دفء الغزيين القليل... أخشاب وبلاستيك وأغطية

دفء الغزيين القليل... أخشاب وبلاستيك وأغطية

24 يناير 2022
يمكن حرق كل شيء للتدفئة (محمد الحجار)
+ الخط -

يعيش الغزيون فصل الشتاء الحالي باعتباره أحد أصعب المواسم التي عرفوها منذ أعوام، مع غياب وسائل التدفئة وارتفاع نسبة الفقر المدقع في شكل ملحوظ في المخيمات، وحتى في المناطق القريبة من الشوارع العامة. تفتقر أسر كثيرة إلى وسائل الحصول على تدفئة مناسبة، وبينها تلك التي تستخدم الكهرباء، وحتى أدنى المستلزمات الضرورية والتي تتمثل في أغطية جديدة.
ويحضر انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء لمدة أكثر من 8 ساعات متواصلة، في ظل مواجهة الغزيين ارتفاع أسعار البضائع ومواد التموين وأجهزة الكهرباء والحطب، وعدم إيجادهم حتى أخشاباً لإشعال كانون الحطب (نوع مواقد من حجر وطين)، باستثناء القليل منها.
صدمت الأسعار المرتفعة كثراً أرادوا شراء مدفأة كهربائية. يقول إبراهيم عوض الله لـ"العربي الجديد": "اشتريت العام الماضي مدفأة كهربائية صغيرة بمبلغ 130 شيكلاً (41 دولارا) لزوجتي عندما أنجبت طفلتنا الأخيرة، لكنني هذا العام وجدتها نفسها بسعر 180 شيكلاً (57 دولارا)، فعدت إلى المنزل من دون أن أشتري واحدة".
يضيف: "بات ثمن كل شيء مرتفعاً في غزة، والأجهزة الكهربائية سعرها مثل الذهب. وحين أسأل البائعين عن سبب ارتفاع الأسعار يجيب بعضهم بأن الضرائب زادت وكذلك كلفة الشحن بسبب الحصار الإسرائيلي. أما آخرون فيعزون الأمر إلى الغلاء العالمي بعد أزمة وباء كورونا. وهكذا أتمنى أحياناً لو أعود إلى العصر الحجري كي أعرف كيف كانت الناس تعيش. أجمع أطفالي الأربعة في غرفة واحدة ليحصلوا على دفء، ويستخدمون الفرشات ذاتها للنوم جنباً إلى جنب، ويضعون أغطية إضافية عليهم".
 

الصورة
الشتاء الحالي قاسٍ جداً (محمد الحجار)
الشتاء الحالي قاسٍ جداً (محمد الحجار)


البلاستيك مع الأخشاب 
يجلب عدد من الغزيين الذين يرغبون في إعداد كانون حطب أخشاباً تنتشر في الشوارع، وكذلك أكياس بلاستيك وعلبا لإشعالها من أجل الحصول على دفء رغم الأضرار المرتبطة بحرق مواد البلاستيك، فهم لا يهتمون إلا بإطالة مدة اشتعال النار على الأخشاب وسط الكانون. وهذا ما يفعله تحديداً رفيق داود في مخيم البريج وسط غزة.
يبحث داود وشقيقِه يوسف يومياً عن أخشاب من مناطق المخيم وقرب ورش النجارة، لكنهما لاحظا أن عمل هذه الورش قلّ، وباتت لا تضع بقايا الأخشاب جانباً كي يحصلا عليها لإشعال كانون النار الذي اعتادا أن يتجمعا حوله مع جيرانهما عند مفترق الشارع الذي يقيمان فيه، في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود وسيلة تدفئة في منزلهما.

يقول داود لـ"العربي الجديد": "لا يوجد حطب أو أخشاب أصلاً في الشوارع هذا الشتاء. ورش النجارة لا تعمل، وترمي الناس الخشب في القمامة، أما بيوتنا فلا تحتوي على مدافئ تستخدم الكهرباء أو الغاز لأن فاتورة الكهرباء مرتفعة كثيراً في الشتاء وكذلك ثمن أسطوانة الغاز. ولا يمكن أيضاً أن نشتري أية وسيلة تدفئة، لذا نجتمع معاً لنحصل على دفء. وحتى لو وضعنا بلاستيك المهم أن نضمن إبقاء الحطب مشتعلاً".
وفي مخيم النصيرات، يحاول عبد الله أبو صباح يومياً جمع القش والأخشاب الصغيرة ويضع بينها أكياس البلاستيك لإشعال بعض الحطب الذي كان جمعه في الشهرين الأخيرين من مزارع في قرية الزوايدة القريبة من شوارع المخيم.

الصورة
مساكن لا تجلب الدفء (محمد الحجار)
مساكن لا تجلب الدفء (محمد الحجار)

ويعتبر أن تجمع المقيمين في المخيم للحصول على دفء الشتاء أحد أجمل الطقوس في الشتاء على غرار الهروب من المنازل خلال أوقات انقطاع التيار الكهربائي خلال الصيف.
ويصف فصل الشتاء الحالي بأنه "الأشد برداً بالنسبة له وللغزيين، في حين بات شراء مدفأة كهربائية أو وسيلة للحصول على دفء أمراً صعباً في المخيم الذي يفتقر إلى مقومات العيش المثالي، علماً أن بعض البيوت استقبلت الشتاء في حالة رديئة جداً، وتزودت بأسقف حديد ركيكة، خصوصاً تلك التي تتواجد عند أطراف المخيم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي المخيم رقم 2 بالنصيرات، تجمع نساء أغطية مهترئة وتخيط قطعاً أخرى عليها كي لا تظهر الأجزاء غير الصالحة، وتكسب وزناً إضافياً يسمح بتدفئة كل أفراد الأسرة، لأنهن لا يستطعن شراء المزيد من الأغطية، ويفتقرن إلى وسائل التدفئة الحديثة والتقليدية في منازلهن البسيطة.

الصورة
أشعلها في انتظار باحثين آخرين عن الدفء (محمد الحجار)
أشعلها في انتظار باحثين آخرين عن الدفء (محمد الحجار)

وتقول وردة العبيد وهي أم لسبعة أبناء لـ "العربي الجديد": "نعود إلى طريقة الحياة القديمة عندما كان أجدادنا يجلسون على الفراش الملاصق لبعضهم البعض ويغطون أقدامهم، وقربهم الأطفال بالوضعية ذاتها. تضم كل بيوت المخيم فقراء، وأصبحنا نتشارك في الأفكار معاً كي نوفر احتياجات أبنائنا. وفكرة خياطة الأغطية مثالية لنا لأننا لا نريد أن نعيش هذا الشتاء القاسي جداً بدفء قليل، وقررنا أن نواجهه بما هو متوفر في منازلنا".

المساهمون