نائل البرغوثي أسير منذ 1977

نائل البرغوثي أسير منذ 1977

25 نوفمبر 2020
وقفة تضامنية مع عميد الأسرى الفلسطينيين (العربي الجديد)
+ الخط -

ببدلة عرسه الذي أقيم قبل تسعة أعوام، تستقبل الأسيرة الفلسطينية المحررة أمان نافع دخول زوجها عميد الأسرى الفلسطينيين الأسير نائل البرغوثي عامه الـ41 في سجون الاحتلال الإسرائيلي (من ضمنها فترة إفراج). تتذكر ذلك اليوم الذي بدأت فيه حياتهما الزوجية في العام 2011 بعد شهر واحد من تحرره من سجون الاحتلال بصفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

إلى جانب بدلة العرس التي وضعتها في صالة الضيوف بمنزلها في بلدة كوبر، شمال غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، في فلسطين المحتلة، كانت مقتنيات نائل البرغوثي في السجن حاضرة، وصور زفافهما، وصوره خارج السجن في فترة لم تمتد أكثر من 33 شهراً، إذ أعيد بعدها اعتقاله إلى جانب قرابة 70 أسيراً تحرروا بالصفقة نفسها، وطبق عليه السجن المؤبد.

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

وبالإضافة إلى كلّ ذلك، وضعت نافع فنجاني قهوة فارغين. تقول لـ"العربي الجديد": "جهزت الفنجانين لأنّني أتوقع عودته إلى المنزل بأيّ لحظة، وضعت ملابس عرسه هنا التي كان يرتديها في عدة مناسبات كنوع من الأمل، وقريباً سيكون معنا، 40 عاماً معظمها في السجن ليست سهلة بالنسبة لنائل أو أهله. نتمنى العام المقبل الاحتفال بالإفراج عنه، بمجهود العالم الحر والناس الأحرار، فالاحتلال لا يفهم غير لغة القوة ونحن نعلم هذا الكلام". تتابع نافع: "حين أطلق سراح نائل بعد 33 عاماً من الاعتقال (أسره الأول كان في نهاية عام 1977)، خرج بصفقة وفاء الأحرار عام 2011، ومعه ألف أسير، لكنّ الاحتلال أعاد اعتقاله مع 70 أسيراً، والآن تجري المطالبة بهم. جاءتنا رسائل بأنّ نائل سيكون قريباً بيننا، وهذا يعطينا أملاً وتفاؤلاً".

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

لحظات كثيرة خلال فترة حريته القصيرة لا تنسى بالنسبة لأمان نافع، فهي وضعت ضمن مقتنياته بطاقة انتسابه إلى جامعة القدس المفتوحة، إذ أصر على التسجيل في جامعة فلسطينية، بعدما رفض طوال فترة سجنه التعلم في الجامعة العبرية المفتوحة وهو ما كان متاحاً للأسرى، لكنّه لم يغفل عن زيادة ثقافته داخل السجن. وتعلق نافع: "كان قاموساً متحركاً". تعلّم نائل قيادة السيارة والتحق بالتعليم الجامعي، واعتنى بالأرض، وزرعها بالأشجار المثمرة لكنّه لم يستطع أكل ثمارها بسبب اعتقاله.

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

خارج المنزل، كانت السيدة حنان، أم عناد، شقيقة نائل البرغوثي، تقطف حبة ليمون من شجرة زرعها عميد الأسرى بنفسه قبل إعادة اعتقاله، تذكّرها تلك الشجرة، كما تقول، بشجرة أخرى نالها الاقتلاع من جرافات الاحتلال التي هدمت منزل العائلة القديم، وهي الشجرة التي كان نائل "أبو النور"، كما يحب أن يسمي نفسه، قد أعطاها لأمه كبذرة من سجنه، وكان يصرّ على أن تسقيها والدته بماء يخرجه معه من كلّ سجن ينقل إليه وتزوره فيه، بل أعطى شقيقته حنان تراباً من سجن نفحة ليضعه على جذور شجرة الليمون تلك بعد وفاة والدته وهو أسير. وما زال نائل يسأل في كلّ زيارة لأفراد أسرته له عن حديقته الصغيرة قرب منزله التي استصلحها وزرعها بالأشجار، ويخص شجرة الليمون، التي زرع إلى جانبها شجرة أرز أهداها له ابن شقيقته حنان، وقد اعتقله الاحتلال أيضاً. تقول حنان: "أرى شقيقي وابني متجاورين حين أنظر إلى الشجرتين".

