معابر الحدود السورية العراقية: بوابات مفتوحة للتهريب

معابر الحدود السورية العراقية: بوابات مفتوحة للتهريب

01 مارس 2021
القوات الأميركية تجتاز معبر سيمالكا (فرانس برس)
+ الخط -

لا يملك النظام السوري أي سلطة فعلية على الحدود السورية ـ العراقية، الممتدة بطول 600 كيلومتر تقريباً، في ظلّ وقوعها تحت سيطرة عدة أطراف دشّنت معابر غير نظامية، تُستخدم من قبل مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني لإدخال عناصر وأسلحة، في مقابل استخدام المعابر الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة لتهريب السلع والبشر. ودفعت الغارة الأميركية الأخيرة على مواقع تابعة لفصائل "الحشد الشعبي" العراقي في البوكمال داخل الأراضي السورية منذ أيام، والحدود السورية العراقية وما يجري عبرها، إلى واجهة الحدث. وأظهرت الغارات أن نظام بشار الأسد فقد السيطرة بشكل كامل على الحدود الطويلة التي تبدأ من المثلث الحدودي بين سورية والأردن والعراق جنوباً، وتنتهي عند المثلث الحدودي بين سورية والعراق وتركيا.

فقد النظام السوري السيطرة الكاملة على الحدود بين العراق وسورية

وتتعدّد الفصائل المسيطرة على الحدود، فـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) تسيطر على كامل الشريط الحدودي مع العراق ضمن منطقة شرقي نهر الفرات، والممتد من عين ديوار شمالاً إلى نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي جنوباً. في المقابل، تسيطر فصائل تابعة للحرس الثوري، ومنها "الحشد الشعبي" العراقي على الشريط الحدودي جنوبي نهر الفرات، والذي يتبع إدارياً لمحافظة دير الزور. أما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وفصائل سورية معارضة يدعمها، فيسيطر على جانب من الحدود من منطقة التنف في ريف حمص الشرقي وصولاً إلى الحدود الأردنية.

ولا يغيب تنظيم "داعش" عن المشهد، مع تأكيد مصادر مطلعة أن التنظيم لا يزال يفرض سيطرته، خصوصاً في الليل، على جانب من الحدود السورية العراقية، في المنطقة الواقعة بين سيطرة المليشيات الموالية لإيران وبين قاعدة التنف التابعة للتحالف خارج نطاق منطقة "الـ55 كيلو". وهي المساحة التي وضعها التحالف كمنطقة حماية للقاعدة يُمنع دخول أي قوات غير حليفة إليها.

وقبيل الثورة السورية التي انطلقت في ربيع عام 2011، كانت تربط سورية والعراق 3 معابر رئيسية، هي معبر التنف في ريف حمص الشرقي، والذي يقابله من الجانب العراقي معبر الوليد، ومعبر البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، ويقابله من الطرف العراقي معبر القائم، ومعبر اليعربية في ريف الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية، ويقابله من الجانب العراقي معبر ربيعة المفضي إلى شمال العراق وإقليم كردستان. وتوقف العمل تماماً عبر معبر التنف، الذي تبادلت أطراف الصراع السيطرة عليه حتى استقرت في مبانيه قوات التحالف الدولي في عام 2014 وأقامت قاعدة عسكرية كبرى في إطار الحرب ضد تنظيم "داعش" في سورية والعراق.

وتوقف العمل لمدة خمس سنوات في معبر البوكمال منذ عام 2012 عندما سيطرت عليه فصائل تابعة للجيش السوري الحر قبل سقوطها أمام تنظيم "داعش" في عام 2014. وعاود النظام افتتاح معبر البوكمال أمام حركة عبور البضائع والأشخاص في سبتمبر/ أيلول 2019 عقب انتزاع السيطرة على المنطقة من "داعش"، الذي كان قد أزال الحدود الجغرافية بين سورية والعراق تماماً طيلة سنوات وجوده في البلدين.

وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن سيطرة النظام على المعبر "شكلية"، مضيفة أن "السيطرة الفعلية هي لمليشيات الحرس الثوري الإيراني". وأشارت المصادر إلى أن المليشيات الإيرانية لم تلتزم في الربع الأول من العام الماضي بقرار حكومة النظام بإغلاق المعابر للحد من انتشار فيروس كورونا، موضحة أن حافلات تنقل زائرين إيرانيين إلى مراقد دينية في سورية، ظلت تدخل من العراق إلى سورية على الرغم من قرار حكومة النظام. وتحدثت المصادر عن تحكّم المليشيات الإيرانية "بالحدود السورية العراقية ضمن الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور جنوبي نهر الفرات"، مضيفة: "يضع الحرس الثوري كل ثقله العسكري لحماية هذه المنطقة، كونها محطة رئيسية على طريق بري يربط إيران بالبحر المتوسط عبر العراق وسورية ولبنان". وبات من المعروف أن الحرس الثوري زرع في الشرق السوري عشرات المليشيات، والتي على الرغم من تعرضها للقصف الجوي من قبل طيران التحالف الدولي، لا تزال تحافظ على مواقعها هناك.

تسيطر المليشيات المحسوبة على النفوذ الإيراني على جزء من الحدود

ولا يعتمد الجانب الإيراني على معبر البوكمال فقط، وفق مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، كاشفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن المليشيات الإيرانية "تتخذ المنافذ الحدودية النظامية وغير النظامية لتهريب الأسلحة والأفراد والمخدرات". وأشار علاوي المتحدر من الشرق السوري إلى امتلاك تنظيم "داعش" معابر تهريب من سورية إلى العراق، ومنها بين البادية السورية وبادية محافظة الأنبار في غرب العراق.

وفي السياق، لا يزال معبر اليعربية الواقع في ريف الحسكة في الشمال الشرقي من سورية مغلقاً من الناحية الرسمية منذ سنوات، غير أن مصادر محلية تشير إلى أن التحالف الدولي يستخدم هذا المعبر لإدخال القوافل العسكرية من العراق إلى قواعده في منطقة شرقي نهر الفرات، وتشير إلى سيطرة مجموعات عشائرية على جانب من الشريط الحدودي بين سورية والعراق ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة، مشيرة كذلك إلى "امتلاك العشائر منافذ حدودية لتهريب النفط والأفراد والسلاح والسجائر والمواد الغذائية والمخدرات، من كلا الجهتين العراقية والسورية".

من جهتها، تعتمد "الإدارة الذاتية" في الشمال الشرقي من سورية على معبر سيمالكا غير النظامي بين سورية والعراق. ويقع المعبر بالقرب من بلدة عين ديوار في المثلث الحدودي السوري العراقي التركي، وافتتح عام 2012 في بدايات انكفاء النظام السوري عن أغلب المناطق السورية نتيجة الضغط العسكري والشعبي عليه. والمعبر هو عبارة عن جسر حديدي يمر فوق نهر دجلة الذي يمر داخل الأراضي السورية لعدة كيلومترات. ويُستخدم لعبور الأشخاص من سورية إلى إقليم كردستان وبالعكس، إضافة إلى عبور البضائع والمواد. وتكشف مصادر في المعبر لـ"العربي الجديد" أنه "منظم لجهتي الضرائب وبيانات الأفراد"، مشيرة إلى أنه تحت السيطرة الكردية سواء في سورية أو العراق. وتلفت إلى أن الوفود الرسمية التي تأتي إلى الشمال الشرقي من سورية عبر إقليم كردستان العراق تستخدم هذا المعبر في التنقل بين البلدين.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المساهمون