انتعاش خزائن الخليج... مكاسب بمئات مليارات الدولارات من صعود النفط

انتعاش خزائن الخليج... مكاسب بمئات مليارات الدولارات من صعود النفط

10 نوفمبر 2021
محطة وقود في العاصمة السعودية الرياض (فرانس برس)
+ الخط -

توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي الست الغنية بالنفط بين 300 و350 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة مستفيدة من الارتفاع الكبير لأسعار النفط، ما ينعش خزائنها ويعيدها إلى تسجيل معدلات نمو مرتفعة بعد خفوت بفعل تهاوي أسعار النفط على مدار السنوات الأخيرة، فضلا عن تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إنه "من المشجع أن نرى عملية النهوض في الاقتصاد الخليجي في العام الحالي، ومن المتوقع تحقيق نمو إيجابي في العام 2022".

لكن أزعور دعا الدول العربية النفطية إلى مواصلة برامج تنويع الاقتصاد، موضحا وفق ما نقلت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، عن مقابلة بثها تلفزيون الشرق، أن "موقف الصندوق كان دائماً يركز على تنويع مصادر الدخل، والخروج من مصادر الدخل النفطي تدريجياً، وبأقل تأثير على الحركة الاقتصادية".

ويعتمد الاقتصاد الخليجي على إيرادات النفط بشكل كبير، وانخفضت هذه الإيرادات بشدة خلال العام الماضي بسبب تداعيات جائحة كورونا التي شلت الاقتصاد العالمي، وأدت إلى تراجع الطلب على الخام. لكن تأمين اللقاحات المضادة لكوفيد-19، وانخفاض عدد الإصابات بالفيروس عالمياً، ساهما في إعادة عجلة الاقتصاد العالمي إلى الدوران، وبالتالي زيادة الطلب على مصادر الطاقة هذا العام. وقفزت أسعار النفط بأكثر من 70% منذ بداية العام، ليقترب خام برنت، أمس، من مستوى 84 دولاراً للبرميل، إذ تعد الأسعار الحالية الأعلى في أربع سنوات.

 دول الخليج تحتل المرتبة الخامسة عالمياً من حيث التكتلات الأكثر حيازة للأصول الأجنبية

وبعد أكثر من عام من انخفاض الطلب على الوقود، عاد استهلاك البنزين ومشتقات النفط الأخرى إلى الصعود في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للوقود في العالم، وكذلك الأمر في مختلف الاقتصادات الكبرى، كما تدعمت أسعار النفط بفعل المخاوف حيال النقص في الفحم والغاز في الصين والهند وأوروبا، ما دفع للتحول إلى الديزل وزيت الوقود لتوليد الطاقة.

كما تتعزز الأسعار بالقيود على المعروض من جانب منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها، وهي المجموعة المعروفة باسم "أوبك+". واتفق التحالف، الأسبوع الماضي، على التمسك بخطته الرامية إلى زيادة الإنتاج تدريجيا.

وفي الوقت الحالي، يرفع تحالف "أوبك+" الإنتاج اليومي بمقدار 400 ألف برميل، ويقاوم ضغط الأسواق العالمية لإنتاج المزيد، إذ اتفق على هذه الزيادة في يوليو/ تموز الماضي، لتستمر كل شهر حتى إبريل/ نيسان 2022 على الأقل، للتخلص تدريجيا من تخفيضات تبلغ 5.8 ملايبن برميل يومياً.

وبحسب توقعات لـ"بنك أوف أميركا"، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يمكن لأسعار النفط أن تتجاوز 100 دولار للبرميل، وذلك للمرة الأولى منذ نحو سبع سنوات، مشيرا إلى أن ما يعزز ارتفاع النفط هو التحول من الغاز إلى النفط نتيجة لارتفاع أسعار الوقود الأرزق، وقفزة في استهلاك النفط الخام خلال فصل الشتاء البارد، وزيادة الطلب على الطيران مع إعادة فتح الولايات المتحدة لحدودها.

