إخلاء سبيل باتريك جورج: رسائل اختبار مصرية للنوايا الأوروبية

إخلاء سبيل باتريك جورج: رسائل اختبار مصرية للنوايا الأوروبية

09 ديسمبر 2021
كان باتريك جورج يكمل دراسته في إيطاليا (Getty)
+ الخط -

قالت مصادر مصرية مطلعة، إن قرار محكمة جنح أمن الدولة (طوارئ) إخلاء سبيل الباحث في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، طالب الدراسات العليا في جامعة بولونيا الإيطالية، باتريك جورج زكي، وتأجيل محاكمته إلى جلسة في الأول من فبراير/شباط المقبل، هو بمثابة رسالة من النظام في مصر لجسّ نبض الغرب، واختبار ردّ فعل الأوروبيين تحديداً إزاء القرار.

إخلاء سبيل باتريك جورج ليس نهائياً، بل هو تأجيل لمحاكمته

وأضافت المصادر، في حديث خاص، أن إخلاء سبيل باتريك ليس نهائياً، بل هو تأجيل لمحاكمته بغرض التخفيف من حدة الانتقادات الخارجية للأوضاع الحقوقية في مصر، وقياس موقف الغرب منها، فإذا كان رد الفعل إيجابياً، فإنه سيشجع على إخلاء سبيل عدد محدود آخر من المعتقلين السياسيين، ولا سيما الذين تتردد أسماؤهم في الدوائر الأوروبية.

تهدئة لأزمة تصدير أجهزة التجسس الفرنسية

وبحسب المصادر، يعوّل النظام على أن يُهدئ إخلاء سبيل باتريك جورج من أزمة تصدير شركات فرنسية لأجهزة تجسس وبرامج لمراقبة الإنترنت والتنصت على الهواتف، وتحديد الموقع الجغرافي للنظام المصري، فضلاً عن تورط السلطات الفرنسية في صفقة أسلحة مستخدمة في قتل المدنيين على الحدود الغربية لمصر مع ليبيا، على اعتبار أن "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" تتمتع "بدعم وحماية من فرنسا في المقام الأول"، على حد قول المصادر.

وكان موقع "ديسكلوز" الفرنسي الاستقصائي، قد نشر أخيراً في سلسلة تحقيقات حملت اسم "أوراق مصر"، واعتمد فيها على وثائق عسكرية فرنسية سرّية، أن القوات الجوية المصرية قد تكون شنت غارات جوية دقيقة على مهربين مشتبه فيهم في الصحراء الغربية. ووصف الموقع ذلك بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي وشروط العقد التي تحظر استخدام المعدات الأميركية في انتهاكات حقوق الإنسان".

رسالة من البرلمان الأوروبي

من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية أوروبية في القاهرة، إن الإفراج عن باتريك، مثّل أحد المطالب المهمة التي نقلها دبلوماسيون أوروبيون لمسؤولين مصريين رسميين وغير رسميين، عقب جلسة عقدتها اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي (أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، لاستعراض تطورات ملف حقوق الإنسان في مصر، وبصفة خاصة عدم التعاون مع إيطاليا في قضية مقتل جوليو ريجيني، وظروف الاحتجاز ومعاملة النشطاء الحقوقيين والسياسيين، مثل علاء عبد الفتاح وباتريك جورج ومحمد الباقر. واستعرضت الجلسة متابعة قرار البرلمان الأوروبي الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2020 بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والإحاطة بمستجدات قضية أعضاء "المبادرة المصرية".

واستدركت المصادر المصرية بأن إخلاء سبيل الباحث في "المبادرة المصرية" لا يعكس أي رغبة حقيقية من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في فتح المجال العام، لأن باتريك لا يزال يخضع للمحاكمة أمام محكمة استثنائية، وقد يحصل على حكم مشدد بالسجن، وبالتالي إن الموقف النهائي من باتريك أو غيره من الناشطين السياسيين، سيتحدد في ضوء ما ستسفر عنه المفاوضات مع الغرب.

لم تقدم البعثة المصرية لدى المجلس الأوروبي وعوداً ملفات خاصة بأوضاع العمل المدني والحقوقي

وقال مصدر دبلوماسي أوروبي، لـ"العربي الجديد"، إن التواصل مع البعثة الدبلوماسية المصرية لدى المجلس الأوروبي، شهد حديثاً إيجابياً من مسؤولين في البعثة، وعدوا بالنظر في عدد من المخرجات التي أسفر عنها اجتماع اللجنة، على الرغم من أنه لم تكن هناك وعود محددة بشأن التعامل مع ملفات خاصة بأوضاع العمل المدني والحقوقي في مصر.

وتتضمن هذه الملفات خصوصاً ما يتعلق بالتضييق المستمر الذي يصل إلى حد اعتقال نشطاء حقوقيين، والتعامل معهم بصورة لا تعكس الإعلان الرسمي المصري لتبنيها استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان في مصر.

وكان مصدر دبلوماسي أوروبي قد أكد في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن معظم المسؤولين الأوروبيين في القاهرة ينظرون إلى قرار إلغاء حال الطوارئ في مصر بالترحاب، ويتوقعون أن يُسهم بصورة إيجابية في جذب رؤوس الأموال والمستثمرين، وكذلك التمويل الحكومي والمستقل للعمل الأهلي والتنمية المدنية، ولكن لا يمكن استبعاد قلقهم من استمرار تمتع النظام بأدوات قمع مختلفة، بعد نقل معظم آليات الطوارئ إلى قوانين أخرى قائمة ويمكن تطبيقها في أي وقت.

ويواجه باتريك (28 عاماً) اتهامات بـ"إشاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم الاجتماعي وبثّ حالة من الفوضى وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، في القضية رقم 1086 لسنة 2021 (جنح أمن دولة طوارئ)، على خلفية مقال نشره في يوليو/تموز 2019، بعنوان "حصيلة أسبوع في يوميات أقباط مصر".

وسبق أن دانت منظمات حقوقية مصرية قرار نيابة أمن الدولة إحالته على محكمة استثنائية لا يجوز الطعن في أحكامها، وهو المحبوس احتياطياً بلا مبرر قانوني أو تحقيقات، منذ اعتقاله في مطار القاهرة الدولي في أثناء عودته من روما في 8 فبراير/شباط 2020، لا لشيء إلا لتناوله في مقال رأي أخباراً عامة عن أوضاع مسيحيي مصر.

وفي 14 إبريل/نيسان الماضي، وافق مجلس الشيوخ الإيطالي على اقتراح قدمه اثنان من أعضائه بشأن منح الجنسية استثنائياً لباتريك.