فرحان بلبل... ثلاث مسرحيات إلى الألمانية

فرحان بلبل... ثلاث مسرحيات إلى الألمانية

11 مايو 2021
أصدر صياغة جديدة لكتاب "رسالة الغفران" للمعرّي (فيسبوك)
+ الخط -

يظن البعض أن سنوات الحرب قد طوت بين صفحاتها المأساوية أسماء كثير من المبدعين السوريين، وجعلت أعمالهم طي النسيان. غير أن الواقع يكشف لنا الحاجة الملحة لأعمال هؤلاء المبدعين، ولاستحضارها في وقت جفت فيه منابع الإنتاجات الإبداعية النوعية، ولا سيما الأدبية منها، ليكون الخطف خلفاً حاجة ثقافية وأدبية ملحة، ليس على المستوى العربي وحسب، وإنما العالمي، من دون مبالغة.

في هذا السياق، كشفت وسائل إعلام عربية، عن جهود لترجمة ثلاث مسرحيات للأديب والمسرحي السوري فرحان بلبل إلى اللغة الألمانية، في إطار التحضير لتقديمها أمام المتلقي الألماني بلغته، إذ تعد المسرحيات الثلاث من أهم النصوص المسرحية التي كتبها بلبل في مسيرته الممتدة منذ نصف قرن في المسرح السوري والعربي، وتم اختيارها لسهولة تقديمها بلغة أخرى غير لغتها الأصلية.

وأكد بلبل في لقاء إذاعي مع إذاعة "مونت كارلو الدولية"، بث السبت الماضي، أن صهره المقيم في ألمانيا، اقترح عليه ترجمة بعض المسرحيات، واختار نصوصاً تهم المتلقي الألماني.

المسرحية الأولى هي "الليلة الأخيرة"، التي كان بلبل أعاد فيها صياغة العلاقة بين شهرزاد وشهريار، بطلي "ألف ليلة وليلة"، بما يناقض الرواية الأصلية، بحيث يبرئ زوجة شهريار من تهمة الخيانة، في الليلة الأخيرة من ليالي الرواية، بحبكة مدروسة للدفاع عن المرأة في العالم.

أما المسرحية الثانية فهي "عريس وعروس"، بنصها الكوميدي الساخر، التي لن تتأثر كوميديتها عند ترجمتها لأي لغة عالمية، وهي قادرة على التأثير في المتلقي من أي ثقافة كان، وبإمكانها تحقيق تفاعله مع النص الكوميدي كذلك.

أما المسرحية الثالثة "الميراث"، والتي قدم من خلالها بلبل هجاءً حاداً للنفس البشرية والإنسان عموماً، بإخراج أقذر ما لديه، بحسبه. والمسرحيات الثلاث، هي من ضمن ثلاثة وثلاثين نصاً مسرحياً مطبوعاً للأديب والمسرحي فرحان بلبل، في حين سيعود بلبل لإنتاجه الأدبي والمسرحي من خلال أعمال تتحضر طباعتها في مصر هذه الفترة.

ويغرق بلبل في إحداث الجدل في معظم أعماله، المسرحية أو الأدبية عموماً، فعلاوة على مسرحية "الليلة الأخيرة"، على سبيل المثال، والتي قدم فيها رواية مناقضة للرواية الأصلية لليلة الأخيرة من "الف ليلة وليلة"، أحدث بلبل قبل عامين جدلاً واسعاً حين أصدر كتابه "رسالة الغفران: صياغة معاصرة لنص أبي العلاء المعري"، الذي قوبل بسخط وغضب من النقاد لتبديله في صياغة الرسالة الأصلية للمعري "رسالة الغفران" التي تعد أهم إنتاجات المعري والتراث العربي على وجه الخصوص، واتهم حينها بلبل في العبث المجحف في التراث الأدبي العربي.

لكن بلبل دافع مسبقاً عن منتجه في مقدمة الكتاب، قائلاً: "انطلاقا من أمنية في أن يقرأ كل العرب ما يستطيعون من التراث القديم، رجعتُ إلى رسالة الغفران لأبي العلاء المعري لوضعها بين أيدي القراء عبر إعادة صياغتها، أي بشكل أساسي استبدلتُ الكلمات الغريبة البائدة بألفاظ عادية يفهمها القارئ، وقمت بإعادة صياغة بعض التراكيب والجمل".

ويضيف: "استبدلت الكلمات الغريبة البائدة بألفاظ عادية يفهمها القارئ العادي، وهذا الاستبدالُ تم مع الحرص الشديد في المحافظة على نَسَقِ تركيبِ الجملة عند المعري وعلى تشبيهاته الرائعة التي تنبئ عن مخيلة واسعة، وبهذه الطريقة التي اتَّبعناها تجلَّى جمالُ أسلوبه الذي يتفرَّدُ به في عصره ويلتزم فيه بما هو متعارَفٌ عليه من أصول التأليف في عصره وبين أقرانه، فكانت إعادة الصياغة لها أشبهَ بجلاء الحِلْيَة الذهبية المُغْبَرَّةِ ليعود إليها بريقها". ويقول كذلك في حديث لاحق "بإعادة صياغة هذه الرسالة العظيمة، نقلتها من المقابر إلى الحياة".

وبنفس الطريقة، أعاد صياغة كتاب "رسائل البلغاء" لمحمد كرد علي الصادر عام 1911، والذي يحوي عدداً من الرسائل البليغة في التراث العربي، معظمها لابن المقفع، في صياغة حديثة لتلك الرسائل التي تتناول جوانب مختلفة في الاجتماع والسياسة والأخلاق وقواعد الحرب. 

وأيضاً لاقى ذلك المنتج هجوماً من نقاد عليه لتعديه على التراث، في حين لاقى منتجاه بعض الترحيب والردود الإيجابية لا سيما من مناصري الحداثة الأدبية، ورد بلبل على منتقديه بأنهم لم يطلعوا على المنتجين، وإنما هاجموا من منطلق الدفاع المسبق عن التراث، واعتبر أنهم لو اطلعوا على ما قدمه في الكتابين، لغيروا في رأيهم المسبق والجامد. كما يدافع بلبل عن نفسه أمام متهميه بتشويه التراث، بأنه ابن التراث، وهو الذي يحفظ خمسين ألف بيت من الشعر العربي، وأجزاء كبيرة من نهج البلاغة، وعشرات الصفحات من الخطب النثرية في تاريخ العرب، بالإضافة لثلثي "القرآن الكريم" وعشرة آلاف حديث نبوي.

المساهمون