ناشطو جنوبي العراق يحشدون لاحتجاجات جديدة: انتهاء مهلة الوزني

ناشطو جنوبي العراق يحشدون لاحتجاجات جديدة: انتهاء مهلة الوزني

20 يونيو 2021
اغتيل الوزني في التاسع من مايو الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تنتهي، اليوم الأحد، المهلة التي حدّدها متظاهرون وناشطون في جنوبي العراق، للسلطات الحكومية، للكشف عن نتائج التحقيق في اغتيال رئيس تنسيقيات احتجاجات كربلاء، إيهاب الوزني، في التاسع من مايو/أيار الماضي، على يد مسلحين، وسط مدينة كربلاء. وكانت عائلة الناشط المغدور ومحتجون في كربلاء، قد أمهلوا الحكومة 40 يوماً للكشف عن المتورطين وعرض نتائج التحقيق، وهو مطلب سرعان ما تبناه ناشطون آخرون في محافظات جنوبية أخرى. وفي حال لم يتحقق ذلك، سيتم التحشيد مجدداً لتظاهرات واسعة.

أمهلت عائلة الوزني ومحتجون في كربلاء، الحكومة، 40 يوماً للكشف عن المتورطين وعرض نتائج التحقيق

ولا تزال أسرة الوزني، لا سيما والدته التي تتصدر الظهور على وسائل الإعلام، تتهم القيادي في "الحشد الشعبي" قاسم مصلح، وآخرين من مساعديه، بالوقوف وراء قتل ابنها، وعرضت مكالمة هاتفية لإيهاب الوزني قبل وفاته، متحدثاً فيها لشخص آخر، عن تلقّيه تهديداً من قاسم مصلح. يُذكر أن مصلح (قائد عمليات "الحشد" على الحدود العراقية السورية، وقائد مليشيا "الطفوف") كان قد اعتقل أواخر شهر مايو الماضي، بتهم عدة، منها اغتيال ناشطين، لكن القضاء العراقي أطلق سراحه بعد ذلك بأيام قليلة، بسبب "عدم كفاية الأدلة"، وفق إعلان رسمي.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وظهرت والدة الوزني، سميرة الوزني، أخيراً، في مقطع مصور تداوله مدونون، قالت فيه إن "المهلة التي أعطتها للحكومة في سبيل الكشف عن قتلة ولدها انتهت"، كما أنها ستعتصم باستخدام خيمة أمام محكمة مدينة كربلاء. ووفقاً لناشطين في المدينة، فإن التحشيد بدأ فعلاً لعودة الاحتجاجات مجدداً في كربلاء وجنوبي العراق تحديداً، لكن لم يتم تحديد موعد ثابت لذلك لغاية الآن.

وأبلغ ناشط بارز، طلب عدم ذكر اسمه، "العربي الجديد"، بأنهم لا يتوقعون إعلاناً أو كشفاً حكومياً عن قتلة الوزني أو غيره من المتظاهرين "كون الجهة المتورطة أقوى من الدولة"، في إشارة إلى فصيل مسلح نافذ يقف وراء أغلب الاغتيالات في كربلاء تحديداً. ولفت المصدر إلى أن الدعوة إلى الاعتصام من قبل والدة الوزني، ستدفع ناشطي مدينة كربلاء إلى مساندتها، والعودة مجدداً إلى الحراك الشعبي والتصعيد، لمطالبة الحكومة العراقية بتنفيذ المطلب الأبرز للمحتجين، وهو الكشف عن قتلة المتظاهرين. وتحدّث عن "وجود تنسيق مع متظاهري النجف والناصرية والكوت في هذا الإطار، فيما لا يمانع متظاهرو بغداد من العودة مجدداً إلى ساحة التحرير"، على حدّ قوله. وأشار الناشط إلى أن "انتهاء مهلة والدة الوزني، قد تؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات في مدينة كربلاء، وتحديداً بالقرب من منطقتين: الأولى في ساحة التربية القريبة من مرقد الإمام الحسين بن علي، والثانية قرب القنصلية الإيرانية التي لا تزال محاطة بإجراءات أمنية مشدّدة منذ أسابيع".

