مارك روثكو.. عودة لندنية إلى سنوات الورق

مارك روثكو.. عودة لندنية إلى سنوات الورق

27 أكتوبر 2021
مارك روثكو أمام واحد من أعماله، 1961 (Getty)
+ الخط -

في تاريخ الفن التجريدي بالقرن العشرين، يتّخذ الفنان الروسي ـ الأميركي مارك روثكو (1903 ـ 1970) مكانةً أساسية بين الأسماء الطليعية في هذا الحقل التشكيلي، إلى جانب الروسي فاسيلي كاندسكي (1866 ـ 1944)، المؤسّس الفعلي لهذا التوجّه الفني، والألماني أوتّو فرويندلش (1878 ـ 1943)، والفرنسي روبر دولونيه (1885 ـ 1941)، والهولندي بيات موندريان (1872 ـ 1944)، وعدد آخر من الأسماء.

على أنّ الفنان الذي انتقل صغيراً مع عائلته إلى الولايات المتّحدة لطالما اعتُبر كواحد من عرّابي تيار الانطباعية التعبيرية، أو ما يُعرَف بمدرسة نيويورك، إلى جانب أسماء يأتي في مقدّمتها جاكسون بولّوك (1912 ـ 1956)، رغم رفضه أكثر من مرّة لهذا التصنيف الذي يحدّ اشتغالاته في بيئة تخصّ الولايات المتّحدة، وتُلحقه بالانطباعيين الذين حاول التمايز عن رؤيتهم.

ورغم دخول روثكو عالم الفنّ مبكّراً، وتدريسه الرسم منذ نهاية العشرينيات، إلّا أنّ اسمه كفنّان متفرّد لن يُعرَف على نطاق واسع إلا في خمسينيات القرن الماضي، بعد زيارة مطوّلة إلى القارّة العجوز. بدءاً من تلك الفترة، ووصولاً إلى الستينيات، سيذيع صيت روثكو كأبرز الأسماء المجدّدة في استخدام اللون تجريدياً، ما سيدفع العديد من المؤسّسات الفنية والتعليمية المرموقة، مثل "غاليري مارلبورّو" اللندني و"جامعة هارفرد" إلى اقتناء عدد من أعماله.

"1968: إزالة العوائق" هو عنوان المعرض الذي ينظّمه غاليري "Pace" اللندني حتى الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ويضمّ عدداً من أعمال روثكو التي أنجزها على الورق، والتي نادراً ما عُرضت خارج الولايات المتّحدة. وقد اختار الغاليري تاريخ 1968 الذي يشير إلى الثورات الطلابية، وأعماله التي أنجزها في الستينيات بشكل عام، باعتبارها الفترة التي وصل فيها التشكيلي الأميركي إلى قمّة عطائه.

الصورة
مارك روثكو - القسم الثقافي
(من المعرض)

يُعرَف روثكو بلوحاته الضخمة التي تُزاوج، بشكل أفقي أو عمودي، بين أحزمة مستطيلية من اللون غالباً ما لا يتجاوز عددها الثلاثة، حيث يجمع بين أصالة في التركيب وبين بحث لونيّ تجريبي قدّم من خلاله نظرة جديدة إلى العلاقة بين طبقات الألوان، موظّفاً عناصر العمق والشفافية والضوء ضمن قراءة جديدة. 

ويشير بيان منظّمي المعرض إلى أن تدهور الوضع الصحّي للفنان في ستينيات القرن الماضي هو الذي دفعه للتخلّي، نسبياً، عن اشتغاله على لوحات كبيرة الحجم من الأكريليك على القماش، وتكييف نظرته الفنية مع مساحات أقل حجماً و"أكثر حميمية"، على الورق، من دون التخلّي عن تطلُّبه على مستوى التكوين واللون.

الصورة
مارك روثكو - القسم الثقافي
(من المعرض)

ويذكّر الغاليري اللندني بتأثّر روثكو بكتابات الفيلسوف الألماني فريديرش نيتشه حول حرية الفنانين وأحقيتهم بتجاوز القواعد المعتادة من أجل التعبير عن أفكار تتجاوز الحيّز الفيزيائي ـ الواقعي، وهو ما سعى روثكو إلى التعبير عنه في تجريبيّته، وفي مسعاه، كما يقول، إلى "إزالة العوائق بين الرسّام والفكرة، وبين الفكرة والمُشاهد". فعل الإزالة هذا، الذي يسعى إلى التقريب بين عالمين، هو الذي منح المعرض عنوانه.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون