لبنان: رفوف المتاجر الخالية تعرقل مقاطعة البضائع الفرنسية

لبنان: رفوف المتاجر الخالية تعرقل مقاطعة البضائع الفرنسية

27 أكتوبر 2020
تعاني الأسواق من تردّي الأوضاع الاقتصادية وتداعيات كورونا(فرانس برس)
+ الخط -

تشهد العديد من دول المنطقة العربية، ومن ضمنها لبنان، احتجاجات غاضبة ودعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية، رداً على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي وُضِعَت في خانة المسيئة للإسلام، وذلك على خلفية قتل وقطع رأس أستاذ التاريخ صامويل باتي، بالقرب من مدرسة كوليج دو بوا دو لون، في فرنسا، بعد عرضه على تلامذته رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد خلال درس عن حرية الرأي.
ودعا الأمين العام لدار الإفتاء في لبنان أمين الكردي، في منشور على صفحته عبر "فيسبوك"، "جميع الأحرار في لبنان والعالم للاستمرار في حملة مقاطعة البضائع الفرنسية حتى يرجع المعتدون على رسولنا عن غيهم وعدوانهم". 
وعلى الصعيد الشعبي، أقيمت مسيرات في مناطق لبنانية احتجاجاً على تصريحات ماكرون، أبرزها في طرابلس بشمال لبنان.

ففي وقتٍ برزت دعوات كثيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة المنتجات الفرنسية في لبنان، بيد أنّ هذه الخطوة لم تكن لها ترجمة ميدانية مؤثّرة، لعوامل عدّة، أهمها أنّ السلع الفرنسية والأوروبية بشكل عام وتلك المستوردة من الخارج تعاني من شحّ كبير في السوق اللبناني، ولا سيّما في المناطق البعيدة من العاصمة والمدن الأكثر فقراً، ومنها طرابلس، نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والنقدية، وتداعيات أزمة الدولار، مع فقدان العملة الوطنية لأكثر من 80% من قيمتها، مقابل ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوبي، ولا سيما غير المحليّة.
ما جعلَ مشهد الرفوف الفارغة في السوبرماركت من المشاهد اليومية منذ سنة تقريباً وحتى اليوم، وبدأ المستهلك اللبناني يبحث عن السلع الأرخص، وخصوصاً المواد الغذائية التي تعدّ من الحاجات الأساسية اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها، فبات خياره ميالاً إلى السلع المحلية. كذلك، شهد لبنان في الفترة القليلة الماضية، انسحاب ماركات عالمية، منها فرنسية، من السوق.
يقول وزير الدولة السابق لشؤون التجارة الخارجية في لبنان حسن مراد، لـ"العربي الجديد"، إنّ الغلاء المعيشي أوصل أسعار المنتجات الأجنبية، ومنها الفرنسية، إلى أسقف خيالية، دفعت التجار أو المواطنين إلى عدم شرائها، وحتّمت التفكير بتصدير منتجات لبنانية إلى فرنسا، منها الأسمدة الزراعية، والنبيذ، وغيرهما، بهدف جلب المال والعملات الصعبة إلى السوق اللبناني.
يشير مراد إلى أنّه لا يمكن مقاطعة مواد غذائية أو مأكولات أو سلع عادية في وقتٍ نشتري سيارات أو قطعا ميكانيكية، أو حتى طائرات، فهذه المقاطعة ليست موجعة بالنسبة لفرنسا إلّا في حال التزم بها الجميع بمختلف القطاعات، معتبراً أنّ ردود الفعل تبقى في إطار إظهار الغضب الشعبي، وإسماع الصوت عالياً للرئيس الفرنسي.

وتحتل فرنسا المرتبة السابعة في قائمة المورّدين إلى لبنان، إذ بلغت حصّتها في السوق اللبناني 3.38% عام 2018، بحسب بيان منشور على موقع السفارة الفرنسية في بيروت، قالت فيه إنّ قيمة الصادرات الفرنسية الى لبنان بلغت 748 مليون يورو في عام 2018، في حين بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى فرنسا 54 مليون يورو، بحيث سجّلت فرنسا فائضاً تجارياً بقيمة 694 مليون يورو، وارتفع عدد المنشآت الفرنسية المصدَّرة إلى لبنان من 4558 منشأة في عام 2016، إلى 4707 منشآت في عام 2017.
ووصل مخزون الاستثمارات الفرنسية المباشرة في لبنان إلى 612 مليون يورو في عام 2017، مقابل 295 مليون يورو في عام 2010. ومن ناحية أخرى، يسجّل مخزون الاستثمارات اللبنانية في فرنسا ارتفاعاً منذ عدّة سنوات، إذ وصل في نهاية عام 2017 إلى 3 مليارات يورو تقريباً.
وفي أحدث الإحصاءات، يقول الباحث في "الدولية للمعلومات" (شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية مستقلّة)، محمد شمس الدين، لـ"العربي الجديد"، إنه في عام 2019، استورد لبنان بقيمة 769 مليون دولار وصدر إليها بقيمة 52 مليونا، وحتى نهاية أغسطس/ آب 2020، استورد بـ232 مليون دولار وصدر بـ20 مليون دولار.

المساهمون