وفي السياق، قال مصطفى نعمة، وهو أحد أبرز ناشطي كربلاء، إن "أخوة وأقرباء إيهاب الوزني، لا يزالون يسعون إلى معرفة القتلة الذين يتجولون في المدينة ويقتلون الناشطين بدمٍ بارد، وهم إلى حد الآن لم يقوموا بنصب خيمة عزاء خاصة بالوزني، إلى حين الكشف عن القتلة، كما أنهم قادوا تظاهرات 25 مايو الماضي، ولكن اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، ساهم في تهدئة التوتر لدى أسرة الوزني، على اعتباره متهماً بقتل الناشط وناشطين آخرين". وأوضح نعمة، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الإفراج عن مصلح، أدى إلى زيادة الغضب لدى الناشطين في كربلاء، ودفع والدة الوزني إلى إعطاء مهلة للسلطات الحكومية والقضائية في البلاد للكشف عن قتلة ولدها".

وأكمل أن "والدة الوزني طلبت من المتظاهرين عدم التصعيد، وأنها ستعتصم يوم الأحد وحدها أمام محكمة مدينة كربلاء، إلا أن الناشطين والمتظاهرين لن يتركوها وحدها، كما أن إخوة وأقرباء الوزني سيكونون متواجدين، وقد نشهد تواجد متظاهرين من بغداد". كما لم يستبعد نعمة أن "يكون اعتصام والدة الوزني بداية لانطلاق الاحتجاجات من جديد، لأن معظم ذوي ضحايا الاحتجاجات لم تبرد قلوبهم مع استمرار القتلة في التجول في المدن العراقية وحصد مزيدٍ من أرواح الناشطين، وهو ما يعني أن جميع الاحتمالات مفتوحة خلال الأيام المقبلة".

تنسيق بين متظاهري النجف والناصرية والكوت لعودة الاحتجاج، فيما لا يمانع متظاهرو بغداد العودة إلى ساحة التحرير

من جهته، بيَّن الناشط والمتظاهر من بغداد، سهيل هاتف، أن "الغضب لدى المحتجين في العاصمة العراقية يزداد يومياً بسبب استمرار حكومة مصطفى الكاظمي في تخدير الناشطين والمتظاهرين عبر وعود الكشف عن قتلة المحتجين التي لا تتحقق، كما أن قتلة الخبير هشام الهاشمي والإعلامي أحمد عبد الصمد وغيرهم، لا يزالون طلقاء، فيما الجهات التي تدعمهم وتحميهم معروفة، وهي الفصائل المسلحة الموالية لإيران". وأكد هاتف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "مع كل دعوة إلى الاحتجاجات تقوم القوات الأمنية بمحاصرة الأحياء السكنية القريبة من ساحة التحرير والساحة ذاتها، من أجل منع وصول المتظاهرين إلى أماكن الاحتجاج، وهو سلوك يتنافى مع حق الاحتجاج السلمي الذي يؤيده الدستور العراقي".

عضو الحزب الشيوعي العراقي، أيهم رشاد، اعتبر بدوره أن "جميع الظروف مهيأة لعودة الاحتجاجات في العراق". ولفت رشاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه خلال نحو عامين من ولايتي حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي "لم تستطع أي جهة أمنية أو عسكرية أو قضائية الكشف عن الجهات المسلحة التي تفتي بجواز قتل المحتجين والصحافيين والناشطين"، معتبراً أن ذلك "يمثل استهتاراً بأرواح العراقيين الذين باتوا يؤمنون بالاحتجاج أكثر من أي شيء آخر، كونه قادراً على هزّ مقاعد المسؤولين وتقليل هيمنة الأحزاب على الحكم في البلاد".

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي علي البديري، أن "الحكومة ملزمة بالاستماع للمتظاهرين وتنفيذ مطالبهم، وأن الشباب الذي يتظاهرون بين فترة وأخرى، ويسقط بينهم قتلى وجرحى، هم عراقيون، ولا بد من أن تكون الحكومة مستمعة جيدة لهم وتقف إلى جانبهم، وليس ممارسة المماطلات والحيل في سبيل إرجاعهم إلى منازلهم". معتبراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه الطريقة "أثبتت فشلها، وقد تتجدد التظاهرات في أي لحظة، وقد تكون أكثر سخونة من التظاهرات السابقة".

وكانت التظاهرات العراقية قد اندلعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إثر تردّي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق. وطوال العام ونصف العام الماضيين، شهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، ولا سيما بعدما دخلت جماعات مسلحة، وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.