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

"حلم سريع"، هي العبارة التي تصف بها العائلة الأشهر التي قضاها عميد الأسرى نائل البرغوثي خارج سجون الاحتلال، لكنّها أعادته طفلاً يجلس مع أشقائه وأبنائهم يلاعبهم ويتحدث إليهم... حلم سرعان ما انتهى، وبقي الأمل لدى العائلة بأن يفرج عنه قريباً.

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

أمام منزل العائلة، نظمت مؤسسات دعم الأسرى وقفة إسنادية للبرغوثي، الإثنين الماضي، بمناسبة دخوله العام الـ41 في المعتقل. عشرات شاركوا، على رأسهم أهالي الشهداء والأسرى، خصوصاً عائلة شقيقه الأسير المناضل عمر البرغوثي، التي استشهد ابنها صالح واعتقل ابنها عاصم عامي 2018 و2019، وشقيقته حنان التي اعتقل أبناؤها. تقول العائلة في كلمة: "نحن عائلة قدمت وما زالت تقدم كما هي حال بلدة كوبر".

الصورة
الأسير نائل البرغوثي- العربي الجديد

وإلى جانب رسالة العائلة للإفراج عن نائل، عميد الأسرى الفلسطينيين، كانت الوقفة تحمل رسائل مشابهة، إذ وجه رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس رسالة للحركة الوطنية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية قائلاً فيها: "من حق نائل وعائلته وأهالي كوبر أن يكونوا فخورين به". وتابع فارس: "لكن بعد 41 عاماً من السجن، هل على الحركة الوطنية أيضاً أن تعتز وتفتخر؟ على الحركة الوطنية أن تضع في استراتيجية عملها تحرير الأسرى في مقدمة الأهداف، فصحيح أنّ رعاية الأسرى وأسرهم مسألة دونها كلّ شيء ولا يسمح بالمساس بها، لكنّ المطلوب العمل على تحرير الأسرى".

وذكّر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر بالأسرى القدامى الذين أخلف الاحتلال تعهداته بالإفراج عن الدفعة الرابعة منهم بعد اتفاق مع الولايات المتحدة والاحتلال للإفراج عنهم على أربع دفعات، ما ذكّر باعتقال الاحتلال لمعظم المحررين في صفقة وفاء الأحرار في الضفة، قائلاً: "هؤلاء الأسرى هم الذين أوجعوا الاحتلال وحكم عليهم بالمؤبدات". وحول ملف رواتب الأسرى والمحررين، قال أبو بكر: "هناك من يتوهم أنّ انتخاب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن يفتح بوابة أمل، لكنّه في حملته الانتخابية حين سئل عن الأسرى قال إنّه مع قطع رواتبهم، وقبل 35 عاماً في كلمة له أمام الكونغرس، قال: لو لم تكن إسرائيل موجودة، فعلى أميركا أن توجدها". يتابع أبو بكر: "هناك مؤامرة واسعة على الأسرى، سواء المحررين أو الأسرى داخل السجون لقطع رواتبهم، لكن نحن حالياً قطعنا شوطاً لاستيعاب الأسرى المحررين في المؤسسات، فيما الأسرى في السجون خط أحمر لا يمكن أن نساوم على حقوقهم، لكن ربما تتبدل آلية الدفع، فهناك مصرف جديد تم تأسيسه، وهناك وسائل أخرى يمكن أن تبتكر، لكنّ حقوق الأسرى الوطنية والثورية ثابتة".

المساهمون