البرلمان التونسي يعقد جلسة بعد 6 أشهر من تعليقه والغنوشي يدعو للحوار

البرلمان التونسي يعقد جلسة بعد 6 أشهر من تعليقه... والغنوشي يدعو لحوار وطني

27 يناير 2022
تعد هذه الجلسة البرلمانية الأولى منذ تعليق أعمال البرلمان في 25 يوليو الماضي (Getty)
+ الخط -

نجح البرلمان التونسي في عقد جلسة عامة افتراضية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة للدستور، بعد 6 أشهر من تعليق أعماله بقرار من الرئيس التونسي قيس سعيد، وسط مواقف متباينة بين برلمانيين مؤيدين ومعارضين لهذه الخطوة.

وتعد هذه الجلسة البرلمانية الأولى منذ تعليق أعمال البرلمان في 25 يوليو/تموز الماضي، ورفع الحصانة عن البرلمانيين بقرار من سعيّد.

ولاحظ المتابعون تعزيزات أمنية وتواجدا أمنيا مكثفا أمام مقر البرلمان وحوله، تزامناً مع دعوة الغنوشي إلى عقد جلسة برلمانية عن بعد.

وشارك في الجلسة رئيس البرلمان، راشد الغنوشي ونائبته الأولى سميرة الشواشي ورؤساء كتل نيابية ونواب مستقلون.

ودعا الغنوشي في كلمته الافتتاحية، إلى "حوار وطني شامل حول الخيارات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حوار وطني بين مختلف النخب لا يقصي طرفا، على غرار حوار 2013".

وتابع: "يمكن لهذا المجلس الموقر أن يسهم فيه، وذلك على طريق تنظيم انتخابات عامة نيابية ورئاسية. وأن كل الطرق الدستورية السوية للخروج من الأزمة تمر بهذه المؤسسة".

وقال رئيس البرلمان: "تم يوم 25 يوليو من السنة المنقضية الانقلاب على هذا المكسب الوطني الكبير وتم تمزيق وحدة التونسيين التي تجلت في دستورهم، واستمر الخروج عن الدستور في كل الممارسات والأوامر التي صدرت عن رئيس الجمهورية".

وتابع: "لقد تم تعطيل المؤسسات وإغلاق الهيئات الدستورية من أجل تجميع السلطات في يد شخص واحد، وهي لعمري المفسدة المطلقة".

وبين أن "التونسيين استفاقوا من صدمة 25 يوليو وأعلنوا تمسكهم بالدستور وبالديمقراطية، وهم مستعدون للتضحية من أجل ترسيخ هذا المطلب والعودة إلى أرضية الشرعية الدستورية والعيش المشترك".

ولفت الغنوشي إلى أنه "تمت شيطنة مؤسسة البرلمان بتدبير مسبق من أجل الاستعداد للإجهاز عليه، لما يمثله من رمزية ومن توازن بين السلطات، وكانت سياسة التشفي دليلا آخر على النية المبيتة".

وأشار إلى أن "ديمقراطيتنا الناشئة تمر بمطبات وصعوبات كبيرة ولكن إصلاحها لا يكون بالانقلاب عليها والذهاب نحو المجهول، بل يكون من داخلها وليس الخروج عنها بالدعوة إلى فاشيات جاثمة أو شعبويات تائهة أو ترتيب استشارات شكلية لتسويغ وتمرير خيارات أحادية ارتكاسا بالبلاد إلى أسوأ صور الاستبداد".

تقارير عربية
التحديثات الحية

حيثيات الجلسة

وأصدر مجلس نواب الشعب، بيانا إثر الجلسة قال فيه إن "مجمل تدخلات النواب شددت على مكانة الدستور في الحياة السياسية الوطنية ودوره المحوري في بناء مستقبل بلادنا، واستقرارها، كما تناولوا عدة مسائل تتعلق بالحياة اليومية للشعب التونسي وكيفية الخروج من أخطر أزمة دستورية ومالية واقتصادية واجتماعية في تاريخ تونس الحديث".

 وحيا البيان، الجهود التي تبذل اليوم "في معركة العودة للديمقراطية منذ الانقلاب على الدستور في 25 يوليو 2021".

وشدد النواب على "رفضهم التام لجميع المراسيم والقرارات اللادستورية وغير القانونية، التي أقدم عليها سعيّد في 22 سبتمبر 2021 وما بعده، وحله وتهديده للهيئات الدستورية المنتخبة".

وحمّل النواب رئيس الجمهورية التونسية، "المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل ما يحدث في تونس، ويهدد دولتنا وتوازن مجتمعنا منذ خرقه الجسيم للدستور وإلى أن تعود تونس للمسار الدستوري والمؤسسات المنتخبة والديمقراطية".

"كانت عندنا ديمقراطية ولكنها أصبحت ديكتاتورية"

وفي السياق، عبر رئيس كتلة النهضة عماد الخميري، عن التمسك بالدستور ورفض الانقلاب والتضامن المطلق مع النائب المختطف نورالدين البحيري، مترحما على رضا بوزيان الذي توفي بعد مشاركته في مظاهرات 14 يناير، وكل من تتم محاكمتهم من أجل التعبير عن رأيهم.

