المغرب: منظمو الحفلات والأعراس بلا عمل

المغرب: منظمو الحفلات والأعراس بلا عمل

26 سبتمبر 2021
مهنيو قطاع الترفيه في ضيق كبير (باسكال لوسيرغروتان/ Getty)
+ الخط -

"تضررنا مادياً، ويواجه بعضنا خطر الإفلاس، كما فقد عاملون كُثر في تنظيم الأعراس مورد رزقهم"، بهذه العبارات يتحدث أحد مهنيي تجهيز الحفلات والأعراس محمد بن يحيى عن الواقع الذي خلّفه تفشي فيروس كورونا لآلاف العاملين في القطاع الذي يضم مهناً نظامية وأخرى غير مرتبطة بتقاليد الأعراس المتوارثة في المغرب. ووجد مهنيو قطاع تجهيز الحفلات والأعراس أنفسهم، بعد أشهر قليلة من استئنافهم العمل إثر تخفيف إجراءات "الطوارئ الصحية"، في مواجهة مصير مجهول يهدد قوتهم اليومي، إثر قرار الحكومة، في 19 يوليو/ تموز الماضي، منع إقامة كل الحفلات والأعراس، ضمن حزمة تدابير احترازية فرضتها لتدارك أخطار تعرض البلاد لانتكاسة وبائية جديدة في ظل ارتفاع عدد الإصابات والحالات الخطرة في الأيام الماضية. 
يقول بن يحيى لـ"العربي الجديد": "كان يجب أن تأخذ الحكومة في الاعتبار أن نشاطنا توقف خلال الفترة من مارس/ آذار 2020 إلى يونيو/ حزيران الماضي، ما كبّدنا خسائر مالية فادحة. وكنا نعوّل على أن يشكل فصل الصيف الذي يشهد عودة مغتربين وتحركهم في أنحاء البلاد، مناسبة لتحقيق انتعاش للقطاع يعوّض جزءاً من خسائرنا ويسمح لنا بتسديد ديوننا، لكن قرار الحكومة أجهض أحلامنا باستعادة نشاطنا وعرضنا إلى مزيد من الخسائر". تقول فاطمة شكري، وهي "ممونة حفلات" في الرباط لـ"العربي الجديد": "قرار الحكومة مجحف وقاسٍ في حق منظمي الحفلات، الذين عانوا طوال أكثر من سنة من أزمة مالية خانقة قادت بعضهم إلى الإفلاس. وأسأل من يعوض ما أنفقته لتحضير أعراس مبرمجة منذ أسابيع، ومن يسدد قيمة شيكات دفعت لتأمين مستلزماتها".

ويوضح سعيد المكناسي الذي يشرف على تنظيم حفلات، لـ"العربي الجديد"، أن "أعمال هذا القطاع في المغرب تعتمد على مجموعة مهن صغيرة مترابطة ومتداخلة على صعيد الازدهار. وفي ظل برنامج موسمي حالي غير مبرمج على صعيد الأنشطة، يبدو أن وضع مهنيي القطاع مقلق، خصوصاً للعاملين الذين لا يزالون يقاومون بكل الوسائل المتاحة الآثار السلبية الناتجة عن توقف الأعمال العام الماضي، علماً أن كُثراً أعلنوا إفلاسهم مع استمرار الأزمة". يضيف:" إذا كان الهدف الفعلي يتمثل في مكافحة انتشار كورونا، فيجب أيضاً وقف حركة الباصات والمطاعم والأسواق التجارية الكبيرة، في حين يعني منع الحكومة الحفلات والأعراس بلا إجراء أية مشاورات مع العاملين في القطاع والتنسيق معهم، ومن دون أن تلتفت إلى انعكاساته السلبية على أوضاعهم، أن التدابير تستهدف قطع أرزاق مليون شخص". يتابع: "قرار الحكومة جعلني أهدر مبلغ 500 ألف درهم (نحو 50 ألف دولار) دفعتها لاقتناء مستلزمات أعراس كانت مبرمجة بعد عيد الأضحى، وأوقعني في خلافات مع زبائن طالبوني برد أموال دفعوها مسبقاً، وراكم علي ديوناً وشيكات مستحقة لممولين. وباختصار، إذا لم تتدخل الحكومة فإن مصير القطاع هو الخراب". 

الصورة
حفلات الأعراس ملغيّة بسبب كورونا (Getty)
حفلات الأعراس ألغيّت بسبب كورونا (Getty)

ويشدد مصطفى بوخريص الذي يدير شركة متخصصة في تنظيم الأعراس بمدينة سلا المجاورة للرباط، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على ضرورة "تجنب خطأ التضحية بمهنيي قطاع الحفلات والأعراس وآلاف العاملين الرسميين والمؤقتين وممارسي مهن أخرى ترتبط بالقطاع، مثل طباخين وعمال نظافة وحراسة ومكلفين بالإضاءة، ومصورين وموسيقيين، وعدم رميهم إلى المجهول وتشريد عائلاتهم". ويؤكد استعداد عاملي القطاع لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة تفشي فيروس كورونا تحت إشراف السلطات المحلية التي لا يمكن أن تمنع إقامة الأعراس كلياً، وتحاول إيجاد حل وسط عبر الاكتفاء بشغل نسبة 50 في المائة من قدرات استيعاب قاعات الأفراح، وإلزام عامليها بالتطعيم، لأنه من الضروي أن يتجنب القطاع الإفلاس. من جهته، يرى عضو "الفيدرالية المغربية لمموني الحفلات" أن "القرارات المرتجلة للحكومة تضرّ بقطاع يوفر فرص عمل كثيرة لمواطنين"، داعياً إلى التفكير في مصير مليوني شخص باتوا بلا عمل. 
ويلفت في حديثه لـ"العربي الجديد " إلى أن أصحاب قاعات الحفلات باتوا يفكرون في تنفيذ أنشطة بعيدة عن هذا المجال. ودعا الحكومة إلى "دعم استئناف النشاط بدلاً من ترك أصحاب القاعات والعاملين في القطاع يواجهون أزمة بلا حلول". 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وتتحدث "فيدرالية مموني الحفلات في المغرب" عن توقف 7000 متعهد حفلات وأعراس عن العمل خلال فرض الحجر الصحي العام الماضي، في حين ترى مصادر طبية أن "الأعراس المغربية تقام عادة داخل قاعات مزدحمة ومغلقة، وتفتقر إلى التهوية الجيدة، في حين تستغرق ساعات طويلة، وتعتبر أن إلزام المدعوين بارتداء كمامات أمر غير وارد، ما يجعل ترخيص هذه النشاطات في الفترة الحالية، التي تعرف ارتفاعاً هائلاً في الإصابات بالفيروس والحالات الخطرة، بمثابة مجازفة حقيقية". وكانت الحكومة شددت، لدى إعلانها في 19 يوليو/ تموز الماضي إعادة فرض حظر التنقل الليلي ومنع الأعراس والحفلات، على أن "الظروف الحالية تحتم التقيّد الصارم بتوجيهات السلطات المعنية واتخاذ التدابير الاحترازية على صعيد التباعد الجسدي وتطبيق قواعد النظافة العامة، والتزام وضع الكمامات من أجل الحفاظ على المكتسبات المهمة التي حققتها بلادنا في مواجهتها الجائحة".

المساهمون