رحيل أحمد سهوم: حياة مع الملحون

رحيل أحمد سهوم: حياة مع الملحون

14 نوفمبر 2020
أحمد سهوم (يسار الصورة)
+ الخط -

"كان الملحون ولا يزال قضيّتي الأُولى والأخيرة. لذا فإنَّ همّي الوحيد هو أن أنقل إلى الناس ما عرفته وفهمته منه"... لعلّ هذه الجملةَ، التي وردت ضمن لقاءٍ له مع صحيفة محلّية بدايةَ التسعينيات، تُلخّص علاقة الفنّان والباحث المغربي أحمد سهوم بالملحون؛ هذا الفنّ الشعري الغنائي الذي كرّس له حياته، فبات كلاهُما مرتبطاً بالثاني.

في اللقاء، الذي أُجري بمناسبة صدور كتابه "الملحون المغربي" (منشورات شؤون ثقافية، 1993)، بدا سهوم، الذي رحل أول أمس الخميس، مستاءً من الإهمال الذي لقيه هذا الفنُّ المرتبط بالشعر والموسيقى الأندلسيَّين، فراح يُحذّر من اندثاره تارةً، ويُوجّه سهام نقده اللاذع إلى شعراء وباحثين، يذكُرهم بالاسم، قال إنّهم ادّعوا الريادة في هذا المجال، بينما لم يعْدُ ما فعلوه أن يكون انتحالاً لجهود غيرهم وطمساً للروّاد الحقيقيّين.

إحدى المآخذ التي يحملها سهوم على غيره من الباحثين تتمثّّل في إسقاطهم على الملحون ما أسماها "المفاهيم المدرسية" التي قرأوها عن الشعر العربي الفصيح، أيّ أنهم تعاموا مع هذا الفنّ من خلال مفاهيم ونظريات تخصُّ فنّاً آخر، بينما اعتبر أنَّ كتابه يعتمد وسائل علميةً من داخل الملحون نفسه.

لكنَّ سهوم نفسه لن يسلم من انتقادات المتخصّصين بعد صدور كتابه الذي أرّخ فيه لفنّ الملحون، ذاكراً أنه بدأ في العصر السعدي مع الشيخ عبد الله بن احساين، وهو قولٌ مخالفٌ لتراجم سابقةً تذهب إلى أنّه عاش خلال العهد المريني؛ حيثُ تساءل هؤلاء، ومن بينهم الباحث نور الدين شماس في دراسة له، عن الإشارات التي استند إليها سهوم في قصائد بن احساين وشعراء آخرين ليستدلَّ بأنهم عاشوا في عصر معيّن وليس في عصر آخر، وعن سبب عدم نشره تلك القصائد في كتابه.

وُلد أحمد سهوم في فاس الجديدة عام 1936، وكان أبوه عازفاً على آلة الكمان. ويبدو أنَّ نشأة الابن في بيت جارةٍ لهم كانت مولعةً بالفن والأدب وجعلت من بيتها منتدىً ثقافياً كان لها دورٌ في تعلّقه بالشعر منذ طفولته. وسرعان ما ضمّّه الشيخ إدريس العلمي، إلى تلاميذه، بعد أن سمعه يُنشد إحدى القصائد فأُعجب بصوته وأدائه.

في الخمسينيات، انتقل إلى مدينة سلا؛ حيث أسّس مع عدد من الشعراء أوّل ناد للملحون في المدينة، وفي العام 1957، التحق بالإذاعة الوطنية في الرباط، والتي قدّم فيها عدداً من البرامج التي تُعنى بالتراث، والملحون خاصّة، من بينها: "البيت السعيد"، و"أغاني الصباح"، و"مشاهد باسمة"، و"مع التراث"، و"إطلالة على التراث"، و"ركن الأدب الشعبي". وفي الفترة نفسها، قدّم برنامجاً على التلفزيون المغربي باسم "التراث الحي"، قبل أن يُغادر الإذاعة والتلفزيون في نهاية السبعينيات ويتفرّغ للبحث في الملحون والكتابة فيه، وقد نُشرت قصائدُه تحت عنوان "ديوان أحمد سهوم" ضمن "موسوعة الملحون" التي تُصدرها "مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية".

المساهمون