رولا حمادة... مشهدان ووجعان بين لبنان وفلسطين

رولا حمادة... مشهدان ووجعان بين لبنان وفلسطين

07 نوفمبر 2020
لعبت حمادة دور مريضة بالسرطان في مسلسل "من الآخر" (المكتب الإعلامي)
+ الخط -

أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في مجال التمثيل ولائحة طويلة من الأدوار الناجحة والمتنوّعة جعلت من رولا حمادة اسماً يُجمِع كثيرون على محبّته واحترامه، بعدما اقترن بمجموعة كبيرة من الأعمال الدرامية وأكثرها رسوخاً في الذاكرة التلفزيونية.

هكذا ترافق أحدث أدوارها الدرامية ضمن مسلسل "من الآخر" مع ثناء من الجمهور والنقّاد، بعدما أدّت شخصية امرأة تصارع مرض السرطان بفرح وثبات، لتشكّلَ من خلال هذا الدور نموذجاً عن كثيرٍ من النساء اللواتي يقاومن المرض ويواجهن تبعاته النفسية والاجتماعية بشجاعة.

عن هذا الدور تقول الممثلة اللبنانية، في مقابلة خاصة لـ "العربي الجديد": "سعيدة لأن هذه الشخصيّة شجّعت الناس على مشاركتي قصصهم الخاصة في كل الأماكن الافتراضية منها والحقيقي؛ في الشارع سيّدة تستوقفني تسألني من أين اشتريت وشاح الرأس لأنها فقدت شعرها وتبحث عن مثيل له. وفي مواقع التواصل الاجتماعي أتلقى رسائل وتعليقات كثيرة من أشخاص اختبروا المرض أو عايشوه... إنه شعور غامر بتشارك قصص الناس وحثّهم على البوح".

سينما ودراما
التحديثات الحية

وتعترف بأن تفاعل الناس مع شخصية "منى" ضمن مسلسل "من الآخر" (كتابة إياد أبو الشامات، إخراج شارل شلالا وإنتاج الصبّاح) يجعلها واثقة من أن الرسالة المقصودة من وراء هذا الدور وصلت إلى الجمهور، ومفادها أن "المرض قد يصيب أي إنسان وفي أي عمرِ كان. والمهم هو أن نواجهه وألا نستسلم له".

وعن المشاهد الصامتة في هذه المواجهة بين رولا حمادة و"الخبيث" التي أفضت إلى أداء تمثيلي عالي المستوى، تقول: "الكلام يضيّع أحياناً ما يجب إيصاله من خلال المشهد، ويكون الصمت أقوى بكثير وأبلغ من الكلام". وتضيف: "المخرج شارل شلالا كان لديه هذه الرؤية، وهو قلّص الكلام في كثير من المشاهد وليس في مشاهدي وحسب، لا سيما أن دوري يرتكز على مشاعر داخلية أكثر من ما يفعل على الكلمات. والأشخاص الذين يمرّون بتجارب قاسية وقوية يصبحون مضطرّين أحياناً إلى كتم أوجاعهم عن أحبائهم كي لا يسببوا لهم الألم، فنجد محيطهم يبكي عنهم، ويصبحون هم المضطرّين لمُواساتِه".

وترى أن "هذا تطوّر جميل يُسجَّل للدراما التلفزيونية إذ انتقلنا من مشاهد تتضمّن أربع صفحات حوار إلى مشاهد صامتة تماماً. وهذا أمر مشجّع لا يمكنني أن أصفه إلا بمقارنته بالنهج الخاص الذي أتبعه كممثلة، إذ أعتبر أنه يجب ألا أبكي في المشهد مثلاً، لأن دموعي ستريح الناس. في المقابل، عندما تكون دموعي وألمي محسوسين ولكنني لا أبكي، ستنزل بالتالي دموع المشاهدين، وهذا هو الرهان الأصعب. فالكاتب إياد أبو الشامات وضع أساساً جميلاً جداً لكل الشخصيات على الورق، ما سمح للمخرج بإدارة الممثل بطريقة تظهر فيها الشخصيات على أنها جزء من الواقع، حاملةً قطعةً من الحقيقة. ولذلك استمتع الناس برؤية المشاهد، وفي الوقت نفسه تناقلوا أيضاً عبارات وردت على لسان الشخصيات وكأنها حكَم حياتية عميقة وحقيقية، وهذا ما مؤشر على تناغم فريق المسلسل وتكامله نصاً وصورةً وأداءً".

وعن سبب غياب البيوت الفقيرة عن صورة العمل رغم تركيزه على الضائقة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد، تجيب: "لو كانت عائلة تسكن بيتاً جميلاً فيه أغراض ثمينة وفجأة قام المصرف بحجز أموالها وفقد أفرادها وظائفهم، هل يعني ذلك أن منزلهم لم يعد جميلاً أو أملاكهم الثمينة اختفت؟ بالطبع لا وبالتالي المنازل الفخمة لا تعكس بالضرورة الوضع الاجتماعي الحالي لقاطِنيها".

وعن مرور العمل على الانتفاضة اللبنانية بشكل خفيف من دون التعمّق في أحداثها وخلفياتها، ترى حمادة أن "تناول الثورة في المسلسل ولو بشكل جانبي أمر جيّد لأنه يضع العمل في إطار زمني ومكاني محدّد. فمن المبكر للدراما اللبنانية أن تتناول الانتفاضة وتتحدّث عنها بشكل كامل. ولكن من الجميل أن المسلسل ذكر الثورة على أنها واقع نعيشه ولم يقم بتهميشها أو بتصويرنا على أننا منفصلون عن الواقع أو الحياة بل على العكس تماماً".

ورولا حمادة المتصلة بقضايا زمنها وهموم مجتمعها حملت أيضاً الوجع الفلسطيني في آخر أعمالها المسرحية بعنوان "رسالة إلى آن فرانك" حيث جسّدت شخصية امرأة فلسطينية يهدم الاحتلال الإسرائيلي منزلها مراراً ولكنها لا تنفكّ تنكبّ على إعادة بنائه حجراً حجراً.

وعن موقفها إزاء القضية في ضوء ما يجري أخيراً من موجة تطبيع عربية تقول: "بالنسبة لي، فلسطين هي فلسطين والعدو الصهيوني لن يتغيّر اسمه وسيبقى (العدو) إلى أن تتحرّر فلسطين. هذا موقفي منذ زمن بعيد، وهو كذلك اليوم، ولن يتغيّر بعد 100 عام".

وعن بيروت التي تلملم بدورها حجارتها بعد انفجار المرفأ المدوّي في 4 آب/ آغسطس الماضي، تقول: "لبيروت قصة مختلفة. وما زلنا إلى اليوم لا نعلم من يقف خلف تفجير المرفأ والتحقيقات لم تفضِ إلى معرفة الحقيقة بعد. ولكن في مقابل الدمار كان هناك إعمار على أيدي الشباب الذين لموا الحجارة والركام بأياديهم وقاموا بتنظيف الشوارع وإعادة البناء، وهذا أمر مؤثر جداً وجميل لأن هذا البلد لم يعطِ للشباب مكاناً، وبعد الانفجار قاموا هم بإيجاد مكانٍ لأنفسهم، وذلك في الشوارع والأحياء التي كنسوها بأنفسهم ليساهموا بالنهوض بالمدينة وإعادة بنائها على أمل أن ما سيبنيه الشباب سينتج منه مدينة تشبههم أكثر وتحاكي تطلعاتهم وطموحاتهم".

المساهمون