إليك التداعيات المتوقعة لعودة النفط الإيراني على طفرة الأسعار

إليك التداعيات المتوقعة لعودة النفط الإيراني على طفرة الأسعار

20 ابريل 2021
ناقلة نفط إيرانية في مضيق هرمز
+ الخط -

يعود المواطن الأميركي والأوروبي والآسيوي للأسواق الاستهلاكية في صيف العام الجاري بعد فترة من الإغلاق وتقييد الحركة، وهو نهم لتعويض ما فاته من رحلات تسوق وترفيه ومشتريات. وتدعم هذه الشراهة الاستهلاكية، وفورات مالية تقدّرها وكالة موديز للخدمات المالية بنحو 5.4 تريليونات دولار، ادخرها المستهلكون خلال عام كورونا.

وبالتالي، فإن العالم الغربي مقبل على فورة استهلاكية ضخمة ، خاصة داخل الاقتصادات الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين ودول النمور الآسيوية.

ويرى خبراء أن هذه الفورة ستشعل الطلب على المشتقات النفطية مثل الجازولين والديزل التي ارتفعت أسعارها وتضاعفت في بعض الولايات الأميركية إلى أكثر من 4 دولارات للجالون.

من هذا المنطلق، يركز خبراء الطاقة أنظارهم على المفاوضات الجارية في فيينا عبر الوسيط الأوروبي، لإحياء الاتفاق النووي ومدى احتمال نجاحها، وعودة النفط الإيراني إلى الأسواق بشكل شرعي، بعد فترة من الحصار المشدد والتصدير عبر التهريب.
ورغم القلق الذي يبديه البعض من عودة النفط الإيراني للسوق، لكن بيانات العرض والطلب النفطي، لا تدعم هذا القلق. وربما لن تكون عودة النفط الإيراني ذات أثر كبير على دورة الانتعاش الذي تشهده الأسعار والطلب العالمي على الخامات النفطية.
ووفق محللين، فإنه يمكن النظر إلى ثلاثة عوامل رئيسية تدعم توقعات حدوث تأثير ضئيل على الأسعار وتستبعد عدم حدوث هزة سعرية كبيرة في أسعار الخامات، في حال حدوث اتفاق في المحادثات النووية بين واشنطن وطهران.
في هذا الشأن، يقول تحليل لشركة "وود ماكينزي" الأميركية، إن العامل الأول يكمن في أن تصدير النفط الإيراني لم يتوقف عن الأسواق الآسيوية طوال فترة الحظر الأميركي وتشديده خلال عام 2018. حيث ظلت إيران تبيع نفطها بأسعار رخيصة للشركات الصينية وبعض دول آسيا، وتستفيد من الثغرات المتاحة في تقنيات الرقابة.
وحسب تحليل "وود ماكينزي"، فإن شحنات النفط الإيراني للأسواق لم تتوقف حتى في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وإنما فقط تراجعت بنحو مليون برميل يومياً.
أما العامل الثاني الذي يدعم عدم حدوث تأثير كبير على أسعار النفط من عودة الصادرات الإيرانية، فهو التحسن السريع الذي طرأ على الطلب العالمي.

مصرف "غولدمان ساكس" يتوقع حدوث طلب قوي على المشتقات البترولية خلال الصيف المقبل

في هذا الصدد، يتوقع مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي حدوث طلب قوي على المشتقات البترولية خلال الصيف المقبل.
ويقدّر المصرف الاستثماري ارتفاع الطلب بمليوني برميل في الربع الثالث من العام. وهذه الكمية قادرة على امتصاص أية زيادة في الصادرات الإيرانية، والتي لا يتوقع لها أن تصل إلى أكثر من مليون برميل إضافية في أحسن الأحوال.
يذكر أن الطلب العالمي على النفط تراجع في العام الماضي 2020 بسبب تداعيات جائحة كورونا التي ضربت الاقتصادات العالمية، إلى 92.2 مليون برميل يومياً في المتوسط.

وحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن الطلب النفطي سوف يكسب نحو 5.5 ملايين برميل يومياً خلال العام الجاري و3.7 ملايين برميل يومياً في العام المقبل 2022.

من جانبه، يرى تحليل "وود ماكينزي" أن الطلب النفطي كسب 17 مليون برميل يومياً منذ مستوياته الدنيا في شهر إبريل/نيسان الماضي، كما يواصل الطلب العالمي على المشتقات البترولية الارتفاع في كل من الولايات المتحدة والصين ودول الاتحاد الأوروبي، وهي الكتل الاقتصادية الكبرى المستهلكة للنفط.
وتقدّر ماكينزي نمو الطلب بنحو 5 ملايين برميل يومياً إضافية، بين الربع الثالث المقبل والربع الثاني من عام 2022.
وتشير بيانات النمو الاقتصادي الأخيرة، إلى أن الاقتصادات الكبرى تستعيد طاقاتها الإنتاجية بسرعة فائقة، إذ أن الاقتصاد الصيني نما بنحو 18.3% في الربع الأول من العام، كما أن التقديرات المتواضعة تضع لنمو الاقتصاد الأميركي نسبة 6.5%، ولكن هنالك تقديرات تضع له أن ينمو بأكثر من 8% خلال العام الجاري.

