خطوات ليبية على طريق "توحيد المناصب السيادية": إنهاء الانقسام

خطوات ليبية على طريق "توحيد المناصب السيادية": استعادة الثقة وإنهاء الانقسام

25 يناير 2021
اجتماعات بوزنيقة محاولة للخروج من الأزمة في ليبيا (Getty)
+ الخط -

 

يلحق مسار توحيد المناصب السيادية في ليبيا بمسارات الحل الأخرى التي قطعت أشواطا في اتجاه حلحلة الخلافات التي تقطع طريقها، في وقت لا يزال فيه المسار العسكري يشهد تعثرا مستمراً.

وينتظر خلال الأيام المقبلة أن يفتح وفدا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة باب الترشح للراغبين في شغل المناصب السيادية السبعة المنصوص، عليها في المادة 15 من اتفاق الصخيرات الموقع نهاية عام 2015، بعد توزيعها وفق محاصصة على أقاليم ليبيا الثلاثة، والاتفاق على معايير وآليات اختيار شاغليها، ما يعزز سلسلة التفاهمات التي شهدها الحوار الليبي في المستوى السياسي والاقتصادي، لتمهيد الطريق لخروج البلاد إلى مرحلة انتقالية جديدة تصل بها إلى الانتخابات العامة نهاية العام الجاري.

وقال محمد الرعيض، عضو مجلس النواب المشارك في اجتماع بوزنيقة في المغرب حاليا، أن لجانا شُكلت من وفدي مجلس النواب والدولة للنظر في معايير وشروط تولي المناصب السياسية كل على حدا، مشيرا إلى أن لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء عن كل من المجلسين ستبدأ النظر في منصب محافظ البنك المركزي ونائبه.

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اللجان التي بدأ وفدا المجلسين في تشكيلها ستنظر في المناصب كافة، مؤكدا أن مهام اللجان تنحصر في استقبال المرشحين وأن مهمة النظر والموافقة على شاغلي المناصب السيادية "مهمة أصيلة لمجلسي النواب والدولة".

وفيما لا يرجح الرعيض إعلان المجلسين عن الأسماء الشاغلة للمناصب السيادية إلا بعد انتهاء اللجان السياسية من اختيار سلطة سياسية جديدة وموحدة، أكد أن مدة الشاغلين الجدد لمناصب المؤسسات السيادية ستنتهي بانتهاء مدة السلطة الجديدة بإطلاق الانتخابات نهاية العام، كما قرر ملتقى الحوار السياسي.

إنهاء سنوات من الانقسام

ورغم إعلان المجلس الأعلى للقضاء اعتراضه إدخال المناصب القضائية ضمن المحاصصات الإقليمية في اجتماعات بوزنيقة، إلا أن المحلل السياسي الليبي والمتابع لمسار التفاوض حول المناصب السيادية، مروان ذويب، يؤكد أن نتائج اجتماع بوزنيقة حددت أن منصبي المحكمة العليا والنائب العام سيرشح المجلس الأعلى للقضاء شاغليهما، على أن يكونا من الأقاليم ذاتها التي خُصص لها المنصبان، مشيرا إلى أن هذه الآلية لا تهدد استقلال القضاء.

ومنذ عام 2014، وإثر قرار مجلس النواب اتخاذ مدينة طبرق مقرا له، وانخراطه في الصراع الليبي كواجهة سياسية لحراك اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكري، شهدت المؤسسات السيادية في الدولة انقساماً في هياكلها وإداراتها، بين شرق ليبيا وغربها، ما أدى إلى شلل وعراقيل، خصوصا البنك المركزي، ما ترتب عليه أزمات تتصل بالمواطن فيما يتعلق بغلاء المعيشة وغياب السيولة النقدية وغيرها، ولذا يرى ذويب، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعات بوزنيقة وإن قامت على أساس المحاصصة المناطقية بسبب الخلافات والصراعات، إلا أنها ستنهي سنوات من الانقسام الإداري وتمهد الطرق بشكل أساسي لطريق توحد السلطة السياسية في البلاد.

كان لزاما على ممثلي النواب والدولة تقديم تنازلات تواكب المرحلة

وبحسب اطلاعه على مجريات الحوار في بوزنيقة، يقول ذويب إن خيار المحاصصة وفق التوزيع الجغرافي كرسته الخلافات السياسية والصراع، ولا يمكن تجاوزه، وكان لزاما على ممثلي النواب والدولة تقديم تنازلات تواكب المرحلة، مشيرا إلى أن اجتماعات بوزنيقة خطوة في اتجاه استعادة الثقة بين القادة والأطراف ومن خلال الشروط والمعايير التي وضعتها لمن يسعى لشغل أي منصب سيادي قللت من تداعيات هذه المحاصصة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

المسار العسكري: الأكثر تعثراً

ويبدو أن المسار العسكري هو الأكثر تعثرا، خصوصا بعد انقضاء المهلة التي حددها الاتفاق العسكري، الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في 23 أكتوبر الماضي، لخروج المقاتلين الأجانب أول من أمس السبت.

