حسين رياض... الوجه الطيب في السينما المصرية

حسين رياض... الوجه الطيب في السينما المصرية

23 يناير 2022
حسين رياض في فيلم "بابا أمين" (MUBI)
+ الخط -

تنوعت أدوار حسين رياض بين الموظف المطحون والباشا الأرستقراطي والعمدة ورجل الأعمال. القليل من هذه الأدوار ظهر فيها بمظهر الرجل الشرير، لكن صورة الرجل الطيب والوالد العطوف هي الصورة الأكثر رسوخاً في ذهن الجماهير.

اسمه الحقيقي حسين محمود شفيق. وُلد في حي السيدة زينب في القاهرة، في 13 يناير/كانون الثاني 1897، لأب مصري من أصول تركية أرستقراطية وأم سورية وأسرة مكونة من ثلاثة أشقاء. كان والده رجل صناعة، وهو أول من أدخل صناعة دباغة الجلود إلى مصر. عشق حسين فن التمثيل منذ كان طفلاً يذهب بصحبة والده وإخوته الثلاثة إلى مسرح الشيخ سلامة حجازي. وحين أتيحت له فرصة التمثيل والتدريب في أثناء المرحلة الثانوية لم يفوت الفرصة، وكوّن مع بعض أصدقائه مثل يوسف وهبي وعباس فارس فرقة مسرحية أطلقوا عليها "هواة التمثيل المسرحي"، وكان يدربهم آنذاك إسماعيل وهبي، الشقيق الأكبر ليوسف وهبي.

كانت أسرته ضد ميوله الفنية، فكانت تطمح إلى أن يتخرج ضابطاً في الكلية الحربية، ولكن ذلك لم يرق له فترك الكلية الحربية، ثم اتجه للتمثيل من دون علم أسرته، ولذلك غيّر اسمه إلى حسين رياض حتى لا ينكشف أمره، بينما ظل اسم شقيقه الفنان فؤاد شفيق كما هو، بعدما استسلمت الأسرة أخيراً لرغباتهما الفنية.

كان المسرح هو الانطلاقة الأولى لحسين رياض، وكان عمره أقل من 20 عاماً حين اشترك في أول عمل مسرحي احترافي مع فرقة جورج أبيض سنة 1916، وكان عنوانه "خلّي بالك من إميلي" بطولة روز اليوسف. ومن طرائف حسين رياض خلال صحبته الطويلة لجورج أبيض أنه كان يشاركه العمل في مسرحية عطيل لشكسبير، وكان جورج أبيض معروفاً عنه التقمص والاستغراق في الشخصية حد الاندماج، يقول الناقد الفني عبد الله أحمد عبد الله (ميكي ماوس): "في ليلة من ليالي العرض، وكعادته يندمج جورج أبيض لدرجة بعيدة في مشهد المعركة، ويطبق جورج يده على حسين رياض، لدرجة أن حسين رياض كاد يموت على المسرح، حتى إنه راح ينادي بصوت هادئ مخنوق: هموت يا جورج... سيبني يا جورج"!

تنقّل رياض بين العديد من الفرق المسرحية المشهورة، وعمل مع كبار الفنانين أمثال: نجيب الريحاني ومنيرة المهدية وعلى الكسار ويوسف وهبي وفاطمة رشدي. ونظراً لثقافته ولغته الصحيحة، برز في العديد من المسرحيات التاريخية التي عمل بها مع هؤلاء النجوم؛ مثل: مسرحية "تاجر البندقية"، "أنطونيو وكليوباترا"، "عاصفة على بيت عطيل"، "لويس الحادي عشر"، "العباسة"، "شهر زاد"، "مصرع كليوباترا"، "مضحك الخليفة"، وغيرها.

وعلى الرغم من تاريخه السينمائي العريض، فإن ارتباط حسين رياض بالمسرح كان جزءاً من شخصيته، إذ يقول: "لذة الصوت الطبيعي وظهور الشخص بذاته أمام المتفرجين لا يوازيهما سماع أو مشاهدة خيال لا حياة فيه ولا روح". أما عن مكانته في عقول أساتذة المسرح، فيجسدها قول يوسف وهبي: "في المستطاع أن تسند إلى حسين رياض أي دور وأنت مغمض العينين". وكان له اهتمام كبير بالأدب ويعقد في بيته صالوناً ثقافياً منتظماً يحضر فيه كبار الشعراء والأدباء والمفكرين والفنانين.

بدأ حسين رياض حياته السينمائية مبكراً منذ السينما الصامتة، حين شارك نجيب الريحاني سنة 1931 في أول تجاربه السينمائية وهو فيلم "صاحب السعادة كشكش بيه" من إخراج ستيفان روستي، وهو نفس الفيلم الذي أصبح ناطقاً فيما بعد حين أضيف له شريط الصوت سنة 1934 وصدر باسم "حوادث كشكش بيك".

أما أول أعماله الناطقة منذ البداية فكان "ليلى بنت الصحراء" سنة 1937 مع بهيجة حافظ، مقابل 50 جنيهاً، وظل رياض يعمل في السينما بلا انقطاع. صرحت ابنته فاطمة في إحدى المقابلات بأن عدد أفلام والدها بلغ 320 فيلماً، ولكن المؤكد والمعروف منها 147 فيلماً، اختير 13 فيلماً منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، حسب استفتاء النقاد عام 1996. وكان آخر أعماله هو فيلم "ليلة زفاف" سنة 1965 مع المخرج هنري بركات، حيث كان يؤدي دور الدكتور عبد العظيم، أمام الفنانين سعاد حسني وأحمد مظهر وعقيلة راتب، وأصيب أثناء التصوير بأزمة قلبية توفي بسببها عن عمر 68 سنة.

تقول أمينة رزق زميلته في عشرات الأعمال المسرحية والسينمائية إن "حسين رياض كان يتمتع بصوت مسرحي جهوري ضخم، ولكن مرضاً أفقده هذه القدرة، ومع ذلك فقد نجح في أن يستخدم ما تبقى من صوته في أدواره الإنسانية المؤثرة". استثمر رياض صوته الجهوري، إضافة إلى المسرح والسينما، في أكثر 150 مسلسلاً وتمثيلية إذاعية.

استمرت رحلة حسين رياض الفنية نحو نصف قرن منذ عمله في المسرحية الأولى سنة 1916 حتى وفاته أثناء تصوير فيلمه الأخير سنة 1965، وعمل خلالها، وفقاً لبيانات موقع السينما، مع 54 مخرجاً سينمائياً، و36 مخرجاً مسرحياً، و11 مخرجاً تليفزيونياً. وكان أجره الشهري في المسرح القومي 80 جنيهاً، بينما كان آخر أجر سينمائي حصل عليه هو 1000 جنيه عن دوره في فيلم "أغلى من حياتي" (1965). حصل سنة 1962 على وسام الفنون، وفاز بجائزة وزارة الشؤون الاجتماعية لأحسن ممثل عام 1952 عن دوره في فيلم "ليلة غرام"، وكرم اسمه في الدورة 16 لمهرجان الإسكندرية بمناسبة 100 عام على ميلاده.

المساهمون