برامج المقالب في العراق... ترهيبٌ حتى الضحك

برامج المقالب في العراق... ترهيبٌ حتى الضحك

24 ابريل 2021
يطالب عراقيون بإيقاف بث برنامج "طنب رسلان" (تويتر)
+ الخط -

تزداد الانتقادات في العراق حول بعض برامج المقالب المتلفزة التي تُعرض في الموسم الرمضاني الحالي، لا سيما المتضمنة ظهورا متكررا للسلاح والرصاص الحي واستخدام ممثلين لأداء مشاهد قتل وترهيب فنانين ورياضيين ومشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي تتم استضافتهم، وإيهامهم بأنهم وقعوا رهينة تنظيم "داعش"، قبل إنقاذهم من قبل القوات العراقية.

ويقصد منتجو هذه البرامج الترفيه عن العراقيين في شهر رمضان الذي يشهد هذا العام أكثر من أزمة، منها المحنة الاقتصادية وغلاء الأسعار وتراجع قيمة الدينار، إضافة إلى تفشي فيروس كورونا الجديد الذي دفع الحكومة العراقية إلى إعلان حظر التجوال الكلي يومي الجمعة والسبت، والجزئي في بقية الأيام ابتداءً من الساعة الثامنة مساءً وحتى الفجر.

إلا أن صحافيين ومراقبين يجدون أن هذه البرامج تُعزز التهريب وتزعزع الأمن المجتمعي، إضافة إلى أنها تُعيد إلى الأذهان ذكريات احتلال تنظيم "داعش" لمدن عراقية، وما نتج عن ذلك من أحداث تمثلت بالتفجيرات وعمليات الخطف والقتل. ويُعرض على المحطات العراقية نحو خمسة برامج مقالب بالمشاهير، غالبيتها تتضمن استعراضاً مسلحاً والتعرض لطلقات نارية وإصابة بعض العاملين، في أداء درامي مدروس، من بين هذه البرامج "سرك ببير" و"طلقة توني" و"طنب رسلان".

والأخير هو الأخطر من ناحية الحبكة وطريقة التعامل مع الضيوف،إذ يدعى أحد المشاهير بحجة عمل خيري لزيارة عائلة عادت إلى دارها في إحدى المدن المحررة بعد القضاء على تنظيم "داعش"، وتبدأ الحلقة بوصول الضيف المشهور إلى منزل العائلة الضحية، ثم يظهر فجأة في المشهد عناصر من التنظيم، يقتحمون المنزل ويُهددون الضيف ويعصبون عينيه، فيعتقد أنه حقاً على وشك الموت على أيدي عناصر التنظيم. وتنتهي الحلقة بمشهد عناصر من الأمن العراقي، وقوات "الحشد الشعبي" الذي يموّل البرنامج عبر التعاقد مع محطة "آسيا" التي يمتلكها قياديون في "الحشد الشعبي" وسياسيون أبرزهم، آراس حبيب الذي تضعه الولايات المتحدة على قائمة عقوباتها الاقتصادية، لتورطه في تمويل جماعات مسلحة موالية لإيران في سورية. وقد طالب متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإيقاف عرضه، عبر وسم "#إيقاف_برنامج_طنب_رسلان".

وفي السياق، قال مصدر من "هيئة الإعلام والاتصالات العراقية"، إن "هناك بعض الإجراءات القانونية لمحاسبة بعض القائمين على البرامج التي باتت تتبنى فكرة الترهيب أكثر من فكرة المقالب الترهيبية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "بعض برامج المقالب التي عرضت على المحطات العراقية هي من إنتاج مديرية إعلام الحشد الشعبي، وهي مديرية فتية، غير مطلعة على لائحة قواعد البث الإعلامي التي تمنع المظاهر المسلحة إلا في الأعمال الدرامية، وبما يقتضي سياق هذه الأعمال وليس في سبيل نشر الفكر المسلح أو إظهار الجماعات المسلحة على أنها جماعات بطولية".

أما الفنان والممثل العراقي أسعد مشاي، فقد أشار إلى أن "بعض برامج المقالب تستخف بالممثل أو الفنان العراقي أو أي شخصية مشهورة، من أجل الحصول على المشاهدات والأرباح على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضها يفتقر إلى أي جهود فنية إبداعية وهي تعتمد على الترهيب وتخويف الضيوف، وقد تصاعدت حدة التخويف الذي يمارسه بعض مقدمي برامج المقالب إلى أن يعصب عيني الضيف ويجرّه بطريقة غير لائقة على الأرض، وهذا أمر غير محبب ومرفوض"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "من واجب الجهات المسؤولة عن رصد حالات الانتهاكات الصحافية والإعلامية ومخالفة شروط البث التلفزيوني أن تقوم بمحاسبة المخالفين".

بدوره، رأى الصحافي العراقي عمار غفار، وكان قد عمل مراسلاً ومقدماً للبرامج التلفزيونية أن "هناك استنساخاً للأفكار من قبل مقدمي برامج المقالب في الموسم الرمضاني الحالي، من حيث التركيز على استخدام الأسلحة بوجه الفنانين والناشطين، على حساب العوائل الفقيرة التي غالباً ما تكون السبب الذي يدفع المشاهير إلى الموافقة على تصوير الحلقة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "بعض مقدمي هذه البرامج يتفقون مسبقاً مع الضيوف على فكرة المقلب، وذلك مراعاة للوضع الصحي لبعض الضيوف الذين لا يحتملون أحياناً قساوة المقلب، وهذا الاحتيال غالباً ما يلاحظه المتابعون لهذه البرامج".

وأكمل غفار أن "معظم الأفكار لا تنسجم مع روحانية شهر رمضان الكريم، وبالرغم من إخفاء السباب والشتائم التي يندفع الضيوف إلى التلفظ بها، لكن المشاهد يستطيع معرفتها من خلال قراءة شفاه الضيف، وهذه إساءة للمتابعين ولدور التلفاز التوعوي"، مؤكداً أن "غالبية مقدمي هذه البرامج يهدفون إلى الشهرة، وليس إلى أي هدف آخر، كما يدعون، وإلا فما الفائدة من ترهيب فنان وادعاء أن تنظيم داعش قد هاجم منزلاً لعراقيين فقراء، وهذا الانحطاط بات غير مقبول وعلى نقابة الصحافيين التدخل ومنع استمرار عرض مثل هذه الأفكار".

المساهمون