الأردن يتجه لتخفيف عقوبات المتعثرين عن سداد الديون

الأردن يتجه لتخفيف عقوبات المتعثرين عن سداد الديون

03 اغسطس 2021
كورونا يفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين (Getty)
+ الخط -

بعد أشهر من النقاش والجدال، انتهت لجنة حكومية من إجراء تعديلات واسعة على قانون التنفيذ القضائي في الأردن، تشمل عقوبات مخففة بحق المدين والحدّ من حبسه والتوسع في حالات منع إيقاع عقوبة الحبس في حال تعثره عن سداد الدين وسط تباين الآراء المؤيدة والمعارضة لحبس المدين.
وتضمنت التعديلات التي يتوقع إقرارها من قبل الحكومة قريباً، الحدّ من حبس المدين بشكل مباشر وغير مباشر، والتوسع في الحالات التي يمنع فيه حبس المدين، وتقليل مدة الحبس المنصوص عليها في القانون الحالي، وتخفيض مدة المبالغ اللازمة لإجراء التسويات المالية بين الدائن والمدين.
وقال المحامي محمود قطيشات، لـ"العربي الجديد": "تضمنت التوصيات التي خرجت بها اللجنة المشكلة من قبل رئيس الوزراء بشر الخصاونة، العام الماضي تخفيض مدة حبس المدين لتصبح مدة الحبس للدين الواحد في السنة 60 يوماً، بدلاً من 90 يوماً، وتحديد مدة الحبس التراكمية بـ120 يوماً مهما بلغت الديون أو الدائن، إذ إنّ المدة في القانون الحالي مفتوحة وغير محددة بمدة معينة".

ومارس نشطاء ومؤسسات مجتمع مدني ضغوطاً كبيرة على الحكومة لإلغاء حبس المدين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتماشياً مع المعاهدة الدولية التي صدق عليها الأردن في 2006 ودخلت حيز التنفيذ، وبموجبها لا يجوز سجن أيّ إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقد. ويقدر عدد المطلوبين للقضاء الأردني بسبب قضايا مالية أكثر من 300 ألف شخص، بحسب بيانات رسمية.

وطالبت نقابة المحامين الأردنيين أكثر من مرة بإعادة تفعيل النصوص القانونية التي تقضي بحبس المدين في حال تعثره عن سداد الدين للغير، ولاقت انتقادات واسعة في الشارع الذي يرى في تلك المطالبة تضييقاً على المواطنين الذين يعانون من صعوبات مالية بالغة تعمقت بسبب جائحة كورونا. وتجاوزت مديونية الأفراد في الأردن 15 مليار دولار، عدا عن مديونية القطاعات المختلفة وفق تقارير مصرفية.
وتضمنت التعديلات على القانون جواز استئناف الحكم بالحبس دون تقديم كفالة واشترطت الكفالة فقط لغايات وقف تنفيذ قرار الحبس، وكذلك تعديل الحد الأدنى لمقدار التسوية التي تحول دون حبس المدين من 25 في المائة من قيمة المبلغ المحكوم به إلى 15 في المائة من أصل المبلغ المحكوم به، وتستثنى الفوائد من احتساب قيمة التسوية.
وقال المحامي قطيشات إنّ التعديلات المقترحة ستحدث مشكلات كبيرة بين الدائن والمدين، إذ سيتعذر على صاحب الدين تحصيل حقوقه المالية المترتبة على الغير كون القانون المعدل اشتمل على بنود لصالح المدين.
وأضاف أنّ الحكومة ما زالت تمنع حبس المدين لنهاية العام الحالي، بسبب تداعيات جائحة كورونا وتعثر مواطنين وقطاعات مختلفة في سداد الديون، مشيرا إلى أنّ هناك عشرات آلاف القضايا المجمدة في القضاء بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع العام المقبل.

ونبّه إلى خطورة التعديلات وانعكاساتها على الأمن المجتمعي باحتمال حدوث خلافات واشكاليات بين الدائن والمدين خلال الفترة المقبلة.
واشترطت التعديلات المقترحة أن تبدأ المزايدة بنسبة 50 في المائة من القيمة المقدرة للمال محل المزايدة بينما في السابق كان يمكن بيع مال المدين بأقل من 50 في المائة من قيمته المقدرة. واقترحت توصية بإضافة المادة 117 مكرر، التي تقضي بسريان أحكام القانون المعدل على قرارات الحبس السابقة وقضايا التنفيذ المنظورة.

وكانت الحكومة قررت سابقاً استمرار إجراءات التقاضي دون تنفيذ الحبس بحق المدين مع تثبيت حق الدائن فيما يعرف بـ"أمر الدفاع 28" نافذاً إلى نهاية العام الجاري 2021، مع التأكيد على منع المدين من السفر لحين قضاء الدين.

وحددت الحكومة سقفاً للدين لغايات منع حبس المدين بواقع 100 ألف دينار (ما يعادل 141 ألف دولار) فيما يتم إيقاع عقوبة الحبس إذا زاد المبلغ عن ذلك، إذ تقع غالبية حالات التعثر عن السداد دون السقف المحدد.
ووفقاً لبيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، ارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة من قبل البنوك العام الماضي إلى 2.3 مليار دولار بزيادة بلغت نسبتها 4% عن عام 2019 وذلك من إجمالي قيمة الشيكات المتداولة في الأردن والبالغ قيمتها 48.4 مليار دولار.

وفقاً للبنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة، تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لكورونا

ووفقاً لتصنيف البنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة، تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لكورونا، متوقعاً أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة إلى 27%.
ويرى الخبير الاقتصادي، عوني الداوود، أنّ التعديلات المقترحة قد تكون مفيدة من ناحية المدين بتخفيض عقوبات الحبس التي تترتب عليه، لكن من زاوية أخرى، ستكون لها انعكاسات سلبية على النشاط الاقتصادي من خلال إحجام أصحاب الأموال وكبار التجار وغيرهم، ربما، عن إقراض الغير أو البيع بموجب شيكات أو كمبيالات مؤجلة الدفع، ما يؤثر سلباً على مجمل الأداء الاقتصادي.
ويقول الداوود لـ"العربي الجديد": "لا بدّ من مواءمة بين أوضاع المدين وضمان الدائن بتحصيل حقوقه، وأن تكون عملية الإقراض بناء على معطيات تبين قدرة المدين على السداد".

المساهمون