لودريان عقب لقائه تبون: نقلت رغبة فرنسا في إذابة الجليد بين البلدين

لودريان عقب لقائه الرئيس الجزائري: نقلت رغبة فرنسا في إذابة الجليد بين البلدين

08 ديسمبر 2021
من زيارة سابقة لوزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر (فرانس برس)
+ الخط -

كشف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، اليوم الأربعاء، أنه نقل رسالة سياسية إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بشأن رغبة باريس في إنهاء الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين، والمستمرة منذ إلغاء زيارة لرئيس الحكومة الفرنسي كانت مقررة في شهر إبريل/نيسان الماضي، تلتها أزمة التصريحات المثيرة للجدل للرئيس ماكرون بحق الجزائر.

وقال لودريان، في تصريح صحافي عقب استقباله من قبل تبون: "نقلت للرئيس تبون رغبة فرنسا في العمل من أجل إذابة الجليد وسوء التفاهم الحاصل بين البلدين"، وأضاف: "خلال حديثي مع الرئيس تبون ركزنا على تعاون تترجمه انطلاقة حوار فعلي بيننا كشركاء في ملفات تتعلق بأمن البلدين".

وهذه أول زيارة لمسؤول فرنسي إلى الجزائر منذ بداية الأزمة الحادة نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وأكد المسؤول الفرنسي أنّ زيارته "تهدف إلى تعزيز الثقة بين بلدينا في كنف السيادة الكاملة لكل بلد"، ما يعني قبولاً فرنسياً للشروط التي طرحتها الجزائر بشأن احترام باريس سيادة الجزائر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وعبّر لودريان عن أمله في أن يسهم الحوار مع الرئيس تبون في "عودة العلاقات بين حكومتي البلدين، فبين الجزائر وفرنسا روابط عميقة تنشطها العلاقات الإنسانية".

وأكد وزير الخارجية الفرنسي أنّ "الجزائر وفرنسا تواجهان تحديات كبيرة إقليميا ودوليا بخصوص الإرهاب في الساحل والهجرة غير الشرعية والقضايا الاقتصادية"، وكشف أن الأزمة الليبية وتطورات الوضع في مالي كانت من بين الملفات التي بحثها مع الرئيس الجزائري.

ولم تعلن زيارة وزير الخارجية الفرنسي في وقت سابق لإجرائها، لكن حواراً عابراً جرى بين الرئيس عبد المجيد تبون والسفير الفرنسي في الجزائر فرانسوا غويات، خلال حفل استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإشادة الرئيس تبون بحديث السفير الفرنسي باللغة العربية خلال مصافحة عباس، أعطى مؤشراً على تطور طفيف في الموقف السياسي وتوقع حدث في هذا الاتجاه.  

ويعتقد أن تقرر الجزائر، في أعقاب زيارة لودريان، إعادة سفيرها عنتر داود إلى باريس، والذي تم استدعاؤه للتشاور منذ التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون بحق تاريخ الجزائر وطبيعة نظامها السياسي في الثاني من أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، فيما لا يعرف ما إذا كانت الجزائر ستواصل فرض إغلاق مجالها الجوي في وجه الطائرات الفرنسية المتوجهة إلى باريس.

وكان لورديان الذي يقوم "بزيارة عمل وتقييم لواقع العلاقات الثنائية"، قد التقى قبل الرئيس تبون، بوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية لـ"فرانس برس"،  في وقت سابق اليوم عن الزيارة: "إنها زيارة عمل وتقييم ولإحياء العلاقات". 

من جانبها، وصفت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان رسمي الزيارة بأنها "زيارة عمل وتقييم للعلاقات الثنائية".

