الكويت: "تمييز" في تطعيم الوافدين

الكويت: "تمييز" في تطعيم الوافدين

01 اغسطس 2021
التطعيم في الكويت يتعرّض لانتقادات (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

يعاني وافدون كُثر في الكويت، ممن يشكلون فعلياً نسبة 70 في المائة من السكان، من عدم قدرتهم على الحصول على لقاح فيروس كورونا، في ظلّ منح وزارة الصحة أولوية لتطعيم المواطنين، بحسب أطباء في الوزارة، ووافدين سجلوا في برنامج التطعيم من دون أن يحصلوا على أيّ موعد، في ظاهرة ممتدة منذ أشهر عدة. 
وتؤكد مصادر في وزارة الصحة الكويتية لـ "العربي الجديد" أنّ جرعات اللقاح خُصصت للمواطنين عموماً بالدرجة الأولى، ومن دون منح أيّ أفضلية سواء لكبار السن أو مرضى بأمراض المزمنة وأصحاب المناعة الضعيفة، وتشير إلى أنّها حددت أخيراً مواعيد لتنفيذ حملة واسعة لتطعيم الوافدين، بعدما أنجزت جداول تطعيم الكويتيين.
يقول طبيب بارز في وزارة الصحة فضّل عدم كشف اسمه، خوفاً من دعاوى قانونية تستمر وزارة الصحة في رفعها ضد أطباء يشككون في فعالية خطتها لمواجهة فيروس كورونا، والفشل في تنظيم عملية التطعيم، لـ "العربي الجديد": "نظام التطعيم في الكويت يؤازر المواطنين على حساب الوافدين، مهما كانت أعمارهم ووضعهم على صعيد الحاجة الملحّة لنيل اللقاح أو عدمه. فالمواطن يحصل على موعد بعد يومين أو ثلاثة أيام من تسجيل اسمه في الموقع المخصص، أما الوافد فيحدد موعده بعد 4 أو 6 أشهر".

يشير الطبيب إلى أنّ غالبية المطعّمين الآن كويتيون، في حين لم يتسلم معظم الوافدين مواعيد التطعيم إلّا في الأسابيع الأخيرة إثر ضغوط مورست على وزارة الصحة، وجاءت بعدما فشلت الوزارة في إقناع باقي الكويتيين بأخذ التطعيم، بسبب خوفهم من اللقاحات لأسباب مختلفة بينها حملات تحذير من أخطار اللقاح أطلقت على وسائل التواصل. يضيف: "هذه السياسة غير الواقعية تسببت في فضيحة كبيرة للكويت، إذ تتحدث اليوم الصحف العالمية ومواقع أنباء مثل أسوشييتد برس وبلومبيرغ عن حصول تمييز في عمليات تطعيم الوافدين، وهو ما لا تستطيع وزارة الصحة نفيه لأنّه أمر حقيقي، وحصل فعلياً". ورفضت وزارة الصحة الكويتية طلب "العربي الجديد" التعليق على مزاعم وجود تمييز ضد الوافدين. واكتفى مسؤول بارز فيها بالقول لـ"العربي الجديد" أنّ "الإعلام يجب أن يقدّر التضحيات التي ينفذها طاقمنا الطبي".
ويؤكد مصري يدعى منير س. يعمل في محل لبيع الهواتف في حديثه لـ"العربي الجديد" تعرض الوافدين إلى تمييز في عملية التطعيم، "فأنا سجلت اسمي في برنامج التطعيم قبل ثلاثة أشهر، من دون تحديد موعد لي حتى الآن، بينما تسجّل مالك المتجر الذي أعمل به والذي يصغرني بسنتين، وحصل على موعد بعد يومين فقط".
ويؤيّد الموظف الهندي أحمد م. ما يقوله منير س. ويتحدث لـ"العربي الجديد" بأنّه لم يتلقَّ رسالة تحديد الموعد منذ شهر، بينما وصلت الرسالة نفسها إلى زملاء عمل كويتيين فور تسجلهم.
ويشير كويتي يدعى ظاهر الشمري (37 عاماً) إلى سياسات تمييز ضد الوافدين في عملية التطعيم، ويقول لـ "العربي الجديد": "تسجل أفراد عائلتي للتطعيم، وبينهم شباب في الـ 19 من العمر، وكذلك عاملتان في منزلي وسائق، لكنّني فوجئت بأنّ موعد نيلي التطعيم مع أفراد عائلتي تحدد فوراً، بخلاف موعد العاملين في منزلي الذين لم يتبلغوا بأيّ موعد منذ شهرين على تسجلهم". يضيف: "زعم وزارة الصحة عدم وجود تمييز أمر غير صحيح، لأنّني رأيت ما يحصل واختبرته شخصياً".
وكان لافتاً أنّ وزارة الصحة سرّعت وتيرة تطعيم الوافدين بعدما تصاعدت حملة الانتقادات ضدها، وأنشأت مستشفى ميدانياً في منطقة الوفرة الزراعية أقصى جنوب البلاد لتطعيم المزارعين الوافدين الذين يعملون هناك. لكنّ عملية التطعيم شهدت كارثة تنظيمية بسبب قلة عدد موظفيها.

الصورة
مواعيد "منسيّة" لتطعيم العمال (ياسر الزيات/ فرانس برس)
مواعيد "منسيّة" لتطعيم العمال (ياسر الزيات/ فرانس برس)

وتوضح الوزارة أنّ حملتها تهدف إلى تطعيم 160 ألف وافد من خلال برامج تنفذها مستشفيات ميدانية. لكنّ خبراء صحيين فيها يبدو أنّهم ضاقوا ذرعاً بفشل المنظومة الصحية في البلاد، يزعمون أنّ هذه الأعداد مبالغ فيها وغير صحيحة، معتبرين أنّ الوزارة "ما زالت تتخبط في آليات تنفيذ عمليات تطعيم تخضع لمعايير طبية فقط". 
ويؤكد خبير صحي عمل سابقاً في إدارة الصحة الوقائية التابعة لوزارة الصحة لـ"العربي الجديد" أنّ نصيب الأسد من عمليات التطعيم كان لمواطنين، ويقول: "لا يمكن أن تنفي وزارة الصحة واقع أنّ أكثر من نصف عدد المطعمين بجرعتين (حوالي مليون) هم المواطنون الذين يشكلون نسبة 30 في المائة فقط من السكان". 
تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان، شيخة العلي، لـ"العربي الجديد": "رغم أنّنا الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، يعتبر سجلنا في التعامل مع الوافدين خلال جائحة كورونا الأسوأ على الإطلاق". تضيف: "معايير عمليات التلقيح مزجت بين العنصرية والخوف ومحاولة إرضاء تيارات تكره الوافدين داخل البلاد، ما شكّل مثالاً حقيقياً على التمييز، رغم أنّ المرض لا يفرّق بين أحد".

تجدر الإشارة إلى أنّ وسائل التواصل ضجّت بتعليقات لمواطنين كويتيين حول زملاء عملهم الوافدين الذين توفوا نتيجة فيروس كورونا، بعدما انتظروا موعد التطعيم طوال أشهر طويلة بلا فائدة.

المساهمون