وفي أقل من عام ونصف، تحولت أسعار الغاز الطبيعي المسال من قيعان قياسية إلى قمم قياسية، مع تأثر السوق في البداية بتداعيات جائحة كورونا، وعجزها الآن عن مواكبة الانتعاش العالمي في الطلب.

وقال بنك الاستثمار الأميركي "جيه بي مورغان تشيس" إن الطلب العالمي على النفط في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عاد تقريبا إلى مستوياته قبل الجائحة عند مستوى 100 مليون برميل يومياً.

وبحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس، عن أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لعملاق النفط السعودي "أرامكو" خلال مؤتمر اقتصادي في اليابان، فإن الطلب على النفط سيتجاوز 100 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل.

وتنعش زيادة أسعار النفط خزائن الخليج من جديد، حيث أظهرت بيانات رسمية ارتفاع الأصول الاحتياطية خلال الأشهر الأخيرة لتصل، وفق تقرير صادر عن مركز الإحصاء الخليجي في أغسطس/ آب الماضي، إلى 664.9 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقابل 656.7 مليار دولار في مايو/ أيار.

ورغم الارتفاع المسجل في قيمة الأصول الاحتياطية، إلا أنها تقل بكثير عن مستوياتها في نهاية 2019، إذ كانت تصل إلى نحو 707.8 مليارات دولار.

وتضم الأصول الاحتياطية احتياطي النقد الأجنبي والذهب، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى الودائع واستثمارات الأوراق المالية في الخارج. وتعتبر الأصول الاحتياطية الأجنبية مقياسا رئيسيا لقدرة الدولة على تغطية الواردات، وتعزيز الثقة بالسياسة النقدية للدولة، ودعم استقرار صرف العملة الوطنية، فضلا عن امتصاص الصدمات الاقتصادية بشكل عام، سواء كانت محلية أو عالمية.

وتحتل دول الخليج المرتبة الخامسة عالمياً من حيث التكتلات الأكثر حيازة للأصول الأجنبية، إذ تأتي الصين في الصدارة باحتياطيات وصلت إلى 3.218 تريليونات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفق بيانات صادرة عن بنك الشعب الصيني (المركزي)، يوم الأحد الماضي، تليها اليابان ثم سويسرا والاتحاد الأوروبي بالمركز الرابع.

وعلى صعيد الترتيب الخليجي، تستحوذ السعودية على 67.1% من مجموع الأصول الاحتياطية الأجنبية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، وفق أحدث رصد لمركز الإحصاء الخليجي بنهاية أغسطس/ آب بقيمة 445.9 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران، تليها الإمارات بقيمة 110.8 مليارات دولار، ثم قطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين.

 أظهرت بيانات صادرة عن مركز الإحصاء الخليجي في أغسطس/ آب الماضي، ارتفاع الأصول الاحتياطية لدول الخليج إلى 664.9 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقابل 656.7 مليار دولار في مايو/ أيار

وتُخرج أسعار النفط المتصاعدة دول الخليج من دائرة الانكماش التي سجلتها العام الماضي، إذ توقع البنك الدولي في أغسطس/ آب الماضي أن تنمو اقتصادات دول الخليج بنسبة 2.2% في العام الجاري بعد انكماش 4.8% في 2020.

وفي السياق، أظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، أمس، أن اقتصاد المملكة نما 6.8% على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو أسرع نمو منذ 2012.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول، توقع معهد التمويل الدولي أن تشهد دول الخليج فوائض في ميزان المعاملات الجارية تبلغ 165 مليار دولار هذا العام و138 مليار دولار في العام القادم، بعد عجز بلغ ستة مليارات في العام الماضي، بينما يرجح محللون أن تزيد الفوائض عن توقعات المعهد، إذ إنه استند فيها إلى سعر للنفط عند 71 دولاراً للبرميل هذا العام و66 دولاراً للبرميل العام المقبل.

المساهمون