وتعتبر زيارة الوزير الفرنسي هي الأولى لمسؤول فرنسي منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية الحادة بين الجزائر وباريس، والتي بدأت في إبريل/ نيسان الماضي، والتي تأزمت قبل شهرين بسبب تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون، قال فيها إن الجزائر "لم تكن أمة قبل الاستعمار"، وإن الرئيس تبون "رهين نظام عسكري". وهو ما وصفته الجزائر بالتصريحات غير المقبولة وأوقفت الاتصالات الدبلوماسية مع باريس واستدعت سفيرها للتشاور منذ الثاني من أكتوبر/ تشرين الثاني.

وأغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية، ورفض الرئيس الجزائري في السياق الاستجابة لدعوة الرئيس ماكرون المشاركة في مؤتمر باريس حول ليبيا، وأوفد بدلاً منه وزير الخارجية لعمامرة، كما رفض الرئيس تبون الرد على اتصالات هاتفية من الرئيس ماكرون.

واشترطت الجزائر لإعادة تطبيع العلاقات مع باريس، إعلان هذه الأخيرة التزامات بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر، أو التعليق حول قضايا تخص الداخل الجزائري، ووقف ما تعتبره حملات موجهة من قبل وسائل الإعلام الفرنسية المملوكة للحكومة خاصة ضد الجزائر.

 وسبقت زيارة لودريان تصريحات من هذا الأخير بشأن تفهم الحكومة الفرنسية للاشتراطات التي أعلنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن التزام باريس الاحترام الكامل لسيادة الجزائر، وقال لودريان خلال جلسة سابقة للجمعية الوطنية (البرلمان) إن الرئيس ماكرون "يؤكد على احترامه الكبير للشعب الجزائري، وهذا الأمر يعني بالتأكيد الاحترام الراسخ للسيادة الجزائرية"، وأكد عدم تدخل باريس في الشؤون الداخلية للجزائر، وقال: "يعود للجزائريين ولهم وحدهم أن يقرروا مصيرهم وتحديد أطر خياراتهم ونقاشاتهم السياسية".

وفضلت باريس أن تتخذ من جانبها الخطوة الأولى لتصحيح مسار العلاقات مع باريس، خاصة أن الرئيس الجزائري كان أبدى تصلباً كبيراً في أنه لن يكون المبادر بمد اليد إلى فرنسا بعد هذه الأزمة.

من شأن الزيارة التي يقوم بها لودريان إنهاء الأزمة السياسية والدبلوماسية أو خفض منسوبها إلى حد بعيد

 ومن شأن الزيارة التي يقوم بها لودريان إنهاء الأزمة السياسية والدبلوماسية أو خفض منسوبها إلى حد بعيد، وفقاً لما تعرضه باريس من محددات لرسم العلاقة في المرحلة المقبلة، خاصة في علاقة بالاستجابة لبعض المطالب الجزائرية التي ترتبط بتسليم القضاء الجزائري عدداً من الناشطين المطلوبين الموجودين في باريس، وفي علاقة بقضايا الذاكرة كاستعادة الأرشيف وخرائط التفجيرات النووية، وكذلك ملفات إقليمية تخص نطاق الوجود الفرنسي في مالي والملف الليبي.

وبغض النظر عن الحسابات الانتخابية للرئيس ماكرون، قبيل أشهر من موعد الانتخابات في فرنسا، والتي تؤثر فيها الجالية الجزائرية الكبيرة العدد بشكل لافت، ومخاوفه من تأثيرات استمرار الأزمة مع الجزائر على رصيده الانتخابي، فإن مراقبين يعتقدون أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي تعطي مؤشراً واضحاً على شعور جدّي لدى باريس بأنها بصدد خسارة علاقاتها الحيوية مع الجزائر، واشتداد الخناق على باريس في منطقة الساحل كمالي والنيجر وفي غرب أفريقيا، بسبب تصاعد الرفض الشعبي لوجودها هناك وبوجود دور جزائري لافت في ذلك، خاصة مع تمركز قوى منافسة كروسيا والصين، ما يدفعها إلى محاولة استدراك الموقف.

المساهمون