"حوليات مراكش": تجربة أُولى

"حوليات مراكش": تجربة أُولى

29 نوفمبر 2021
(ساجة جامع الفنا في مدينة مراكش)
+ الخط -

لا يمكن النظر إلى ندرة الدوريات العلمية المتخصّصة في التاريخ في العالم العربي دون العودة إلى بدايات تأسيس أقسام التاريخ في الجامعات العربية - والتي تأخّرت كثيراً مقارنة ببقية العلوم الاجتماعية والإنسانية - وما رافقها من جدل حول كيفية دراسته وتدريسه بسبب الخلاف حول إعادة قراءة التراث بشكل أساسي. ورغم ما شهدته هذه الأقسام من تطورات في بعض مناهجها وكوادرها، إلا أن منشوراتها تظلّ أسيرة لمعوقات عديدة تتصل بغياب مشروع علمي متكامل يلقى دعماً رسمياً وقبولاً اجتماعياً.

يمثّل صدور العدد الأول من "حوليات مراكش"، قريباً، محاولة جديدة في هذا السياق، حيث تصدر المجلة عن "مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال" في مدينة مراكش (320 كلم جنوب الرباط)، ضمن سلسلة متخصصة في التاريخ والعلوم الاجتماعية.

الصورة
غلاف الكتاب

وتقترح الدورية الجديدة عدّة مهام تسعى للاضطلاع بها، بدءاً من جمع الوثائق والأرشيفات المتصلة بالمدينة المغربية التي تأسّست في القرن الحادي عشر الميلادي، والعمل على نشرها لتصبح في متناول الباحثين، والتعريف بخزاناتها ومكتباتها ومخطوطاتها التراثية، كما تهدف إلى إعداد فهرس شامل ودقيق يحتوي أغلب ما كُتب حول مراكش والمناطق المحيطة بها، من خلال دعوة الباحثين إلى المساهمة في الدورية بمقالات ودراسات، وتقديم كتاباتهم النقدية وتصويباتهم لما سيُنشر.

وستقوم "حوليات مراكش" بإعداد دراسات رصينة باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية تنتهج الموضوعية العلمية، وتخضع للتحكيم من قبل لجنة متخصصة، مع تأكيد انفتاحها على جميع العلوم، من أدب بجميع صنوفه، وتاريخ بمختلف أحقابه، وجغرافيا بكل تخصصاتها، وأنثروبولوجيا وإثنوغرافيا وإثنولوجيا وعلم اجتماع وآثار وغيرها.

يشير بيان المؤسسة إلى أن مشروع أسبق يتمثّل في نشرة "أطلس مراكش" التي صدر منها عددان فقط، على يد مجموعة من أساتذة كلية الآداب في "جامعة القاضي عيّاض" قبل أن تتوقّف عن الصدور، ما دفع إلى التفكير في إصدار "حوليات مراكش" من أجل الاستمرار ومواصلة الجهود السابقة.

ويوضّح البيان بأن المشروع الجديد يتكئ على أدبيات المدرسة التاريخية (الحوليات) ورموزها من أمثال فرناند بروديل ومارك بلوك ولوسيان لوفيفر، التي تقرّ بأن الماضي ليس الهدف الحقيقي من دراسة التاريخ، بل التاريخ هو معرفة الإنسان بكلّ أبعاده، حيث تصير تلك الدراسة انخراطاً في الحياة الشاملة، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال نشر "الجديد" بما يدعم البحث العلمي الرصين، ورصد بعض ما تمّ تدوينه حتى الآن، وتقييمه تقييماً علمياً، بناء على ما استجدّ من دراسات أكاديمية، وما صدر من نصوص تراثية وعلى ما توفرّ من وسائل التواصل الحديثة.
 

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون