مصر: تعليمات للإعلام بإبراز انتقادات النواب للوزراء

مصر: تعليمات للإعلام بإبراز انتقادات النواب للوزراء

27 يناير 2021
استدعاء رئيس الحكومة والوزراء للبرلمان بحجة مناقشة تنفيذ البرامج (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

ذكرت مصادر إعلامية مطلعة في مصر أن رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة ومقدمي البرامج الحوارية في القنوات الفضائية المصرية، تلقوا تعليمات من العقيد أحمد شعبان، مدير مكتب رئيس جهاز الاستخبارات العامة، ومسؤول الإعلام في دائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة تسليط الضوء على أعمال مجلس النواب، وجلساته المنعقدة حالياً للاستماع إلى بيانات الوزراء بشأن برنامج الحكومة. وأضافت المصادر نفسها أن تعليمات شعبان لوسائل الإعلام الموالية للنظام طالبت بالتركيز على انتقادات نواب البرلمان لأداء الوزراء في ملفاتهم، وتصديرها إلى الرأي العام، في محاولة لاحتواء غضب المواطنين من أداء الحكومة، لا سيما في ملفات مثل المحليات والتموين والتعليم والزراعة والري. ولفتت المصادر إلى أن جميع الصحف القومية المملوكة للدولة تفرد يومياً بين صفحة وصفحتين لإبراز هذه الانتقادات، وردّ الوزراء عليها.

طالبت التعليمات بالتركيز على انتقادات نواب البرلمان لأداء الوزراء في ملفاتهم

واستمع مجلس النواب المصري في جلساته الأسبوع الماضي إلى بيانات رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووزراء التنمية المحلية محمود شعراوي، والتموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي، والتعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار، والدولة للإعلام أسامة هيكل، والتربية والتعليم طارق شوقي، والتعاون الدولي رانيا المشاط، والشباب والرياضة أشرف صبحي، وقطاع الأعمال هشام توفيق. كذلك استمع المجلس إلى بيانات وزراء الري والموارد المائية محمد عبد العاطي، والزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، والقوى العاملة محمد سعفان، والدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم، والخارجية سامح شكري، والطيران المدني محمد منار، والثقافة إيناس عبد الدايم، والبيئة ياسمين فؤاد، خلال الجلسات الأخيرة.

وتابعت المصادر أن هذه التعليمات تزامنت مع إلغاء تصاريح أكثر من 80 محرراً برلمانياً من تغطية فعاليات مجلس النواب، بما يمثل أكثر من 70 في المائة من عدد الصحافيين المعتمدين لدى البرلمان، بغرض منع نشر أي أخبار سلبية عن أداء المجلس، وتعميم المواد المنشورة في الصحف والمواقع الإلكترونية عن كلمات النواب والوزراء في الجلسات العامة. وجاء ذلك خصوصاً مع عدم البث المباشر للجلسات على الهواء، والذي اقتصر على الجلسة الافتتاحية للبرلمان.
ويأتي هذا الإجراء ضمن خطوات التضييق على عمل المحررين البرلمانيين، والتي شملت غلق المركز الإعلامي الخاص بهم داخل مجلس النواب، وعدم توفير مكان بديل لهم لممارسة عملهم، بهدف إرغامهم على عدم الحضور، ومن ثم الاكتفاء بنشر البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن رئيس المجلس، أو أمانته العامة. وتمّ قصر الحضور الإعلامي على مجموعة من الصحافيين "المرضي عنهم أمنياً"، وفقاً للمصادر.
وسبق أن استنكرت "لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة" حرمان أصحاب الخبرات الصحافية التي تزيد على 25 عاماً من حقهم في متابعة أعمال مجلس النواب، وتعامل الأمانة العامة في المجلس معهم بطريقة لا تتناسب مع خبراتهم. وأوضحت اللجنة أن هذا الأمر يشكل "سابقة أولى من نوعها في تاريخ العمل النيابي، الذي يمتد في مصر لأكثر من 155 عاماً، في محاولة لترويض الصحافة، وإقصائها من المشهد السياسي، والعودة بها إلى عهود فرض الوصاية في الماضي".

تريد السلطة تغيير الصورة لدى المواطنين عن خنوع البرلمان السابق أمام الحكومة

وأكدت المصادر نفسها أن هناك اهتماماً غير مسبوق من البرامج الحوارية في مصر بكلمات النواب في مواجهة الوزراء، والانتقادات الحادة التي وجهوها لبعضهم، لا سيما وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، على خلفية قرار تصفية بعض شركات القطاع بدعوى خسائرها المتراكمة، ومنها شركة الحديد والصلب في حلوان. وتهدف التغطية غير المسبوقة للترويج بشأن جدية المجلس في ممارسة دوره الرقابي، وتغيير الصورة الذهنية لدى المواطنين عن خنوع البرلمان السابق أمام الحكومة، وعدم مناقشته أي استجواب ضدها طيلة خمس سنوات.
وكان مجلس النواب، الذي أشرفت الأجهزة الأمنية على تركيبته، قد عمد إلى استدعاء رئيس الوزراء و16 وزيراً، إلى مقر البرلمان على مدار أسبوعين في مستهل فصله التشريعي الجديد، في خطوة تبدو "مسرحية هزلية" أمام الرأي العام، وذلك للاستماع إلى وزيرين منهم في كل جلسة عامة، عن موقف وزارتيهما بخصوص تنفيذ برنامج الحكومة (يوليو 2018 - يونيو 2022).
وقرّر رئيس البرلمان الجديد، حنفي جبالي، استدعاء رئيس الحكومة والوزراء لمناقشة العديد من السلبيات والملاحظات والقصور في تنفيذ برنامج الحكومة في بعض الملفات، وبحث الموقف التنفيذي لكل وزارة مقارنة بما ورد في برنامج الحكومة، والذي حاز على ثقة مجلس النواب في يوليو/ تموز 2018، إعمالاً للمادة الـ146 من الدستور، والمادة الـ126 من اللائحة الداخلية للمجلس.
وفاز جبالي بمنصبه خلفاً لرئيس المجلس السابق، علي عبد العال، الذي لم يشفع له تماهيه التام مع نظام السيسي خلال الفصل التشريعي الماضي، وهو رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق. وجبالي هو صاحب حكم عدم الاعتداد بجميع الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة ببطلان اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" لصالح السعودية، الأمر الذي يدلل بوضوح على مدى موالاته لنظام الحكم القائم.