وتستهلك الولايات المتحدة نحو 20 مليون برميل يوميا، بينما باتت الصين أكبر مستورد للخامات النفطية. وبلغت واردات الصين من النفط 12.35 مليون برميل يومياً، في شهر فبراير/شباط الماضي.
أما العامل الثالث، فهو تباطؤ دورة انتعاش الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة، أي أن شركات النفط الصخري لن تكون قادرة على استعادة الطاقات الإنتاجية التي فقدتها بالسرعة التي كانت تحدث في السابق.

وذلك ببساطة يحدث بسبب استراتيجية الطاقة النظيفة التي أقرها الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، والتي حظرت التنقيب في المحميات البيئية، ودعمت الجمعيات المدنية التي تعارض التنقيب عن النفط في العديد من الولايات الأميركية. ويلاحظ خبراء أن المصارف والمؤسسات المالية في أميركا باتت تتخوف من الاستثمار في النفط الصخري بعد الخسائر التي تعرضت لها خلال العامين الماضيين بسبب الإفلاسات.

الاقتصادات الكبرى تستعيد طاقاتها الإنتاجية بسرعة فائقة، إذ أن الاقتصاد الصيني نما بنحو 18.3% في الربع الأول من العام

ويلاحظ مراقبون، أنه حتى بعد بدء المفاوضات بين واشنطن وطهران، فإن بيوت الخبرة في الطاقة والمصارف الاستثمارية لم تغير كثيراً من توقعاتها المتفائلة للأسعار، إذ إن مصرف "مورغان ستانلي" يتوقع أن تتراوح الأسعار بين 65 و70 دولاراً للبرميل خلال شهور الصيف، وذلك في مذكرة لعملائه في الأسبوع الماضي.
من جانبه، يرى مصرف "غولدمان ساكس"، في توقعات سابقة، أن أسعار النفط ربما تصل إلى 80 دولاراً في الربع الثالث من العام الجاري.
وحتى الآن، يستبعد العديد من الخبراء في الشأن الأميركي، أن المحادثات الأميركية الإيرانية ربما لن تتوصل إلى اتفاق خلال العام الجاري، رغم رغبة الطرفين في تسوية الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من رغبة الطرفين الأميركي والإيراني في التوصل إلى اتفاق، فإن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي بدأت بشروط صعبة، إذ طالبت إيران برفع العقوبات أولاً قبل المفاوضات. من جانبها، طالبت واشنطن بمحادثات غير مشروطة.
وحسب الخبيرة النفطية واستراتيجية الطاقة بشركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" البريطانية، هيلما كروفت، "فإن إيران ستدخل انتخابات خلال أسابيع، وفي حال عدم حدوث تقدم، فإن كل شيء سيجمد إلى ما بعد الانتخابات".
من جانبه، قال خبير العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز الأميركية، ألبرت وولف، في تعليقات نقلتها قناة "سي ان بي سي"، "لا أعتقد أننا نتوقع الكثير من هذه المحادثات".
وفي ذات الاتجاه، يستبعد مصرف "غولدمان ساكس" عودة النفط الإيراني للأسواق خلال العام الجاري.

وقال خبير النفط في مصرف غولدمان ساكس، ديميان كوروفيلين، في مذكرة قبل أسبوعين، "رؤيتنا تشير إلى أن انتعاش صادرات النفط الإيرانية ربما لن تصل إلى مستوياتها قبل الحظر إلا في صيف 2022".

على الصعيد الاستراتيجي، وقّعت طهران اتفاقية تاريخية للاستثمار مع الحكومة الصينية، وبالتالي فإن هذه الاتفاقية ستدعم الموقف الإيراني وستثير المخاوف لدى واشنطن من تقديم إيران على طبق من ذهب للصين.
على صعيد نقاط الضعف، فإن الاقتصاد الإيراني يعاني من ضربات كورونا، وتجميد أموالها في الخارج، وخسارة الاستثمارات، والتقنيات الغربية المتقدمة لتطوير صناعة النفط الإيرانية.

وحسب صحيفة فاينانشيال تايمز، فإن العقوبات التي فرضت على إيران كلفت الاقتصاد 200 مليار دولار على الأقل. وهذه العوامل ربما تجعل إيران مضطرة إلى قبول الشروط الأميركية.
من جانبها، تقدر "وود ماكينزي" في تحليلها الصادر يوم الجمعة الماضي على موقعها، أن إيران خسرت نحو 50 مليار دولار خلال 29 شهراً من الحظر النفطي، أو ما يساوي 6% من إجمالي الناتج المحلي الإيراني، وبالتالي فإن الضغوط الاقتصادية ربما تدفع إيران إلى تقديم تنازلات للجانب الأميركي.
ويذكر أن العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم يونيو/حزيران تراجعت بنسبة 0.23 بالمائة أو 15 سنتاً إلى 66.60 دولارا للبرميل.

كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم يونيو/حزيران، بنسبة 0.22 بالمائة أو 14 سنتاً إلى 63.08 دولارا للبرميل.

المساهمون