اغتيال ناشط جديد في كربلاء: ترهيب للانسحاب من الانتخابات

اغتيال ناشط جديد في كربلاء: ترهيب للانسحاب من الانتخابات

10 مايو 2021
تجمّع مئات المتظاهرين وسط كربلاء وأحرقوا الإطارات (محمد صواف/فرانس برس)
+ الخط -

أعادت عملية اغتيال الناشط المدني العراقي، رئيس تنسيقيات كربلاء للتظاهرات، إيهاب الوزني، فجر أمس الأحد، مدن جنوبي العراق إلى واجهة الحدث، مع حشد قوى مدنية جنوبي العراق، فضلاً عن بغداد نفسها، لإصدار موقف واضح من استمرار عجز حكومة مصطفى الكاظمي عن وقف مسلسل الاغتيالات بحق الناشطين.

واغتال مسلحون يستقلون دراجة نارية، فجر أمس الأحد، الوزني، خلال وقوفه أمام منزله في مدينة كربلاء، وهو رئيس تنسيقيات التظاهرات في المحافظة التي شهدت مواجهات عديدة بين المتظاهرين وقوى الأمن خلال الفترة الماضية.
وظهر ابن عم الناشط المغدور في المستشفى قائلاً "مليشيات إيران اغتالت إيهاب وسيصفّوننا واحداً واحداً، لأن الحكومة ساكتة والأجهزة الأمنية ساكتة. شوفوا إيهاب.... قتلوا إيهاب. كلكم جبناء كم ستقتلون؟ واحد عشرة؟ مية؟ لن تقضوا علينا كلنا"، وظهر في مقطع آخر قرب ثلاجات حفظ الموتى في المستشفى وهو يؤكد لجمهور من الناس أنهم لن يدفنوا ابنهم إلا بعد تقديم الشرطة القتلة.

ابن عم الوزني: مليشيات إيران اغتالت إيهاب وسيصفّوننا واحداً واحداً

وأثار الاغتيال غضباً شعبياً، إذ تجمّع مئات المتظاهرين وسط مدينة كربلاء وقاموا بحرق الإطارات والهتافات ضد الحكومة. ووفقاً لناشط في تنسيقية تظاهرات كربلاء، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "اغتيال الوزني لن يمر بسهولة"، معتبراً أن "عملية الاغتيال تثبت عجز الحكومة عن توفير الحماية للشعب، وأن المليشيات المسلحة تواصل مسلسلها بتصفية الأصوات الحرة في البلاد". وشدد على "أننا لن نتراجع عن حقوقنا، وعلى الحكومة أن تتخذ خطوات عملية لمحاسبة المجرمين، ولا تكتفي بالوعود وتشكيل لجان التحقيق".

من جهته، قال الناشط المدني من محافظة كربلاء حسين هادي، وهو أحد المقربين من إيهاب الوزني، لـ"العربي الجديد"، إن الاغتيال يعني عودة مسلسل التصفيات مرة أخرى، مضيفاً "بدأت المليشيات بالتخلص من أبرز الوجوه في كربلاء". ورأى أن العملية قد تشعل الاحتجاجات مجدداً، كما أنها قد تعيد عملية هروب الناشطين من مدن الجنوب بسبب تهديدات المليشيات لهم.
وكشف عن أن الوزني "كان يعمل طيلة الفترة الماضية على تثقيف الجمهور من أجل المشاركة في الانتخابات المقبلة بشكل كثيف واختيار القوى المدنية الجديدة، التي انبثقت عن تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019، ومقاطعة الأحزاب الإسلامية"، مؤكداً أن "عدداً من القوى السياسية المدنية التي تضم متظاهري تشرين، سيعقدون اجتماعات خلال الساعات المقبلة، لتحديد مصير مشاركتهم في الانتخابات من عدمها بعد عودة مسلسل اغتيال الناشطين، خصوصاً أنه لا يمكن إقامة الانتخابات أو أي تنافس عادل في ظل الوضع الأمني المنفلت".

وقُتل أكثر من 700 متظاهر وناشط عراقي، منذ انطلاق التظاهرات الشعبية في أكتوبر 2019، خلال عمليات قمع في ساحات التظاهر، تبعتها عمليات اغتيال منظّمة، وملاحقة للناشطين إلى مناطق سكنهم، كما أصيب نحو 27 ألفا آخرين جراء القمع. وعلى الرغم من إعلانات حكومية متكررة عن تشكيل لجان تحقيق باغتيال الناشطين، إلا أن أياً منها لم يقدّم معلومات أو نتائج لتلك اللجان، لكن الناشطين المدنيين يتهمون "المليشيات الولائية"، وهي الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، بالوقوف وراء تلك الهجمات.

