دلالات توقيت عودة وليامز إلى ليبيا قبل أسبوعين من موعد الانتخابات

دلالات توقيت عودة وليامز إلى ليبيا قبل أسبوعين من موعد الانتخابات

08 ديسمبر 2021
يُتوقّع وصول وليامز إلى ليبيا يوم الجمعة المقبل (فابريس كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -

وسط غموض يكتنف المسار الانتخابي في ليبيا، تنتظر الأوساط الليبية تسلم الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز وظيفتها الجديدة مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للملف الليبي، ووصولها إلى ليبيا يوم الجمعة المقبل، فيما لم تعلن الأمم المتحدة حتى الآن مصير منصب خلفها في رئاسة البعثة الأممية يان كوبيتش، الشهر الماضي، والذي سيغادر منصبه بالتزامن مع تسلّم وليامز وظيفتها الجديدة.

وشغلت وليامز منصب رئيس البعثة الأممية بالإنابة، بعد استقالة المبعوث السابق غسان سلامة، في مارس/ آذار 2020، ودفعت بمسارات الحل السياسي الليبي الثلاثة، السياسي والعسكري والاقتصادي، ففي الأول تمكنت من تشكيل ملتقى للحوار السياسي مؤلف من 75 شخصية ليبية، أفرز خريطة طريق تمهيدية لمرحلة الانتخابات الحالية، وفي المسار الثاني تمكنت من رعاية اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وكان آخر إنجازاتها، قبل أن تغادر الإشراف على انتخابات ملتقى الحوار السياسي لأول سلطة تنفيذية موحدة، في فبراير/ شباط الماضي، بعد ست سنوات من الانقسام السياسي.

ولاقى قرار تعيين وليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة ترحيباً أوروبياً وبريطانياً، فيما استقبل عدد من الشخصيات الليبية رجوعها بآراء متباينة.

وفيما اعتبرت الخارجية الإيطالية أن ليبيا والمجتمع الدولي "يستفيدان بلا شك من رؤية ستيفاني وليامز وخبرتها، والنتائج التي حققتها بالفعل في الماضي"، عبّرت بعثة الاتحاد الأوروبي عن ثقتها بأن وجود وليامز "سيكون مفتاحاً لنجاح العملية السياسية لصالح الشعب الليبي".

اتهامات للبعثة الأممية بـ"الفساد"

وعلى الصعيد الليبي، اتهمت عضو ملتقى الحوار السياسي زهراء لنقي البعثة الأممية بـ"الفساد"، وطالبت بـ"إعادة هيكلتها، وتغيير إدارتها الوسطى"، حتى "تستعيد دورها المحايد والنزيه في الوساطة"، ونبهت، في تدوينة عبر حسابها على "فيسبوك"، إلى أن غوتيريس عيّن وليامز مستشارة له، وليس مبعوثاً خاصاً له، لذا فهي لا تملك "عصا سحرية" لصنع حلّ لعقبات الانتخابات، بحسب تعبيرها.

ومن جانبه، رأى عضو مجلس النواب وعضو ملتقى الحوار السياسي زياد دغيم أن وليامز "ستكون المبعوثة الأممية الفعلية إلى ليبيا، وأن صفتها الحالية مخادعة"، مضيفاً في تدوينة على حسابه في "فيسبوك" أن عودتها "مثيرة لقلق بعض الدول، ومنها روسيا وتركيا". ويعتقد دغيم أن وليامز "ستشرع في تغيير التوازن السياسي بملتقى الحوار السياسي أو استبداله".

دلالة توقيت رجوع وليامز إلى المشهد السياسي الليبي

لكن ما دلالة توقيت رجوعها للمشهد السياسي الليبي، بعد تسعة أشهر من مغادرته، خصوصاً في المرحلة التي تمر فيها العملية الانتخابية بتعقيد مستمر؟

يلفت أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الليبية عيسى الغزوي إلى أن غسان سلامة، الذي خلف وليامز في إدارة البعثة الأممية بالإنابة، أوضح مهمتها الجديدة، وأنها رجعت لاستكمال مشوارها السابق، في إشارة إلى تغريدة سلامة، التي شكر فيها غوتيريس على قرار إعادتها "لما أعرفه عن حنكتها، وعن قدراتها، وعن عزمها على استكمال ما بدأناه معاً"، وفق قول سلامة.

ويرى الغزوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا الاستكمال سيكون لصالح الحسابات الأميركية في الملف الليبي. وقال: "سبق أن فرضت واشنطن وليامز في عام 2019 كنائبة لرئيس البعثة، ثم رئيسة بالإنابة، بعدما أزاحت سلامة الذي استقال لدواعٍ صحية مزعومة، والآن تفرضها بصفتها مستشارة أممية"، مضيفاً: "إذا فهمنا لماذا عارضت موسكو تعيينها رئيسة للبعثة مجدداً، اتضح لنا أن عودتها بصفة جديدة جاءت في إطار تنافس العواصم الكبرى في الملف الليبي بكل تبعاته في المنطقة".

