الخسائر والإصرار على إنهاء الاستعصاء".

ورأى أن "ما حققناه أمر بالغ الأهمية ويُحسب انتصاراً جديداً، لأننا نتعامل مع أخطر تشكيل اجرامي"، مشيراً إلى أن هذه القوات "امتصت الصدمة الأولى وردت بعد وقت قصير، ما دفع المهاجمين لأخذ وضعية الدفاع ثم الاستسلام".

وأعرب عن اعتقاده بأن أحداث الحسكة "نبهت المجتمع الدولي إلى خطورة الوضع"، مرجحاً أن يتخذ هذا المجتمع "خطوات فعّالة لحل الأزمة".

وتابع بالقول: تكاتف أبناء شرق الفرات وصمودهم وتوحدهم خلف الإدارة (الإدارة الذاتية التابعة لقسد) والقوات العسكرية والأمنية، قطع الطريق على أي محاولة اختراق، مما يشير إلى حالة مجتمعية صحيحة في المنطقة.

أسئلة برسم "قسد" بشأن سجن الصناعة

وحتى الآن لم تجب "قسد" على الكثير من الأسئلة، تحديداً لجهة عدد القتلى من المهاجمين ومن الأسرى وعدد الذين تمكنوا من الهروب إلى خارج مدينة الحسكة، في ظلّ كشف مصادر محلية أن نحو 400 أسير من "داعش" باتوا خارج أسوار السجن.

ومن الواضح أن "قسد" لا تنوي الإبقاء على سجن الصناعة كمكان احتجاز لعناصر التنظيم "داعش".

وتملك هذه القوات أكثر من 10 مراكز احتجاز لأسرى التنظيم، منتشرة خصوصاً في ريف محافظة الحسكة.

وأفادت مصادر مطلعة "العربي الجديد" بأنه جرى نقل أسرى التنظيم إلى سجون في القامشلي والمالكية والرميلان.


تحاول روسيا الحصول على مكاسب للنظام السوري من وراء الأحداث

إلى ذلك، تحاول روسيا الحصول على مكاسب للنظام السوري من وراء أحداث الحسكة، بعد دعوة موسكو إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث التطورات الأخيرة.

وفي السياق، قال النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، في تصريح للصحافيين: "نشعر بقلق عميق إزاء التقارير المتعلقة عن هجمات "داعش" الأخيرة في شمال شرق سورية والوضع العام في ذلك الجزء من البلاد".

من جانبه، ساوى مندوب النظام السوري الدائم في الأمم المتحدة بسام صباغ بين تنظيم "داعش" وقوات "قسد" والقوات الأميركية التي وصفها بـ "المحتلة".

ونقلت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عنه قوله خلال جلسة لمجلس الأمن، مساء أول من أمس الأربعاء، اطلع من خلالها على إحاطة من المندوب الأممي إلى سورية غير بيدرسن عن اللجنة الدستورية، أن على حكومات بعض الدول "تحمّل مسؤولياتها في استعادة مواطنيها من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم المحتجزين في مخيمات ومراكز اعتقال في شمال شرق سورية، ومحاكمتهم وإعادة تأهيلهم على أراضيها، بما يضع وبشكلٍ نهائي حداً لوجودهم على الأراضي السورية".

بدوره، علق بيدرسن على أحداث الحسكة بالقول إن هجوم التنظيم على السجن رسالة واضحة عن أهمية الاتحاد لمكافحة تهديد الجماعات الإرهابية الدولية، ولحل الصراع الأوسع الذي يزدهر فيه الإرهاب لا محالة.

وفي السياق، تحدث محافظ الحسكة المعيّن من قبل النظام اللواء غسان خليل عن وجود "صفقة" بين التنظيم والجانب الأميركي لإنهاء الأزمة في سجن الحسكة، مدّعياً أنه تم إخراج عناصر من التنظيم إلى البادية السورية ومنطقة التنف، التي تضم قاعدة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

المساهمون