البياتي: عودة مسلسل الاغتيالات وسط العجز الحكومي، سيدفع الكثير من الشخصيات إلى الانسحاب من التنافس الانتخابي

وقال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق علي البياتي، لـ"العربي الجديد"، إن عدد الناشطين الذين تم اغتيالهم منذ اندلاع التظاهرات بالعشرات، فيما الحكومة وعلى الرغم من تشكيل أكثر من لجنة تحقيق ومن مختلف الأجهزة، لم تكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين. ولفت إلى أن "الوزني، حسب المعلومات، كان ينوي المشاركة في الانتخابات البرلمانية المبكرة، وهذا الأمر يثير الكثير من المخاوف والشكوك، من أن الاغتيال ربما يكون ذا طابع سياسي انتخابي". وأضاف "عودة مسلسل الاغتيالات وسط العجز الحكومي، سيدفع الكثير من الشخصيات والجهات المستقلة إلى الانسحاب من التنافس الانتخابي، وهذا الأمر وارد جداً، لكن هذه الخطوة سيكون لها تأثير كبير على سمعة الانتخابات أمام المجتمع الدولي، وكذلك ستكون دافعاً قوياً لمقاطعة الانتخابات من قبل شرائح مجتمعية كبيرة وكثيرة".

من جهته، وصف عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، عباس سروط، في حديث مع "العربي الجديد"، عودة مسلسل اغتيال الناشطين بأنه "مؤشر خطير مع قرب موعد الانتخابات"، مبيناً أنه "ستكون له تبعات كثيرة على موعد إجراء الانتخابات، وحتى نسبة مشاركة العراقيين في التصويت، فالعملية الانتخابية لا يمكن إجراؤها إلا في ظل وضع أمني مستقر".
ورأى سروط أنه "غير مستبعد تورط جهات سياسية في عمليات الاغتيال، لدفع بعض المرشحين إلى الانسحاب من التنافس الانتخابي، خصوصاً أن هناك مرشحين تعرّضوا إلى التهديد حتى يسحبوا ترشيحاتهم، ليبقى مرشحو بعض الجهات في الدوائر الانتخابية بلا منافس قوي". وشدد على أن "الحكومة العراقية مطالبة بالالتزام بإجراء الانتخابات المبكرة في وضع أمني مستقر، وهذا الأمر يتطلب جهداً أمنياً واستخباراتياً، ووضع خطط لمنع أي خروقات أمنية، وبخلاف ذلك سيكون إجراء الانتخابات صعباً وربما مرفوضاً من قبل أطراف سياسية وشعبية".

أما النائب في البرلمان العراقي باسم خشان، فقال، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية تعرف جيداً من يقف خلف عمليات اغتيال الناشطين واختطافهم، لكنها تخشى على نفسها من كشف هذه الجماعات أو محاسبتها، ولهذا نجد عودة مسلسل الاغتيالات". وأوضح أن "عودة مسلسل الاغتيالات، لها عدة أهداف وأسباب، منها أن هناك أطرافاً داخلية وخارجية لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة، وتريد بقاء الوضع في العراق على ما هو عليه حتى يبقى نفوذها، ولهذا تسعى لزعزعة الأمن، حتى لا يتوفر ظرف أمني يسمح بإجراء الانتخابات". وأضاف "من ضمن تلك الأهداف والأسباب أيضاً، أن هناك جهات متنفذة لا تريد حصول الشخصيات والجهات المستقلة على مقاعد برلمانية أو دور فاعل في العملية السياسية، ولهذا تقوم بهكذا أعمال من أجل الترهيب ودفع هذه الجهات والشخصيات إلى الانسحاب من التنافس الانتخابي وكذلك مقاطعة الانتخابات".
وتوقّع النائب العراقي أن "عودة مسلسل الاغتيالات سوف يدفع الكثير من الجهات والشخصيات المستقلة، خصوصاً التي تمثل متظاهري تشرين، إلى الانسحاب من التنافس الانتخابي وربما مقاطعة العملية الانتخابية، كما أن هذا الأمر سوف يدفع إلى عودة التظاهرات بقوة في المحافظات العراقية، فالسكوت عن هذا الأمر يعني استمرار عمليات التصفية بحق الناشطين".