حفل "ذكرى استقلال سورية" في قاعدة حميميم الروسية

حفل "ذكرى استقلال سورية" في قاعدة حميميم الروسية: نشاط ترفيهي للمحتلين الجدد

17 ابريل 2021
عائلة الأسد كرست هيمنة مطلقة للأجهزة الأمنية على مؤسسات الدولة (فرانس برس)
+ الخط -

أحيا النظام السوري، أمس الجمعة، ذكرى جلاء المحتل الفرنسي عن أرض سورية في قاعدة عسكرية لمحتل آخر، في مفارقة تثير حزن غالبية السوريين، وهم يشاهدون بلادهم تخضع اليوم لجيوش خمسة محتلين، فضلاً عن مئات المليشيات المسلحة، ما جعل "عيد الاستقلال" بلا معنى، بعد أن فقدت البلاد خلال السنوات الماضية، كل أشكال الاستقلال.

والواقع أن سورية لم تعش فترات استقرار حقيقي في ظل حكم مدني إلا لفترات وجيزة، إذ كانت عرضة للانقلابات العسكرية في السنوات التالية مباشرة للاستقلال عام 1946، لتعيش فترة ذهبية قصيرة بين عامي 1954 و1958 شهدت خلالها حكماً مدنياً ديمقراطياً إلى حد كبير، قبل إعلان الوحدة مع مصر عام 1958، التي شكلت بنظر البعض نكسة للحكم الديمقراطي في سورية، الذي تلاشى تحت ظلال حكم جمال عبد الناصر.

وجاء الانقضاض على الوحدة من جانب الانفصاليين في سورية، مستغلين تجاوزات الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوحدة، لتدخل البلاد في مهب حقبة جديدة من الانقلابات والمؤامرات الداخلية أسست لحكم حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عام 1970 عبر انقلاب عسكري سماه الحركة التصحيحية.

ومنذ ذلك التاريخ، تعيش البلاد تحت حكم عائلة الأسد الأب، ومن ثم الابن، التي كرست هيمنة مطلقة للأجهزة الأمنية على مؤسسات الدولة وحياة المواطنين، بعد أن اصطبغت ومعها الجيش بصبغة طائفية، تتركز وظيفتهما في حماية النظام، ودوام حكمه، وقمع كل معارض له.

وتمرّ اليوم الذكرى الـ 75 عاماً على رحيل فرنسا عن سورية، وقد رحل نحو 7 ملايين سوري عن بلادهم، توجه بعضهم إلى فرنسا نفسها، بينما أدخل "النظام الوطني" سورية في متاهة حرب لا تلوح لها نهاية، قتلت حتى الآن نحو مليون سوري، وثلاثة أضعافهم من المصابين، بعضهم بعاهات مستديمة، فيما تدمر أكثر من 3 ملايين مسكن وهُجِّر 12 مليوناً، أي أكثر من نصف السكان، داخل البلاد وخارجها.

وفي ضوء هذه الصورة القاتمة لما آلت إليه البلاد بعد 75 عاماً على جلاء آخر جندي فرنسي، لا يجد معظم السوريين، بمن فيهم الموالون للنظام، أي معنى للاحتفال بعيد الاستقلال، وهم يرون بلادهم ترزح تحت حكم عدد كبير من الجيوش والمليشيات المحلية والأجنبية، بينما ينهشهم الجوع والعوز، في ظل فقدان معظم مقومات الحياة.

ولعل الاحتفال الذي أقيم في قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، يكشف هذه المفارقة، حيث بات النظام "الوطني" مجرد ضيف على السيد الروسي الذي دعا ممثلي النظام إلى حضور الاحتفال بذكرى الاستقلال السوري كنشاط ترفيهي لجنود القاعدة الروس، إذ كانت الفقرة الأهم، فقرات الغناء والرقص لفنانين وفنانات روس.

وبدا الاضطراب على محيا وزير دفاع النظام، العماد علي عبد الله أيوب، وهو يوزع الهدايا على الجنود الروس، وهي هدايا مقدمة من القاعدة الروسية نفسها التي أرادت تكريم جنودها والترفيه عنهم، فأحضرت بعض مسؤولي النظام وكبار ضباط الجيش ومحافظي اللاذقية وطرطوس، ومسؤولي حزب البعث ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، للمشاركة في هذا المسرح العبثي، لدرجة دفعت حتى الموالين للنظام إلى القول إن ما جرى استهزاء من الروس بسورية وأهلها.

ودرجت القوات الروسية في قاعدة حميميم على إقامة احتفالات في الأعياد الوطنية الرسمية الروسية، آخرها كان الاحتفال بذكرى تأسيس الملاحة الجوية الروسية في 24 مارس/ آذار الماضي،كذلك دشّنت عدة نصب تذكارية في القاعدة لجنود روس قُتلوا خلال عمليات عسكرية في سورية، وأيضاً لشخصيات روسية تاريخية.