معارك شرسة في أفغانستان واتهامات لـ"طالبان" بارتكاب "جرائم حرب"

معارك شرسة في أفغانستان واتهامات لـ"طالبان" بارتكاب "جرائم حرب"

02 اغسطس 2021
تدافع القوات الأفغانية عن عواصم ثلاث ولايات (Getty)
+ الخط -

تخوض القوات الأفغانية الاثنين معارك لمنع سقوط أول مدينة رئيسية في أيدي "طالبان"، بعد هجمات شنها عناصر الحركة على مراكز حضرية، في تصعيد كبير حمّل الرئيس أشرف غني واشنطن المسؤولية عنه.

وهاجم عناصر "طالبان" عواصم ثلاث ولايات على الأقل هي لشكركاه وقندهار وهرات، بعد نهاية أسبوع شهدت مواجهات عنيفة نزح على إثرها آلاف المدنيين في ظل تقدّم المسلحين، فيما تحدثّت منظمة "أطباء بلا حدود" عن عدد كبير من المصابين بجروح "خطرة".

واحتدمت المعارك في لشكركاه، عاصمة ولاية هلمند، حيث شن مسلحو الحركة هجمات منسقة استهدفت وسط المدينة وسجنها، قبل ساعات فقط من إعلان الحكومة نشر مئات من عناصر الوحدات الخاصة في المنطقة.

وحمّل الرئيس أشرف غني واشنطن، الاثنين، المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني في بلاده.

وقال متوجهاً إلى البرلمان "سبب الوضع الذي نحن فيه حالياً هو أن القرار اتُّخذ بشكل مفاجئ"، مضيفاً أنه حذّر الأميركيين من أن الانسحاب ستكون له "عواقب".

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الاثنين، أن "طالبان" قد تكون ارتكبت "جرائم حرب"، من خلال "قتل مدنيين" في بلدة سبين بولداك الواقعة عند الحدود مع باكستان.

وكتبت السفارتان في تغريدتين منفصلتين "في سبين بولداك، بقندهار، قتلت طالبان عشرات المدنيين في عمليات قتل ثأرية. عمليات القتل هذه يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب، يتعين التحقيق فيها ومساءلة مقاتلي طالبان أو القادة المسؤولين عنها".

وجاء الاتهام بعد إعلان لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان أن المتمردين ارتكبوا عمليات قتل ثأرية في سبين بولداك.

وكانت الخارجية الأميركية أعلنت، في بيان في وقت سابق، أنه "في ضوء ارتفاع مستويات العنف الذي تمارسه طالبان، تعمل الحكومة الأميركية على توفير فرصة لأفغانيين معيّنين، بمن فيهم أولئك الذين عملوا مع الولايات المتحدة، لإعادة توطينهم كلاجئين في الولايات المتحدة".

وبدأت واشنطن بالفعل إجلاء آلاف المترجمين وأفراد عائلاتهم ممن عملوا مع الجيش والسفارة على مدى العقدين الماضيين.

وتواصل القتال في لشكركاه (جنوب) خلال الليل حيث صدّت القوات الأفغانية هجوماً جديداً لـ"طالبان".

وذكر الجيش في هلمند "صدّت القوات الأفغانية الهجوم براً وعبر الضربات الجوية".

وتحدّثت امرأة تقطن لشكركاه تدعى حواء ملالي عن تنامي الأزمة في المدينة. وقالت "هناك معارك وانقطاع للكهرباء ومرضى في المستشفيات فيما شبكات الاتصالات معطّلة. لا توجد أدوية والصيدليات مغلقة".

وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" أن عدد الضحايا يرتفع في لشكركاه.

وقالت منسقة عمليات المنظمة الإغاثية لهلمند ساره ليهي في بيان "وقع إطلاق نار بلا هوادة وضربات جوية وبالقذائف في المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة. تتعرض المنازل للقصف فيما يعاني العديد من الأشخاص من جروح خطرة".

وتابعت "الوضع خطر للغاية والحياة توقفت"، مضيفة أن منشأة المنظمة تجري عمليات جراحية عديدة للمصابين.

وكانت هلمند على مدى سنوات هدفا كبيرا للحملة العسكرية الأميركية والبريطانية في أفغانستان، لتنزلق أكثر في أتون الفوضى.

وتوفر حقول الخشخاش الشاسعة في الولاية حصة الأسد من الأفيون المستخدم في تجارة الهيرويين، ما يجعلها مصدر ربح وسيولة لـ"طالبان".

ومن شأن خسارة لشكركاه أن توجه ضربة استراتيجية ومعنوية كبيرة للحكومة التي تعهّدت الدفاع عن عواصم الولايات مهما كان الثمن بعد خسارتها معظم المناطق الريفية لصالح "طالبان" خلال الصيف.

أخطاء استراتيجية

وتصاعد القتال في بعض مناطق ولاية قندهار، المعقل السابق لـ"طالبان"، وعلى أطراف عاصمتها.

وتعرّض مطار قندهار لهجوم ليل الأحد إذ أطلق عناصر طالبان صواريخ تسببت بأضرار على المدرج، ما أدى بدوره إلى تعليق الرحلات الجوية على مدى ساعات.

وتعد المنشأة أساسية للمحافظة على الإمدادات اللوجستية والدعم الجوي من أجل منع "طالبان" من السيطرة على المدينة، كما توفر الغطاء الجوي اللازم لمناطق واسعة من جنوب أفغانستان، بما فيها لشكركاه القريبة.

في الأثناء، يدافع مئات عناصر القوات الخاصة عن هرات غرباً بعد أيام من المواجهات العنيفة.

وبينما قللت الحكومة مراراً على مدى الصيف من أهمية المكاسب المتتالية التي حققها المتمرّدون باعتبار أنها لا تنطوي على قيمة استراتيجية، إلا أنها فشلت بدرجة كبيرة في مواجهة الزخم الذي حققوه في المعارك.

وأشار غني إلى أن السلطات وضعت خطة لمدة ستة أشهر لهزيمة "طالبان"، لكنه أقر بأن المتمرّدين لم يعودوا "حركة مشرذمة تفتقد للخبرة".

وتابع "نواجه قيادة منظّمة مدعومة من ائتلاف آثم للإرهاب الدولي والدوائر الداعمة له".

ومن شأن سيطرة "طالبان" على أي مدن كبرى أن يفتح فصلاً جديداً في المواجهة ويثير مخاوف حيال إمكانيات الجيش الأفغاني.

يذكر أن طالبان انتزعت في الماضي مدناً عديدة لكنها فشلت في إبقاء سيطرتها عليها لفترة طويلة.

(فرانس برس)