بدوره، قال رئيس كتلة قلب تونس، أسامة الخليفي: "كانت عندنا ديمقراطية ولكنها أصبحت ديكتاتورية"، داعيا إلى الاعتذار للشعب التونسي عن الأخطاء باسم البرلمان.

وتابع الخليفي: "سنواصل الدفاع عن الدستور وعن التشاركية والحوار إزاء العبث"، مقترحا أن تبقى هذه الجلسة في حالة انعقاد دائم ومتواصل.

أما رئيس كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف فقال في كلمته، إن "الدستور ينص على أن يبقى المجلس في حالة انعقاد دائم حسب البند 80 وكان يفترض أن تنعقد الجلسة منذ وقت بعيد".

وشدد على أن "هذا الدستور لن يتغير وسنتمسك به ولن يتم تعديله إلا بوسائل دستورية".

عزل سعيّد

وطالب النائب الملاحق من المحكمة العسكرية والمتخفي بسبب وجود بطاقة جلب في حقه، راشد الخياري بأن "تعقد جلسة عاجلة لعزل سعيد لأن الشعب رفضه وأصبح خطرا على الدولة".

وبين أنه "مستعد لتسليم نفسه في حال واجهه سعيد أمام القضاء المدني ورفضه لمحاكمته أمام القضاء العسكري لأنه قضاء استثنائي غير مختص في محاكمة المدنيين".

من جانبه، اقترح النائب المستقل عياض اللومي أن "تنطلق لجنة النظام الداخلي في تعديل النظام الداخلي والقانون الانتخابي من أجل وضع نظام برلماني متكامل والانطلاق في الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة" داعيا إلى "مراجعة عميقة ونقد ذاتي شجاع من البرلمان والأحزاب ".

وفي السياق أيضاً، تساءل النائب المستقل عصام البرقوقي: "ماذا تحقق اليوم بعد 6 أشهر من الانفراد بالحكم وإلغاء المؤسسات الدستورية؟ مشددا على أن "سعيد ومعاونيه صناعة مخابراتية".

وقال النائب المستقل رضا الجوادي: "من حق التونسيين طلب تعديل الدستور ولكن ليس التعديل عبر الانقلاب وعبر قوة السلاح بل عبر الآليات الدستورية".

ودعا النائب المستقل الصافي سعيد البرلمانيين المتغيبين عن هذا الاجتماع إلى "مراجعة أنفسهم وأفكارهم والإعداد عبر نقاشات لقانون انتخابي جديد حتى يكون هناك مقترح للحوار يتسم بالضرورة غصبا عن الجميع، ويقدموا أفكارا لمراجعة الدستور".

وأكد النائب عن حزب قلب تونس، رفيق عمارة في تعليق لـ"العربي الجديد" أن "هذه الجلسة تأخرت كثيرا وكان ما يناهز 109 برلمانيين يطالبون بعقد جلسة في وقت سابق، باعتبار أن قرارات سعيد غير شرعية ومخالفة للدستور".

 وبين عمارة أن "المرسوم الرئاسي مخالف للدستور والنواب غير ملزمين باحترام أمر أقل درجة من الدستور الذي يؤسس لسلطة تشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن المجلس مازال قائما وشرعيا".

وذكر أنه "ليس في هذه الجلسة أي استفزاز، بل إن الاستفزاز الحقيقي يكمن في ازدراء الرئيس للدستور واحتقاره لصوت الشعب وإرادته التي انتخبت برلمانا ونوابا تم سلبهم وظائفهم بالقوة دون العودة إلى الشعب صاحب السيادة والإرادة، الذي فوضهم القيام بالسلطة التشريعية".

اعتراضات على عقد الجلسة

في مقابل ذلك، اعترض عدد من النواب المعارضين للغنوشي عن عقد الجلسة، بسبب ما اعتبروه محاولات من الغنوشي لاستغلال الوضع للبروز من جديد على حسابهم، مؤكدين أن الجلسة غير شرعية ولا أساس قانونيا لها في ظل غلق القنوات الرسمية من قبل السلطات.

وعبر النائب عن التيار الديمقراطي هشام العجبوني عن رفضه مواكبة الجلسة معلقا على صفحته بفيسبوك بالقول:  "لا يستحون، ملتزمون بالنفاق. أنا سأحضر في أيّ جلسة برلمانية افتراضية يتضمّن جدول أعمالها نقطة واحدة: الاحتفال بإقالة أو استقالة راشد الغنوشي".

ودون نائب رئيس البرلمان طارق الفتيتي توضيحا بخصوص الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب (عن بعد) قائلا: "غير معني بهذه الجلسة التي لم أستشر حول تنظيمها أو المشاركة فيها وكان حريُّ بمن سهر على تنظيمها أن يعمل على توسيع الاستشارة وتشريك رؤساء الكتل ودعوة مكتب المجلس قبل الدعوة إلى جلسة مماثلة".

 

 

المساهمون