كيف نشعر بالخوف؟ دراسة جديدة تسلط الضوء على دور إشارات الجسد

كيف نشعر بالخوف؟ دراسة جديدة تسلط الضوء على دور إشارات الجسد

26 نوفمبر 2021
لا يزال كثير من آليات عمل الدماغ مجهولاً (Getty)
+ الخط -

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يعتمد على التغذية الراجعة من الجسم لتنظيم استجابة الخوف الذي يعد من ضرورات البقاء التي تحتاج إلى فهم أكبر وإدارة، حتى يمكننا تجنب السلوكيات الضارة، مثل نوبات الهلع أو المبالغة في المخاطرة.

ووفق الدراسة، عندما يتجمد الجسم استجابة للخوف، يتباطأ معدل ضربات القلب، وهذا يؤدي إلى ضعف نشاط القشرة الانعزالية.

القشرة الانعزالية هي جزء من القشرة المخية مطوي في أعماق الشق الذي يفصل الفص الصدغي عن الفص الجداري والفص الجبهي. ويعتقد أنها تشارك في إدارة وعي الإنسان، وتلعب دوراً في وظائف متنوعة، مثل الإدراك، والتحكم في الحركة، والوعي الذاتي، والخبرة الشخصية.

في الدراسة التي أجريت تجاربها المعملية على الفئران، ونشرت في مجلة "سَينس"، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أثبت باحثون في "معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الأعصاب" أن الدماغ يعتمد على ردود فعل الجسم لتنظيم الخوف، بحيث تتفاعل قشرة الدماغ الانعزالية بقوة مع المنبهات التي تشير إلى الخطر. وعندما يتجمد الجسم استجابة للخوف، تتباطأ ضربات القلب، ما يؤدي إلى ضعف نشاط القشرة الانعزالية.

تساعد معالجة هذه الإشارات المتعارضة القشرة المعزولة على الحفاظ على توازن الخوف، وبالتالي، تستخدم ردود أفعال الجسم بفعالية لتنظيم المشاعر، وهي أكثر بكثير من مجرد ردود فعل عاطفية سلبية.

يسبب الخوف تغيرات ملحوظة في أجسامنا: ينبض القلب بشكل أسرع، أو يصبح التنفس أضعف. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يعالج بها الدماغ هذه المعلومات لتنظيم المشاعر، مثل الخوف، لا تزال غير معروفة إلى حد كبير.

لاستكشاف ذلك، عرض الفريق مجموعة من الفئران لنغمة صوتية مثيرة للفزع من مصدر تنبيه معين. وراقبوا سلوك الفئران كلما صدر الصوت من المنبه. ومع اعتياد الفئران على الصوت، لم يعد الخوف لدى الفئران مقترناً بهذا المنبه تدريجياً.

للتحقيق في دور القشرة الانعزالية في تنظيم الخوف، قام العلماء بتعطيلها في أثناء مرحلة "إزالة الخوف"، ما أسفر عن نتائج مفاجئة بالنسبة للباحثين، إذ تغير سلوك الفئران مع مرور الوقت، وفق قائدة فريق البحث في الدراسة، ألكسندرا كلاين، من "معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الأعصاب".

علوم وآثار
التحديثات الحية

وأوضحت الباحثة ألكسندرا كلاين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الفئران شديدة الخوف تخلصت من خوفها بشكل أبطأ، مقارنة بالفئران ذات نشاط القشرة الانعزالية الطبيعي، في حين أن الفئران الأقل خوفاً لم تتعلم بشكل أسرع.

كما كشفت النتائج أن القشرة الانعزالية تحافظ على مستويات الخوف ضمن نطاق معين. ولاحظ الفريق أنه بمجرد أن أظهر الفأر سلوك التجمد المثير للخوف، انخفض معدل ضربات قلبه، وكذلك نشاط القشرة الانعزالية.

تتجمد الفئران المرتعبة بشكل كبير في كثير من الأحيان، ولفترة أطول عند سماع النغمة، وهو ما يمكن أن يفسر التعطيل الملحوظ لقشرتها الانعزالية.

لاختبار العلاقة بين معدل ضربات القلب، ونشاط القشرة الانعزالية، تدخل العلماء في تدفق المعلومات بين الجسم والدماغ عبر العصب الحائر. بحيث عندما تعطل التبادل بين القلب والدماغ، ظل نشاط القشرة الانعزالية مستقراً، ولم ينخفض أثناء التجميد.

توضح الدراسة أن القشرة الانعزالية تتطلب ردود فعل من الجسم للحفاظ على الخوف عند المستوى المناسب. وتوفر النتائج دليلاً على أن التغيرات الجسدية التي تحدث أثناء التجميد، هي جزء أساسي من تنظيم المشاعر، وأن التجميد هو أكثر بكثير من مجرد استجابة عاطفية سلبية. ووفق كلاين، فإن النتائج تشير إلى أن القشرة الانعزالية تدمج الإشارات الحسية التنبؤية، والإشارات البينية، لتوفير إشارات تعليمية متدرجة وثنائية الاتجاه لإبقاء الخوف عند المستوى المناسب.

المساهمون