وبدأت الأمم المتحدة وقوى دولية تدعم جهودها في ليبيا بممارسة ضغط على الأطراف الخارجية المنخرطة في النزاع الليبي لإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد، آخرها تأكيد مجموعة العمل الدولية المعنية بالشأن الأمني في ليبيا، المنبثقة عن مؤتمر برلين المنعقد في يناير عام 2019، التزامها "الكامل والمستمر بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في أكتوبر الماضي مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لرحيل جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا"، بحسب بيان للبعثة الأممية السبت الماضي، والذي يبدو أنها جاءت استجابة سريعة لبيان اللجنة العسكرية المشتركة التي شددت على ضرورة تنفيذ الاتفاق العسكري بالكامل بما فيه إخراج المقاتلين الاجانب.

وفي الأثناء، كشفت مصادر مقربة من أعضاء اللجنة العسكرية 5 + 5 عن مقترح قديم لحفتر يزعم فيه حلحلة ملف المقاتلين الأجانب، مشيرا فيه إلى موافقته على سحب ميلشياته من مدينة سرت.

وتوافقت معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" حول مضمون المقترح الذي طلب فيه حفتر تمديد المهلة إلى 90 يوما إضافية يتم فيها إعادة تموضع القوات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب صفوفه، وتحديدا الروسية.

وحدد مقترح حفتر "ميناء سوسة"، شرق البلاد، و"قاعدة براك الشاطئ"، قريبا من سبها، مواقع لإعادة تموضع القوات الداعمة له كخطوة أولى، ما يعني تشديده على ضرورة أن تشارك الدول الداعمة له، ومن بينها موسكو، في لجان المراقبة الدولية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

وفيما تذكر المصادر أن حفتر طالب أيضا بتراجع القوات التركية الداعمة لقوات حكومة الوفاق إلى قاعدة الوطية، أقصى الغرب الليبي، من دون أن يكون لها وجود في طرابلس ومصراته، تقول إن ممثلي حكومة الوفاق في اللجنة العسكرية المشاركة رفضوا المقترح.

 ويرى ذويب أن "المقترح تقف وراءه موسكو من دون شك، فحفتر لا يملك القدرة على إرغام أنقرة على إعادة توزيع مواقعها في أماكن جديدة"، معتبرا أنه مقترح يعكس تغيرا في مواقف روسيا وربما أيضا تجاوب مع السعي الدولي لحلحلة ملف السلاح ووقف القتال في البلاد.

ويقدر ذويب أن المسار العسكري سيستمر في التعثر في انتظار نتائج المسارات الأخرى، مستشهدا بالاتهامات المتبادلة من جانب قادة طرفي الصراع المحليين.

توتر في ترهونة

إلى ذلك، وفي سياق آخر، شهدت صباح اليوم الاثنين، مدينة ترهونة انتشارا واسعا للوحدات الأمنية التابعة لحكومة الوفاق، بعد موجة من الاعتداءات التي نفذها أهالي أسر المفقودين بالمدينة على ممتلكات أفراد مليشيات اللواء خليفة حفتر المنسحبة من المدينة.

ويؤكد جمعة المرغني، الضابط بمديرية أمن ترهونة، أن فرق الأمن التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق بدأت في الانتشار في طرقات ومداخل المدينة، لضبط وتيرة الأمن بعد الاعتداءات الواسعة من جانب أهالي أسر المفقودين، من بينها إحراق منازل وممتلكات خاصة تعود لأفراد مليشيات الكاني، التي كانت تحكم المدينة لصالح حفتر.

ويؤكد المرغني، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن المديرية فرضت على الأهالي الغاضبين ضرورة الحصول على تصريح لتنظيم أي مظاهرة للمطالبة بحقوقهم بشأن الكشف عن مصير أبنائهم المفقودين.

وجاءت موجة الاعتداءات إثر كشف فرق وزارة الداخلية عن مقابر جديدة في ترهونة، قبل تسليم قرابة 17 جثة لأهاليهم، تم العثور عليها في تلك المقابر، ما أيقظ الشعور بالانتقام لدى أهاليهم، بحسب المرغني، لكنه أكد رفض سلطات المدينة عمليات الانتقام كحرق الأملاك.

وليل أمس، أصدر وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، ووزير الدفاع، صلاح النمروش، أوامرهما بإرسال فرق أمنية تابعة للوزارتين إلى مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، لـ"بسط الأمن والاستقرار ومنع حدوث أي تجاوزات أمنية وضبط النظام بالشارع العام بالمدينة"، بحسب بيان الداخلية.

فيما نقل بيان وزارة الدفاع أوامر النمروش بـ"السيطرة على الموقف ورصد أي محاولة لإثارة القلاقل في المدينة"، داعيا إلى إحالة كل متعد إلى الجهات المعنية ليقول القانون كلمته.