ويؤكد الغزوي أن "واشنطن وحلفاءها الأوروبيين الذين هلّلوا لعودة وليامز، يرون في الانتخابات الليبية هدفاً استراتيجياً لوصول سلطة ليبية جديدة حليفة لهم، يمكنها أن تضيق على الوجود الروسي في ليبيا، بل وتطالب بخروج قواتها"، مشيراً إلى أن أول عمل لها هو تواصلها مع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5 + 5، أثناء وصولها إلى موسكو لمناقشة ملف القوات الأجنبية والمرتزقة، ما يعني أنها أبرزت أولى أوراقها لبدء ضغوط كبيرة لتقليص التأثير الروسي.

وكان آمر التوجيه المعنوي بقيادة مليشيات خليفة حفتر، خالد المحجوب، قد كتب على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أمس الثلاثاء، أن وليامز أجرت، اليوم الثلاثاء، "اتصالاً هاتفياً باللجنة العسكرية المشتركة 5+5 أثناء وصولها إلى روسيا، وذلك للوقوف والاطمئنان على سير عمل اللجنة، وما وصلت إليه في ملف إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة".

صراع دولي على قيادة الملف الليبي

وفي المقابل، يوافق الناشط السياسي الليبي مالك هراسة على أن رجوع وليامز يأتي ضمن الصراع الدولي على قيادة الملف الليبي، لكنه لا يرى أن الظروف ما زالت مؤاتية لنجاح كبير يمكن أن تحرزه لصالح مصالح واشنطن والعواصم الأوروبية. وقال متحدثاً لـ"العربي الجديد" إن على وليامز إصلاح مسار خريطة الطريق التي أشرفت على إتمامها وخروجها عبر ملتقى الحوار السياسي، كوثيقة تسير بالبلاد نحو مرحلة الانتخابات التي شاركت في تحديد موعدها بيوم 24 ديسمبر/ كانون الأول.

ويلفت هراسة إلى العديد من الصعوبات التي تواجه عمل وليامز، ومنها "اختراق مجلس النواب لخريطة الطريق، وتفرده بإصدار القوانين الانتخابية بموافقة كوبيتش، ويجب عليها أن تجيب عن أسئلة كبيرة مثل مصير ترشح خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي، اللذين أصبحا من الأسماء النهائية في قائمة المترشحين بقوة ذات القانون".

كما يرى هراسة من بين الصعوبات التي تواجه وليامز تفكيك شبكة تحالفات موسكو في ليبيا، مثل تقاربها في بعض المستويات مع أنقرة، وكذلك تقاربها مع القاهرة، التي باتت واضحة من الأطراف التي دعمت ظهور سيف الإسلام القذافي في المشهد مجدداً.

أعضاء بملتقى الحوار يطالبون بتدخل غوتيريس

في غضون ذلك، طالب أعضاء بملتقى الحوار السياسي، غوتيريس، بالتدخل لإنقاذ خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية للانتخابات.

وفيما عبّر أعضاء الملتقى، في رسالة مشتركة حملت توقيع 17 عضواً بالملتقى اليوم الأربعاء، عن ترحيبهم بتعيين ستيفاني وليامز مستشارة أممية خاصة في الشأن الليبي، أكدوا ضرورة تدخل الأمم المتحدة لإنقاذ العملية السياسية في ليبيا "التي أوشكت على الانهيار"، واعتبروا أن تدخل الأمم المتحدة ضرورة "لضمان إنفاذ خارطة طريق المرحلة التمهيدية للانتخابات".

كما طالب الأعضاء الأمين العام للأمم المتحدة بـ"الإسراع في تغيير طاقم البعثة، لما يتوارد بشأن انتفاء مبدأ تعارض المصلحة وارتباط بعض أفراد البعثة بأطراف الصراع بشكل مباشر"، وبدء العمل على استئناف العملية السياسية، "للوقوف على المسؤوليات المناطة به تجاه ما يعيق تنفيذ خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية، ولاقتراح المعالجات المناسبة لما يعترض تطبيقها، والتي تهدّد بانهيار العملية السياسية والمسار بأكمله".

ولفت الأعضاء إلى اختراق عدد من الأطراف الليبية لـ"خريطة الطريق التي أقرّها الملتقى وقرار مجلس الأمن"، بما في ذلك حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها عبد الحميد الدبيبة، "كجهة راعية ومحايدة وضامنة للعملية الانتخابية، وتجاوز التعهدات الضامنة لحياد هذه السلطة من قبل رئيس الحكومة".

كما أكد خطاب الأعضاء "تقاعس المجلس الرئاسي في أداء مهامه حسب خريطة الطريق، والتي أبرزها رعاية عملية المصالحة الوطنية، والتي كان يجب على الأقل في المرحلة التمهيدية أن تجمع أطراف الصراع في ليبيا حول ميثاق وطني للقبول بنتائج العملية الانتخابية".

كذلك اتهم الأعضاء المبعوث الأممي السابق يان كوبيتش "بتجاهل دعوات عدة لانعقاد الملتقى من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، عملاً بما نصت عليه خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحلّ الشامل"، مؤكدين عدم اضطلاع البعثة الأممية بدورها كميسّر لعقد جلسات ملتقى الحوار السياسي، لمتابعة تنفيذ خريطة الطريق.

المساهمون