"هيومن رايتس ووتش": جرائم حرب بحق لاجئين إريتريين في تيغراي

هيومن رايتس ووتش: جرائم حرب بحق لاجئين إريتريين في تيغراي

16 سبتمبر 2021
انتهاكات عدّة طاولت لاجئات إريتريات (إدواردو سوتيراس/ فرنس برس)
+ الخط -

كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أنّ اللاجئين الإريتريين كانوا ضحايا انتهاكات، لا سيّما عمليات قتل واغتصاب تمثّل "جرائم حرب واضحة" خلال النزاع الدائر في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا.

وذكرت المنظمة غير الحكومية بالتفصيل دور الجنود الإريتريين والمقاتلين المتمرّدين من تيغراي في هذه الانتهاكات واسعة النطاق، منها الإعادة القسرية للاجئين إلى إريتريا، وتدمير مخيّماتهم على نطاق واسع.

وقالت مديرة "هيومن رايتس ووتش" في القرن الأفريقي لتيسيا بادر إنّه "من الواضح أنّ عمليات القتل والاغتصاب والنهب المروّعة ضدّ اللاجئين الإريتريين في تيغراي هي جرائم حرب"، لافتة إلى أنّ "إقليم تيغراي كان لسنوات عديدة ملجأ للاجئين الإريتريين الفارين من الاضطهاد (في بلدهم)... لكنّهم اليوم ما عادوا يشعرون بالأمان هناك".

ويجتاح العنف شمال إثيوبيا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء أبي أحمد قوّات إلى تيغراي للإطاحة بـ"جبهة تحرير شعب تيغراي"، الحزب الحاكم للإقليم، مشيراً إلى أنّ الخطوة جاءت للردّ على هجمات تعرّضت لها معسكرات للجيش.

وعلى الرغم من أنّ رئيس الوزراء الحائز جائزة نوبل للسلام في عام 2019 تعهّد بتحقيق "نصر سريع"، فإنّ الحرب امتدّت لشهور وتسببت في أزمة إنسانية في تيغراي، فرأى 400 ألف شخص أنفسهم في مواجهة ظروف أشبه بالمجاعة، وفق الأمم المتحدة.

تجدر الإشارة إلى أنّ "جبهة تحرير شعب تيغراي"، التي حكمت إثيوبيا في خلال النزاع الحدودي الدامي بين إثيوبيا وإريتريا من عام 1998 إلى عام 2000، كانت عدوّاً لدوداً للنظام الإريتري الذي دعم أديس أبابا عسكرياً بإرسال قوات إلى هذه المنطقة المتاخمة لحدوده الجنوبية.

وقبل بدء النزاع، كان ثمّة 92 ألف لاجئ إريتري في تيغراي، بما في ذلك نحو 19 ألفاً و200 في مخيّمَي هيتساتس وشيميلبا، وفق "الوكالة الإثيوبية للاجئين والعائدين".

وقد اشتبكت القوات الإريترية والتيغرية للمرّة الأولى بالقرب من بلدة هيتساتس بعد نحو أسبوعَين من بدء الحرب الأخيرة. وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أنّها تلقّت "معلومات موثوقة" تفيد بأنّ القوات الإريترية قتلت 31 شخصاً في بلدة هيتساتس. لكنّ العدد الحقيقي للضحايا وفق المنظمة غير الحكومية "هو على الأرجح أعلى من ذلك بكثير".

من جهتها، جمعت وكالة "فرانس برس" تقارير توضح كيف استهدف رجال المليشيات الموالية لـ"جبهة تحرير شعب تيغراي" اللاجئين فور وصول القتال إلى مخيّم هيتساتس، الأمر الذي أسفر عن مقتل تسعة شبان إريتريين أمام كنيسة.

وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، عندما سيطر الإريتريون على المخيّم، نقلوا 17 لاجئاً مصاباً إلى بلادهم لتلقّي العلاج. وأضافت المنظمة أنّ هؤلاء اللاجئين بمعظمهم ما زالوا في عداد المفقودين، وكذلك ما بين 20 و30 آخرين اعتُقلوا "بمن فيهم أعضاء في لجنة اللاجئين وأعضاء يُظَنّ أنّهم ينتمون إلى المعارضة، ومن بينهم امرأتان".

وتابعت أنّه بعد استعادة السيطرة على المنطقة في أوائل ديسمبر/ كانون الأول 2020، بدأت قوات تيغراي بممارسة أعمال سرقة وسجن واغتصاب ومهاجمة اللاجئين بالأسلحة، بما في ذلك بقنبلة يدوية، الأمر الذي خلّف عشرات القتلى بحسب ما يُظنّ.

وعادت القوات الإريترية في الشهر التالي وأجبرت من بقوا في المخيّمَين على الرحيل. وبحسب المنظمة، تشير صور التقطتها أقمار صناعية إلى أنّ قسماً كبيراً من المخيّم تعرّض إلى الهدم بعد فترة وجيزة.

وما زال آلاف اللاجئين في هيتساتس وشيميلبا في عداد المفقودين. ولم يكن أمام المئات منهم خيار سوى العودة إلى إريتريا في ما تصفه "هيومن رايتس ووتش" بأنّه "إعادة قسرية".

وقد توجّه بعض هؤلاء إلى مخيّمَي ماي عيني وعدي هاروش في الجنوب. لكنّ المخيّمَين صارا بعد ذلك تحت سيطرة "جبهة تحرير شعب تيغراي" في يوليو/ تموز الماضي. واتّهمت "الوكالة الإثيوبية للاجئين والعائدين" الجبهة بنشر مدفعية ثقيلة في ماي عيني وعدي هاروش وبنهب المركبات ومستودعات المساعدات ومنع اللاجئين من المغادرة، وهو ما يرقى إلى مستوى "احتجاز رهائن". لكنّ الجبهة رفضت هذه المزاعم وتعهّدت بضمان حماية اللاجئين.

وتحاول السلطات الإثيوبية تسريع إعادة توطين اللاجئين الوافدين من جنوب تيغراي في موقع يمتدّ على مساحة 90 هكتاراً في منطقة أمهرة المجاورة. لكنّ القتال امتدّ إلى هذه المنطقة في يوليو/ تموز الماضي. وتدعو "هيومن رايتس ووتش" كلّ أطراف النزاع إلى منح اللاجئين حريّة التنقل وتمكينهم من الوصول إلى المساعدات من دون عوائق.

(فرانس برس)

المساهمون