المهرجانات الفنية العربية في فخ السجادة الحمراء

المهرجانات الفنية العربية في فخ السجادة الحمراء

30 أكتوبر 2020
ظهرت ليلى علوي بموقف ضعيف في ردها على سؤال حول "الذكورية" (جوناثان رشاد/Getty)
+ الخط -

من الواضح أن العوامل التجارية والتسويقية تلقي بثقلها على كل ما يُسمى مهرجانات فنية، موسيقية أو سينمائية، والواضح أكثر أن الاعتماد على النمطية والتقليد بين عام وآخر بات يُشكل الهدف بالنسبة للمموّل أو للمنظمين، فضلاً عن سيطرة الهوامش على المحتوى المفترض أن يتحلى به الحدث.

يحاول بعض منظمي المهرجانات الفنية العربية اللحاق بأسلوب المهرجانات العالمية التي تنقل صورة حقيقية عن مجتمع "النجوم"، وتسعى لكسب سبق هو الآخر تقليدي، يتمثل باستغلال السير على السجادة الحمراء يوم الافتتاح وتهافت وسائل الإعلام على التقاط صورة، أو تصريح للضيفـ/ـة القادمين بكامل أناقتهما التي تتحول اليوم خلال دقائق إلى حديث مواقع التواصل المفترض أنها تتابع يوم الافتتاح مباشرة.

ربما من غير المهم العودة إلى تاريخ السجادة الحمراء وفكرتها. لكن في فبراير/شباط عام 2019 طرحت شبكة "سي أن أن" سؤالاً لقرائها عن حجم معلوماتهم عن تاريخ السجادة الحمراء. وقالت الشبكة الأميركية إن السجادة الحمراء تسبق جوائز "أوسكار" بأكثر من 2400 سنة، على الأقل. وتجسيدها في العصر الحديث، المرتبط بالثروة والبريق والشهرة، هو أبعد ما يكون عن بداياتها التي وصفتها بـ"المميتة".

هكذا انتقلت فكرة السجاد الأحمر إلى الدول العربية، وتحولت مع الوقت إلى تقليد لا يخرج عن كونه غربياً، وتحولت حالياً إلى ما يشبه المساحة المختلفة للرأي والتصريحات، خصوصاً أن وسائل الإعلام في هذه الفعاليات الفنية تكون مجندة لرصد أدق التفاصيل المتعلقة بالمشاهير، بدءاً بالأزياء، إلى تسريحات الشعر والتجميل، وصولاً إلى التصريحات "النافرة" التي تثير الجدل، أو كمحاولة لشد عصب المتابعين.

اختصر "مهرجان الجونة السينمائي" الذي بدأ فعالياته قبل أيام مشهداً ساذجاً لا يقف عند حدود الأزياء الغريبة التي ارتدتها الممثلات، بل على أسئلة كثيرة من وراء هذا العرض القائم على الترويج لمدينة سياحية يحاول مالكها القيام بإعلان سنوي عبر استغلال بريق الفنانين، في حين أن الفنانين أنفسهم يشكلون المادة الدسمة للصحافة والإعلام.

لكن يغيب عن بال بعض هؤلاء القدرة على استيعاب بعض المواقف، والتعاطي مع الفعالية بطريقة مسؤولة، تزيد من إنسانيتهم وليس العكس، لكن ذلك لم يحصل، وظهر التباين بين الفنانين والإعلام الذي حاصر المكان، لكسب مادة مثيرة للتفاعل، بعيداً عن أي هدف يروي تفاصيل الأفلام المعروضة أو المتداولة ولا الحديث عن الجوائز، أو المباريات بين الممثلين، ولا مواقيت حضور الندوات السينمائية المفترض أن تكون مرافقة للحدث، أو ما يُعرف بمهرجان السينما.

هذه الصورة ظهرت واضحة قبل أيام في الجونة، واستطاعت أن تخطف بريق الممثلة ليلى علوي التي لم تتقن أو تدرك ردها على سؤال: هل فعلاً نعيش واقعاً "ذكورياً"؟ ولم تكن إجابات مواطنتها ياسمين صبري أفضل حالاً حول "رأيها" بفيروس كورونا، ولا حتى موقف رانيا يوسف عن أن الإنسان منذ وجد كان يحارب الديناصورات! وهنا تقع الملامة على الفنانـ/ـة بالدرجة الأولى، الفاقد لأدنى تفاصيل الثقافة العامة التي أصبحت متوفرة للجميع وفق التقنيات الحديثة.

المساهمون